الشيخ عبد الحميد: الإيمان بالله تعالى والأعمال الصالحة والتحلّي بالأخلاق الحسنة من أرفع القيم وأسباب فلاح البشر وسعادته

الشيخ عبد الحميد: الإيمان بالله تعالى والأعمال الصالحة والتحلّي بالأخلاق الحسنة من أرفع القيم وأسباب فلاح البشر وسعادته
molana_25بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان خطبة هذه الجمعة بتلاوة قول الله تعالى ” وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ”، ثم أردف قائلا: في الأوضاع الراهنة في العالم وكذلك في الأزمنة الماضية كان الإنسان أمام قوتين متصارعتين وجاذبتين متناقضتين، إحداهما جاذبة الدنيا ومتاعها التي تجذب الإنسان إليها ولذلك نرى في كل إنسان رغبة وميلا إلى الدنيا، وداعية لبذل كل هم وغم لأجلها، وهو يحسب أنه يصل إلى الفلاح  والنجاح بهذا.

هذه الدواعي التي تدفع الإنسان للوصول إلى الدنيا والمال، هي السبب لقتل آلاف من الناس في العالم، والبشر يواجه اليوم في اكتسابه الماديات وتحقيق شهوات النفس صعوبات ومشكلات كثيرة.
لكن هناك قوة جاذبة أخرى في الإنسان، وهي قوة التدين والإيمان والعمل الصالح والأخلاق الحسنة وكل ما بعث لأجله الرسل وأوحى الله إليهم لسعادة البشر.
في الحقيقة دعا الأنبياء المرسلون وأتباعهم والصالحون في التاريخ الأممَ إلى هذه القوة والجاذبة وخاطبوهم بأنكم أيها الناس أفضل وأرقى بكثير من أن تغرم بالماديات التافهة، وأيها الإنسان مكانتك أرفع من أن تهلك نفسك في سبيل تحقيق شهواتك.
أيها الإنسان! إعلم أن أعلى القيم وأسماها هي الإيمان بالله والاعتقاد به والتعلق معه. وأعلى قيمك العمل الصالح، والأخلاق الحسنة، فعليك بتحلية أخلاقك وتخلية نفسك من الرذائل، وأبعد عن نفسك التكبر والعجب والبخل والحرص وحب المال، وزيّن وجودك بالإيثار والمؤاساة والتوكل والصبر والاستقامة على الله، واصبر على تعاليم الرب تبارك وتعالى واستقم على ترك المنكرات والمعاصي التي تدعوك إليها.
أيها الإنسان! كرامتك وعزتك في أن تقيم علاقتك مع الرب وتتصف بصفات الملائكة ومن في الملأ الأعلى، واعلم أنك تسقط في أسفل السافين إن صرت عاشق الدنيا وأغرمت بالمنصب والماديات. وإن هذه الدنيا وما فيها من المال والمتاع إنما خلقت لأجلك ولكنك لم تخلق لها بل خلقك الله لتعبده وتقيم صلتك معه.
واعلم أن هذه المساكن والمراكب والأموال لا تليق بأن تملأ قلبك وبأن تهمل الشريعة والطريق المستقيم لأجلها.
انتبه أن مكانتك أرفع من جميع هذه. أنت تستطيع أن تملأ الدنيا نورا وهداية وأن تنقذ العالمين من النار.
وأضاف فضيلته: كانت هذه دعوة الأنبياء والصالحين عبر تاريخ البشر. وعندما قبل المسلمون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وصلوا إلى أعلى درجات العزة والكرامة والقيم الإنسانية العالية في العالم، وعلموا الدنيا درس الإيمان والأخلاق والشجاعة والفتوة والحرية، واستقر خوف الله وخشيته في قلوبهم، وخافهم الدنيا واستقر الإنسانية في الصراط المستقيم من حياته.

علينا أن نعبد الله ونتوكل عليه:
واستطرد قائلا: الطريق الوحيد لفلاحنا أن نرجع إلى الكتاب والسنة ونغيّر مجرى حياتنا، ونعبد الله ونتوكل عليه ونستقيم في عبادته، وننقذ أنفسنا ونسعى لإنقاذ البشرية التي غرقت اليوم في مستنقعات عبادة المادة والمنكرات والمعاصي.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: البشر في العصر الراهن يطالب حرية مطلقة وأن لا يتقيد بقانون، مع أن الحرية الحقيقية لابد أن تكون في إطار الشريعة الإسلامية.
البشر في العصر الحاضر يتبع السعادة لكنه انحرف عن طريق السعادة، لأجل ذلك من واجبنا أن نحرس قوانين الرب وتعاليمه، وأن ندعو البشر إلى الله تعالى.

نعين جزءا من ليالينا لعبادة الله والتضرع والتوبة والاستغفار:
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: إن أولياء الله وأحباءه لم يكونوا يقضون كل الليل في الاستراحة والنوم، بل كانوا ينامون جزاء قليلا من الليل ويقومون بالعبادة في الأجزاء الأخرى. الذين استيقظت ضمائرهم وتمكّن خوف الله في قلوبهم، والذين عرفوا رسالتهم وأدركوا غاية حياتهم، هكذا كانوا يقضون حياتهم. اليوم إن كنا لا نقدر على عبادة الليل كلها فلنخصص جزءا منه للعبادة.
الطلبة والحفاظ والعلماء والشعب المتدين لا يبنغي لهم أن يقضوا كل الليل في النوم، بل عليهم أن يقوموا بالعبادة والتضرع والاستغفار أيضا.

عندما نقوم للصلاة لابد أن نتوجه إلى الله بكل الوجود:
وقال إمام وخطيب أهل السنة: عندما نقوم لأداء الصلاة يجب أن نتوجه إلى الله تعالى بكل وجودنا، وأن نحضر أمام الرب بالتضرع والعجز، فكل مصلّ يناجي ربه، ومن المؤسف  أننا نقوم للصلاة دون أن يكون قلبنا متوجها إلى الله. لساننا يناجي الرب ولكن القلب غافل. هذه المناجاة والتضرع غير مقبولة عند الله تعالى.
إنما يريده الرب منا هو أن نكون متوجهين إلى الله بقلوبنا. يقول الله تعالى واصفا عباده: “رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ”.

الجلسة السنوية للطلبة الجامعيين السنّة ستعقد مؤجلا:
وفي قسم آخر من خطبته، أعلن فضيلة الشيخ عبد الحميد تأجيل إقامة الجلسة السنوية للطلبة الجامعيين السنّة نظرا إلى بعض المشاكل والأعذار، مؤكدا تفويض موعد هذه الجلسة إلى موعد آخر.
وشدد فضيلته على إقامة الحفلة التي كانت من المقرر عقدها يوم الخميس 28 ربيع الأول المنصرم، في موعد آخر في المستقبل، قائلا: نحن لم نُلغ هذه الجلسة، بل إننا نظرا إلى بعض الأمور والمشاكل والأعذار انصرفنا عن إقامتها في الوقت المقرر، وسنعقدها إن شاء الله مع التأخير، وسنعلن الموعد الجديد لإقامتها في القادم.
وتابع خطيب أهل السنة مشيرا إلى الحرية المذهبية كأحد الحقوق المدنية لأهل السنة: نحن نعتبر الحرية المذهبية والمساواة حقنا من حقوقنا القانونية، ونعتقد أنه حق كل إنسان في أي مجتمع، ونطالب بالأخوّة بين كافة الفرق الإسلامية، ونعتقد أن هذه الأخوّة لن تتحقق بالشعارات والهتافات الجوفاء، بل بالاحترام للقانون وحقوق المواطنة.
وأضاف فضيلته: لا شك أننا نصل من القول إلى العمل ومن الشعار إلى الشعور إذا احترمنا القانون وركزنا على المساواة بين الفرق الإسلامية وكافة المواطنين في إيران.
واستطرد قائلا: نحن نطالب أن لا تكون التمييزات في بيئة البلاد، وأن تسود المجتمع الأخوّة والمساواة، ونعتقد أن المساواة والأخوّة تثمر التضامن والمؤاساة، وتضمن لكافة المواطنين من أتباع المذاهب والفرق المختلفة الأمن والراحة.
وأشارفضيلته إلى الحرية المذهبية كمطلب إجماعي بين كافة المواطنين السنة في أرجاء إيران قائلا: إن مطلوب كل واحد من أهل السنة في إيران أن يتمتع بالحرية المذهبية في إطار الدستور، وإنهم يرجون جميعا أن لا تفرض الآراء الشخصية وأن لا تسلب حرياتهم القانونية.

إذا كانت العلوم العصرية و العلوم الدينية معا، تكون سببا لفلاح البشر وسعادته:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبة الجمعة إلى أن تعلم العلوم العصرية إذا كان مقارنا مع الدين سيكون مفخرة للمجتمع البشري قائلا: لن يحصل مجتمع على  السعادة والعزة إلا أن يدرس أهله العلوم العصرية بجنب العلوم الشرعية والدينية. هذان العلمان إذا كان تعلمهما معا يضمنان سعادة الدنيا وفلاح الآخرة.
وأضاف فضيلته: الحمد لله لقد وفّر الله تعالى للمسلمين مجال تعلّم هذين العلمين وأن يتقدما ويحصلا على الرقي والتطور.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: من الحاجة أن يبادر طلبة المدارس الدينية إلى تعلّم العلوم العصرية بعد تخرجهم، ويتعلّم طلبتنا الجامعيون أيضا العلوم الشرعية بعد التخرج من جامعاتهم، وأن يتعرفوا على المزيد من تعاليم القرآن والسنة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات