اليوم :6 October 2024

زيادة الضغوط على أهل السنة في إيران

زيادة الضغوط على أهل السنة في إيران
iran-sunniعندما نلقي نظرة مستعجلة في الأحداث التي مرت خلال الأسابيع الماضية، ندرك جيدا تضييق نطاق الضغوط على أهل السنة والجماعة في إيران أكثر من قبل، ونشعر بوضوح كيف يتربص عناصر وتيارات متطرفة، الفرص لفرض سلائقهم الشخصية عليهم؛ الأمر الذي يتعارض تماما مع المصالح الوطنية وما ورد في الدستور من حقوق الشعب.

الضغوط في هذه المرة بدأت من طهران العاصمة، حيث منع أهل السنة الساكنين في العاصمة المحرومون من مسجد واحد فقط لعبادة الله الواحد، من قبل السلطات الأمنية من إقامة صلاة العيد في المنازل والأماكن المخصصة لها.
القضية أثارت قلقا بالغا في أهل السنة وكثير من مثقفي الشيعة، رغم أن رئيس محافظة طهران تعجل في إنكار هذا الحظر بتقديم قائمة غريبة من الأماكن التي يقيم فيها أهل السنة صلواتهم، ولكن حضور رئيس مدينة “قدس” شخصيا ومنعه من إقامة صلاة الجمعة في “شهرك دانش” الواقعة في طهران لأهل السنة في الثامن من ذي القعدة، أتى كتأييد آخر لتقارير المصادر السنية بشأن منع السلطات من إقامة العيد وإغلاق الأماكن أو المنازل التي تقام فيها الطقوس المذهبية.
مما فوجئ به الجميع وزادهم عجبا، هو جهالة رئيس المحافظة بالنسبة إلى هذه التصرفات  وفرض حظر السفرعلى فضيلة الشيخ عبد الحميد ومصادرة الأمتعة الشخصية لسماحته والوفد المرافق له في مطار طهران الدولي.
أغرب من ذلك أن الحاج عبد الرحيم صهر فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في زاهدان وأحد مرافقيه في سفر تركيا، يتم استدعائه إلى محكمة في طهران ليرد إليه  الكمبيوتر المحمول الذي تمت مصادرته أثناء عودتهم من سفر تركيا، ولكن سرعان ما يبتلى بمصير الكمبيوتر! حيث يعتقله السلطات، ولم يزل في المعتقل.
ثم حادثة احتجاز جوازات السفر لبعض كبار العلماء من السنّة في إيران، في مطار طهران الدولي، ومنعهم من مغادرة البلاد، واستدعاء فضيلة الشيخ “عبد الرشيد شه بخش” إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زابل إلى المحكمة الخاصة برجال الدين في مشهد، مصاديق أخرى لتضييق نطاق الضغوط على أهل السنة ومواصلة سياسة التمييز في البلاد.
لا يفوتنا أن موقع “سني أون لاين” الذي ينشط كموقع رسمي لأهل السنة، لم يبق أيضا آمنا من الحجب والاختراق خلال هذه المدة. وهذه الممارسات غير الشرعية أيضا لا تقل بشاعة وفقدانا للمبرر من احتجاز جواز سفر علماء أهل السنة ومنعهم من إقامة العيدين والجمعة في المدن الكبرى.
إن بعض الجهات المتطرفة التي تحمل في صدورها عداوة خاصة من وحدة الشعب وقادة أهل السنة، وجدوا أيضا فرصة ذهبية لنشر الإشاعات وتسميم الأجواء. وإن هجوم الأشخاص المجهولين إلى الشيخ “محمد اسلام” أحد أساتذة جامعة دارالعلوم في زاهدان بالسكين، والمحاولة لزعزعة الأمن في هذه المدينة من هذا النوع من الفرص.
يجب أن نذكر السلطات أن هذه الممارسات سيخل فقط بالوحدة والتفاهم النسبي بين الدولة والشعب ففط؛ لكن ماذا يريد الجماعات الإنتهازية والمتربصون للفرص من المنع من إقامة صلاة الجمعة والعيدين في المدن الكبرى؟!
لماذا يفرض حظر السفر على علماء السنة؟!
ما هي الفائدة من حجب موقع “سني أون لاين”؟!
من يعطي لوكالات الأنباء الأجنبية الفرص؟!
يجب على الذين ينزعجون من نشر أخبار أهل السنة في الصحف والمواقع العربية، أن يجيبوا عن هذا السؤال: “من المسئول عن الأحداث والضغوط الأخيرة؟”
من الواضح أننا نعيش في العصر الذي تبدل العالم فيه إلى “قرية” تنتقل الأخبار في بضع ثواني من ناحية منه إلى ناحية أخرى، والمساعي لترك أناس في الجهالة عن الأوضاع الجارية في العالم مساعي وجهود فاشلة لا طائل منها. وينبغي أن نبذل جهدنا مع سعة الأفق والصدر أن نجد مكانا في هذا العالم ونسعى في تقريب الآخرين. أما الرغبة في تكميم أفواه أهل السنة والسعي في الصد عن نشر أخبارهم خارج البلد، رغبة مغايرة للعقل والمنطق تماما ومخالفة للحقوق الأساسية للمواطنين السنة.
فهل استخدام القوة ضد أهل السنة الذين لم يعرفوا طوال الثورة طريقا غير الدستور والطرق السلمية لمطالبة حقوقهم القانونية ويعتقدون طرح مطالبهم من خلال الحوار، أسلوب معقول ومشروع؟
لا يخفى على أحد أن أهل السنة والجماعة الذين يشكلون ثاني عددٍ سكانيٍ في إيران، ولا يعقل جعلهم من الأقليات المذهبية في المجتمع، لقد كان لهم دور بارز في انتصار الثورة، وضحوا بأرواحهم ودمائهم للحفاظ على سيادة البلاد. وعلى الرغم من وجود مواد في الدستور تمنعهم من الكثير من حقوقهم الوطنية لكنهم التزموا الصمت تجاهها للحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن العام، وفي ضوء هذا الدستور أيضا طالبوا ويطالبون حقوقهم المشروعة.
فهل يوجد تغاير مع مواد من الدستور أو القوانين الدولية في مطالبتهم الحرية الدينية والمذهبية، والمطالبة وجود مسجد في المدن الكبرى لإقامة الجمعة والجماعات، والمطالبة برفع التمييز في التوظيف، واستخدام أهل السنة في القوات المسلحة للدفاع عن سيادة أراضي البلاد، ومطالب أخرى من هذا النوع؟
وإضافة إلى هذا هل معارضة هذه المطالب وعدم تلبيتها، والتصرف بقوة مع من يطرحها، يتناسق مع مادة من الميثاق الدولي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه إيران أيضا؟
وفي الأخير يجدر بنا أن نذكر مقولة تسترعي الانتباه من آية الله رفسنجاني، حيث قال قبل أيام في لقاء مع خريجي الجامعات المختلفة: “في عالمنا المعاصر إذا أراد شخص أن يكره الناس على فعل شيء، فهو في الحقيقة مهّد مجالات عكس ذلك الشيء”. وأشار أيضا: “في الدستور أشير إلى حقوق الشعب وحرياتهم الدينية، والعمل عليها يمهّد لنا سبل التقدم في المجالات الثقافية والاجتماعية في المجتمع”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات