الشيخ عبد الحميد: القرآن سيلمع مدى الزمان، وسيرة الرسول ستزداد ضياءا و نورا، وهؤلاء الشياطين سيزدادون خزيا وعارا

الشيخ عبد الحميد: القرآن سيلمع مدى الزمان، وسيرة الرسول ستزداد ضياءا و نورا، وهؤلاء الشياطين سيزدادون خزيا وعارا
molana32تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة بعد تلاوة آيتي “يا أَيها النَاس قَد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. قل بفَضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”، وقوله تعالى “وما أرسلنك إلا رحمة للعالمين”، إلى مكانة القرآن وسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا: إن الله تعالى بعث أنبياء ورسل قبل بعثة نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لكن كانت رسالة كل نبي لعصره وللمكان الذي يبعث فيه وللظروف الخاصة التي يبعث فيها، لأجل ذلك كانت الأحكام المنزلة على كل واحد منهم مختصة بذلك الزمان وبتلك الظروف الخاصة.

واستمرت بعثة الرسل والأنبياء على هذا النهج والأسلوب إلى عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأرسله الله لكافة الناس بشيرا ونذيرا ولجميع الأزمنة والعصور.
وأضاف: عصرنا الذي نعيش فيه عصر يمتاز بتقدم البشر في المجالات المختلفة، وقد وصل إلى مكانة عالية من الرقي في العلوم والفنون، وعصر الإنترنت وعصر التكنولوجيا الراقية في الطاقات والاتصالات، وربما يأتي من بعدنا أجيال يرفعون المزيد من الخطوات نحو التقدم ويتركون هذه التقدمات وراء ظهورهم. لكن الله تعالى جعل الأحكام المنزلة على سيد المرسلين منهاجا كاملا ودستورا للحياة  لكل زمان ومكان، فالقرآن الكريم لم ينزل لجزيرة العرب فحسب بل نزل هدى ورحمة لجميع العالمين.
وأشار فضيلة الشيخ إلى الوحدة بين الشرائع السماوية في الأصول قائلا: الشرائع السماوية كلها دعت إلى أصول واحدة، والإختلاف كان في الفروعات فقط.
الأنبياء كانوا متفقين في الأصول، وكانت هناك اختلافات فرعية في بعض المسائل بين الشرائع السماوية حسب اختلاف الزمان والمكان، فكان اختلاف في كيفية الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من العبادات، وقد ورد في الحديث الشريف “الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد”، والمراد به أصول التوحيد وأصل طاعة الله تعالى وإن اختلفت صفتها وأصول التوحيد والطاعة جميعا.
وتابع فضيلة الشيخ: الشريعة النبوية جاءت هدى للجميع، والرسول صلى الله عليه وسلم رحمة لكافة الخلق، ولم يبعث رحمة لمكان خاص ولا لزمان خاص، فهو رحمة إلى يوم القيامة لجميع الأجيال والشعوب.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى أوصاف الرسول عليه الصلاة والسلام: نبينا لم يكن نبي حرب وقتال، بل كان نبي السلم والمصالحة، وإن  كانت هناك حروب في عصر الرسول و الخلفاء الراشدين، كانت تلك الحروب ضد المعتدين والمتكبرين وسلاطين الجور. ولو تعمقنا النظر في تلك الحروب نرى أن الرسول عليه الصلاة والسلام حارب مشركي مكة الذين أخرجوه من أرضه، وحارب قبائل العرب الذين تجمعوا لغزو المدينة المنورة وحاصروها، وإن حارب المسلمون إيران والروم وقهروا هاتين الإمبراطوريتين في ذلك العصر، لأن ملوكهما كانوا مستبدين ظالمين يضيعون حقوق الناس وشعروا بالخوف من ظهور الإسلام في الجزيرة وأرادوا إطفاء نور الإسلام الذي تلألأ في تلك الديار.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: الجهاد  في الإسلام ليس ضد المسالمين، ومن يريد العيش بالمصالحة فلا حرب معه. قال الله تعالى “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” ثم قال بعد ذلك: “وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ”.
والحرب لم تكن مع غير المسلم مطلقا، بل عاش النصارى في البلدان الإسلامية ولم تكن هناك حرب بين الإسلام والنصرانية، بل الحروب كلها كانت مع المعتدين والمتجاوزين والمستكبرين.
وأشار فضيلة الشيخ إلى رسالة القرآن الكريم قائلا: القرآن يخاطب الجميع ويقول: “ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور”. يعرف القرآن موعظة للجميع وشفاء لما في الصدور ولمعظم الأمراض القلبية والجسمية. القرآن علاج ودواء لأمراض البشر كلهم. القرآن هدى ورحمة. القرآن رحمة والرسول عليه الصلاة والسلام أيضا رحمة وأحكام الإسلام كلها رحمة، وهذا آخر رحمة إلهية وآخر دين سماوي نسخ جميع الشرائع السابقة، وهذا الدين نزل للبشر ولجميع الناس إلى يوم القيامة. وهو الدين الذي يستطيع أن يهدي البشر في جميع المجالات، وللأمور التي قد يخطر ببالنا نجد أن في القرآن تعاليم وهداية لها.
وتابع قائلا: إن مصير القرآن مصير السعادة والفلاح في الدارين، ولا يمكن نيل الفلاح في الدنيا والآخرة إلا بالقرآن الكريم والسيرة النبوية المطهرة. سيرة الرسول أفضل السير وأطهرها، ورسولنا لم يعش عيش الملوك والأغنياء والمتكبرين والجبابرة، بل عاش عيش الفقراء والمساكين، وحياته كانت أبسط حياة، وكان صلى الله عليه وسلم بعيدا عن التكلف والغنى، ولم تكن نظرته إلى الدنيا وزهرتها. لقد خيّره الله تعالى بين أن يؤتيه زهرة الحياة الدنيا والغنى والمال ولكنه اختار الفقر واختار أن يعيش مثل المساكين. إن أزواجه كلهن اخترن الحياة التي اختارها الرسول عليه الصلاة والسلام وقد عشن في غرف متواضعة، وعاش الرسول حياته كلها فقيرا مسكينا زاهدا.
فكان بإمكان الغريب المسافر أن يلقى الرسول بسهولة كاملة. مر النبي صلى الله عليه و سلم بإمرأة تبكي عند قبر فقال: “اتقي الله واصبري” قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه و سلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه و سلم فلم تجد عنده بوابين فقالت لم أعرفك فقال: “إنما الصبر عند الصدمة الأولى”.
الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يعرضون على الرسول آرائهم واقتراحاتهم، وربما يرجع الرسول إلى آرائهم وينصرف عن رأيه. لم يكن صلى الله عليه وسلم مستبدا بالرأي، ففي الأمور المادية والدنيوية كان يستشير الصحابة.
وكان صلى الله عليه وسلم قائدا وزعيما في الحياة السياسية والإجتماعية، لم تر الدنيا مثله أبدا، وكذلك الخلفاء الرشدون الذين جاؤوا من بعده كانوا قد عاشوا أيضا عيش الفقراء والبسطاء من الناس.
وأضاف قائلا: القرآن الكريم رحمة لجميع البشر. القرآن يدعو إلى التوحيد الذي هو العقيدة المحكمة المتينة. يدعو إلى الأخلاق التي نرى البشر قد أقبل الأروبيون إلى دراسة قسم منها في جامعاتهم .
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: الحضارات كلها انتفعت بتعاليم القرآن الكريم، ولكن مع الأسف يوجد في العالم من يسيء إلى القرآن الكريم وإلى الرسول. نرى اليوم في عصرنا من يسيء إلى الرسول والنبي الذي افتخر به سيدنا عيسى وافتخر به سيدنا موسى وسيدنا آدم عليهم الصلاة والسلام. وبعضهم يسيؤون إلى القرآن الكريم مع أن القرآن والرسول كانا رحمة للعالمين ومع أنهما يدعوان البشر إلى السعادة والفلاح في الدارين وبعثا رحمة لهم.
وتابع قائلا: القرآن شمس الهداية والنبي هو السراج والقمر المنير.
يُقال: “عواء الكلب لا يظلم البدر”.
إن هؤلاء المسيئين بهذه الإساءات يشترون لأنفسهم غضب الله وسخطه، ويشترون لأنفسهم نيران جهنم. إنهم لا يضرون بأعمالهم ذلك الإنسان الطاهر المعصوم الزكي شيئا. فالقرآن سيلمع ويتلالأ، وحياة الرسول وسيرته ستزداد نورا وضياءا، وهؤلاء الشياطين سيزدادون خزيا وعارا في الدنيا والآخرة وسيفضحهم الله ويخزيهم  ويسوّد وجوههم .

وأشار فضيلة الشيخ في نهاية الخطبة إلى الأعمال المسيئة التي قد تصدر من بعض من يدعي الإسلام، قائلا: وأغرب من إساءة أعداء الأمة إلى مقدساتها، نرى أن بعض من يدعى الإسلام يسيؤون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة أخرى وهي الإساءة إلى أهل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام وأزواجه المطهرات. ماذا يقول الأعداء لو سمعوا بإساءة هؤلاء الجهلة إلى الأزواج المطهرات؟ لقد صرح القرآن الكريم بأن أزواج الرسول أمهات للمؤمنين، واتفقت الأمة الإسلامية على أن عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها زوجة الرسول ويجب احترامها.
بعد هذا التصريح القرآني كيف تسول نفوس هؤلاء الإساءة لزوجة الرسول وأهل بيته، ويحسبون ذلك مثوبة لهم. ليعلم هؤلاء أنهم يشترون سخط الله وغضبه لهم بهذه الأعمال.

واستطرد قائلا: الأمة الإسلامية تمر بزمن حاسم من تاريخها، فقبل سنوات كان العالم منقسما بين طاقتي الشرق الشيوعية تحت لواء الإتحاد السوفييتي، والغرب بقيادة الولايات المتحدة الإمريكية، وكان الغرب حريصا على أن تكون مواجهة بين الإسلام والشيوعية، وانهزمت الشيوعية وسقطت الإتحاد السوفييتي، وبقيت الأمة الإسلامية والغرب وجها لوجه، وهم الآن يسعون في محاربة الإسلام والقرآن لأجل أن يستجيبوا لأهوائهم وشهواتهم، فالإسلام وتعاليم هذا الدين القيم يعارض شهواتهم وطموحاتهم واستبدادهم وتضييعهم لحقوق الإنسان، ومن جانب آخر يشعرون بالخوف من تنامي المد الإسلامي في العالم، وكل ذلك يتطلب منا الوعي والفكر وأن نزيد من معرفتنا وعلاقتنا بالقرآن والسيرة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات