الشيخ عبد الحميد: لا جدوى للمفاوضات من دون إعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقهم

الشيخ عبد الحميد: لا جدوى للمفاوضات من دون إعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقهم
molana35تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في زاهدان بمناسبة يوم القدس إلى ضرورة نصرة فلسطين قائلا: اليوم يوم القدس، وهو يوم إطلاق الهتافات وإقامة المسيرات في إيران وسائر البلاد الإسلامية لنصرة شعب مضطهد مظلوم، وفي الحقيقة من حق المظلوم أن يُدافع عنه ويُلام مَن ظلمه واغتصب حقه الشرعي وتعدى عليه.

وأضاف فضيلة الشيخ ردا على التهم التي توجه إلى المقاومة الفلسطينية، خاصة إلى المحاصرين في غزة: نرى القوى العظمى في العالم يتهمون المقاومة الفلسطينية المشروعة بل الشعب الفلسطيني الذي قدم آلافا من الشهداء لتحرير أرضها بالإرهابيين، وتارة يتهمون المحاصرين في غزة بالإرهابيين أيضا، مع أنهم عانوا عشرات السنين من الإحتلال الصهيوني الغاصب، يقتلون يوميا ويشردون من أوطانهم وتدمر بيوتهم، وتبدل أراضيهم إلى مستوطنات للوافدين من الصهاينة، وهذه الأزمة لما تحل.
واعتبر فضيلة الشيخ دعم القوى العظمى وكذلك المنظمات العالمية وتأييدهم على مشروعية الكيان الصهيوني السبب في بقاء الإحتلال في هذا الجزء القيم من بلاد المسلمين قائلا: لقد  تعرض الكثير من الدول والبلاد  للاحتلال، لكنها تحررت بعد انتفاضة شعبها واللجوء إلى المقاومة، فتحررت بلاد كثيرة من إحتلال الإنجليز والولايات المتحدة الإمريكية. ولكن احتلال فلسطين يمضي عليه أكثر من نصف قرن، والمقاومة مستمرة منذ أول يوم الإحتلال، مع ذلك لم تتحرر فلسطين، بسبب أن إسرائيل لا تريد الانسحاب، وهي ترى فلسطين أرضا لها، كما أنها تتمتع بدعم القوى العظمى التي تؤكد على بقائها ولا تتفكرفي حل الأزمة من طرقها السلمية.
وأشار فضيلة الشيخ إلى الإرهاب كظاهرة سيئة في القرن الراهن مؤكدا على ضرورة دراسة جذورها وعللها: إن الولايات المتحدة وحلفائها لقد جمعت طاقاتها زاعمة أنها تكافح الإرهاب، ولا شك أن الإرهاب ظاهرة سيئة ومرفوض عقلا وشرعا، ولكن أليس لهذه الظاهرة أسباب وعلل يجب أن تدرس دراسة شاملة، فتحل القضية بغير تكبد ثمن باهظ؟ إن الأمراض وجميع المشاكل في المجتمع تكافح عللها وأسبابها بدل مكافحة نفسها. ولكن مدعي  مكافحة الإرهاب في العالم لم يتفكروا يوما في علل الإرهاب وأسبابه.  يكافحون الإرهاب الذي هو معلول وينسون عللها من معاناة الشعوب واحتلال أراضيهم وبلادهم ومقدساتهم. ولا ندري لماذا المجتمع العالمي لا يكافح علل هذه الظاهرة ولا يصغون لرأي الشعب الفلسطيني ولو لمرة واحدة.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: إن مكافحة الإرهاب على المستوى العالمي غير ناجحة ما لم تكافح  العلل والأسباب التي أدت إليه، بل مكافحة أي ظاهرة لن تكون ناجحة بغير دراسة جذورها وعللها. فإنكم لا تستطيعون بالدعايات وقصف المنازل وتشريد الشعوب وتخريب بيوتهم أن تنصروا على الإرهاب، بل يجب أن يتابع السلام العالمي بالعقل والمنطق.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: يجب أن تشكل لجان قضائية مستقلة تسمع فيها آراء الشعب الفلسطيني، ويمكن لهذا الشعب العزل الدفاع عن نفسه، وتعالج قضاياهم ومشاكلهم وينالوا كافة حقوقهم المشروعة.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى فشل مفاوضات السلام التي لا تراعي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني قائلا: يجب أن تكون الأطراف الدولية التي تسعى للصلح في الشرق الأوسط صادقة ومخلصة في أعمالها، وأن يتابعوا قضية فلسطين بمعرفة جذور الأزمة ودراسة عللها، وإعطاء كافة الحقوق التي سلبت من هذا الشعب المظلوم، فلا جدوى للمفاوضات من دون إعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقهم.

وفي القسم الأول من خطبة هذه الجمعة تطرق فضيلة الشيخ إلى أهمية الشكر على نعمة رمضان قائلا: أكرم الله علينا بنعم مادية ومعنوية كثيرة، من أهمها نعمة رمضان ونعمة القرآن الكريم ونعمة هذه العشرة الأخيرة من رمضان التي نحن فيها. نحن عاجزون عن شكر هذه النعمة كلها، إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
تابع فضيلته إلى ضرورة الشكر على نعمة رمضان: الشكرو إما يكون باللسان وإما بالقلب، وأن يعترف بالشكر، والشكر يكون بالعمل أيضا، ومن أفضل كلمات الشكر أن ننطق بـ”الحمد لله رب العالمين”.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى آخر جمعة شهر رمضان الكريم قائلا: لقد وصلنا إلى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم واقتربنا من أيامه الأخيرة، وبات رمضان يودعنا. ورمضان هو شهر التزود للآخرة، وخير الزاد هو التقوى، وقد جاء رمضان لأجل التقوى. ورمضان هو شهر الصدقات والتبرعات، وشهر مؤاساة الفقراء، وشهر القرآن الكريم الذي أنزل فيه.
وأشارفضيلة الشيخ إلى ضرورة محاسبة النفس والتفكر في الفرصة الباقية من رمضان قائلا: يجب أن يحاسب كل منا نفسه كم استطاع أن يعالج قلبه في رمضان، وكم تقرب من الله عزوجل، وكم تدارك من النقائص، وكم تضرع إلى الله تعالى وابتهل إليه في ليالي رمضان، وكم أحيا من ليالي هذا الشهر الكريم. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشرة الإخيرة شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: “ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن”. فهل استطعنا نحن أن نقتدي بسيدنا وقائدنا الرسول الكريم في إحياء الليالي والاشتغال بمثل هذه الصلوات الجميلة والحسنة.
وأضاف قائلا: الفكر والتدبر ضروري هام جدا، بأن نجلس ونتفكر في أعمالنا التي عملناها، ومن حسن المعتكف أنه يتخلى للفكر في أمور كثيرة. ونكثر من ذكر الموت وتلاوة القرآن الكريم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ”. فإن ذكر الموت وتلاوة القرآن يجليان القلوب.
وتابع الشيخ: كان رمضان كسحاب الربيع أمطر علينا ببركات ورحمات، والآن يغادرنا ويودعنا، فعلينا أن نسعى لنصل إلى قافلة الصالحين ونبغي المزيد من الخيرات في الأيام الأخيرة ونقصر من الشر، ونودع رمضان بالصدقات، ونأخذ حظنا من خيراته وبركاته، ونسعى أن لا نحرم فيه، فإن الشقي الأزلي من حرم بركات هذه الليالي.
علينا أن نودع هذا الشهر الكريم بإحياء الليالي والذكر وتلاوة القرآن الكريم، ونتجنب المعاصي في آخر رمضان ليمكن المزيد من الاستفادة من رمضان الكريم، ونقبل إلى الدعاء والتضرع إلى الله عزوجل، فإن الدعاء مخ العبادة.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: الموت يهددنا كل لحظة، والقبر أمامنا، وهو أحد أفزع المنازل التي سيمر بها كل واحد منا، ولكن في تلك المنازل القادمة التي نقبل إليها بعد الموت لا ينفعنا في تلك المنازل سوى أعمالنا وعباداتنا وطاعاتنا التي نقدمها الآن ذخرا لها. ولنعلم أن تلك المنازل قريبة، والموت أيضا قريب وإن كنا نحن نراه بعيدا. قال الله تعالى: “إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا”. الحساب وكل مشاهد القيامة قريبة، ويجب أن نأخذ عدتنا لتلك المراحل وتلك المشاهد التي ينادي فيه الرجل “ياليتني قدمت لحياتي”، وذلك اليوم القريب يوم “يتذكر الإنسان” ولكن التذكر في ذلك اليوم لا ينفع.
وأضاف فضيلة الشيخ: يوم الرحيل من هذه الدنيا قريب جدا، فليحاسب كل إنسان أعماله، “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”. كان الصديق رضي الله عنه يقول دائما: “كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله”.
واليوم الذي يأتي إلينا أصحاب الحقوق لمطالبة حقوقهم قريب جدا، ولكننا لا نملك في ذلك اليوم الدراهم ولا الدنانير، ولا نملك سوى العبادات والطاعات، وأصحاب الحقوق يذهبون بعباداتنا وطاعاتنا، ونبقى مفلسين محتاجين إليها، ونحن الآن عندنا الفرصة للتزود لذلك اليوم، وللحصول على رضوان الله تعالى، وتزكية أخلاقنا وتحلية نفوسنا في رمضان.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات