إن مدينة زاهدان التي تعرف اليوم كمركز لإقليم سيستان وبلوشستان تعد من المدن الإيرانية جديدة التأسيس، كثيرة النمو والإزدهار في العهد الراهن. فإننا لو بحثنا عن تاريخها في هذه المنطقة قبل قرن، فكلما نجده في هذا التاريخ القصير قبائل وعشائر مبعثرة من البلوش تعيش في البوادى والقرى التي هي اليوم تعد من ضواحى المدينة.
ففي العهد القاجار كانت الأراضي التي ازدهرت عليها مدينة زاهدان بعد، أشجار صحراوية وكانت هناك عين يغيب مرة ويظهر مرة. وسمى المارون من القوافل والعشائر هذا الماء بـ” دزدآب” .
ثم قام أحد السكان المحليين من البلوش باسم “مراد” سنة 1898م. بحفر قناة في هذه المنطقة وبدأ بالزراعة، وأسس قرية صغيرة تعرف باسم “دزداب”.
إن وقوع هذه القرية في الممر التجاري وهو ممر الهند المستعمر، جعلت عيون الحكام في المركز ممتدة نحو هذه القرية ونحو هذه المنطقة وأن يروا أحلاما لها ولمقبلها ولبسط سيطرتهم عليها والنواحي المجاورة وكل مناطق بلوشستان، لذلك أرسلوا سنة 1902م. أول قافلة من الخبراء البلجيكين لدراسة هذه المنطقة الحدزدية جغرافيا واستراتيجيا. فأسست أول دائرة الجمارك على الحدود في قرية “دزداب” .
لاشك أن القرية ازدادت تقدما ونموا بالجمارك، خاصة بقدوم عدد كبير من العمال والكسبة والتجار للعمل فيها، ومن ذلك التاريخ كلما أسست إدارة من قبل الدولة ازداد عدد المقبلين عليها من القبائل والعشائر الذين فضلوا العيش الجديد والمشاغل الجديدة والاستقرار في القرية.
وقد ازدادت هذه القرية أهمية واستراتجية في الحرب العالمية وظهرت عليها أمارات الحضارة والمدنية، عندما أسست السكة الحدودية بين “كويتا” (عاصمة بلوشستان الباكستانية) و زاهدان بأيدى المستعمرين الإنكليز.
ولما انتهى العهد القاجاري وجاءت الدولة البهلوية الجديدة في إيران وهي كانت دولة عميلة لبريطانيا، لقد تعلمت من أسيادها البريطانين درس أهمية بلوشستان، فهاجم رضاخان سنة 1928م. بلوشستان وسيطر عليها تماما بقوة الجيش وطاقته، وأغار على القبائل والعشائر التي قد تصدى قبل ذلك في الحرب العالمية الأولى للقوات البريطانية في المنطقة وأذاقتها طعم الهزيمة بأبسط ما كانت عندهم من الأسلحة. واستقر مجموعة من الجيش في المنطقة وكل ذلك بإشارة من قبل البريطانيين، فصار الحكم والقيادة بيدهم إلى أن فوضت الأمور إلى مسؤولين من الوزارة، وتبدل إسم القرية من “دزدآب” إلى “زاهدان” (يعني مدينة الزُهّاد)، وذلك في سنة 1935م.
عشائر البلوش في “زاهدان” وجهادهم ضد المستعمرين الإنكليز:
إبان اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1916م. دخلت قوات المستعمرين الإنكليز بلوشستان، ولكن في بداية دخولهم أراضي بلوشستان تصدى لهم قبيلتا “يارأحمد زهي” و”غمشادزهي” في المناطق المركزية من الاقليم وقاموا أمام المحتلين، وأما في المناطق الشمالية من الاقليم فتصدى لهم “جمعة خان” رئيس قبيلة اسماعيل زائي مع قبيلته. و دعا “جمعة خان” جميع القبائل والعشائرالموجودة التي كانت تعيش آنذاك في هذه المنطقة إلى تشكيل جبهة موحدة ورص الصفوف ضد القوات الأجانب في بلوشستان، وحدثت أول مواجهة بين هذه المقاومة الشعبية المسلحة التي شكلها “جمعه خان” في منطقة تسمى بــ” كورستاني” وبين القوا ت البريطانية وهي في الواقع كانت أول قيام مسلح في مستوى إيران كلها زمن الإحتلال البريطاني لهذه البلاد. واستشهد في هذا القتال الدائر بين المجاهدين البلوش والمستعمرين البريطانيين، ثمانية عشر شخصا من عشيرة “إسماعيل زائي” وعدد من العشائر الأخرى. وقتل أيضا خمس وسبعين جنديا بريطانيا. واستمرت الهجمات منذ ذلك الوقت ضد القوات البريطانية التي استقرت في هذه المناطق.
رغم توالى الهجمات رجح البريطانيون البقاء في بلوشستان ومدوا يد الصلح نحو “جمعة خان” . فأرسل “الجنرال داير” قائد القوات البريطانية إلى “جمعه خان” يطلب منه الصلح والمودة ، فرد عليه “جمعة خان” ببيت شعر باللغة الفارسية:
پدر کشتی وتخم کین کاشتی پدر کشته را کی بود آشتی
معناه “قتلت الأب وزرعت بذر العداوة كيف يمكن المصالحة مع من قتل أبوه”. وهكذا رفض “جمعة خان” اقتراح البريطانيين للصلح. وانضمت بعد ذلك طوائف أخرى من العشائر وواصلوا حربهم ضد المحتلين. ولما عجز البريطانيون من مواجهة هذه المقاومة استعملوا خطتهم الأخيرة لقمع هذه المقاومة وهي أنهم راسلوا الحكومة المركزية في طهران وقالوا بأن هذه الثورة في بلوشستان ثورة ضد الدولة المركزية، لذلك قامت الدولة العميلة للإنكليز بإرسال الجيش إلى بلوشستان وبادر إلى قمع شعبه ليكون بذلك قد خدم سيده خدمة نافعة. وحكم أيضا بإبعاد ونفي رؤساء العشائر المناهضة للاحتلال إلى مناطق أخرى إلى أن تم عفوهم بعد ذهاب المستعمرين وتغيير الدولة في العاصمة. ( نقلا من “تاريخ بلوچ وبلوچستان” باللغة الفارسیة).
من خصائص أهل زاهدان:
إن البلوش السنة هم من يشكلون غالبية سكان زاهدان، فمن الجدير بنا في هذا القسم أن نتطرق إلى ذكر بعض خصائص صفات هذا القوم وميزاته.
إن أهم ما يمتاز به المسلمون البلوش السنة من الصفات والأخلاق حبهم العيش بالكرامة والعزة.
ومن أبرز السمات والخصائص التي اتصفت بها العشائر البلوشية قديما وحديثا بطلولتهم وفروسيتهم. وقد وصفهم الشاعر الفارسي:
سپاهي زگردان كوچ و بلوچ سگاليده جنگ مانند قوچ
كه كس در جهان پشت ايشان نديد برهنه يك انگشت ايشان نديد
(أعد جيشا من القفص والبلوش الذين تدربوا في القتال والنضال مثل النعاج
لم ير أحد في العالم قفاهم ولم ير إصبعا منهم عاريا).
البساطة في العيش: هي خصيصة أخرى للبلوش وخاصة أهل مدينة زاهدان حيث يفضلون أبسط أنواع العيش ولا تجد من الغني ازدراء بعيش الفقير، ولا من الفقير طموحا إلى عيش الأثرياء، ولا ترى بينهم تلك المسابقة التي نجدها في معظم البلاد بين الأغنياء، ولا ترى في فقرائهم تلك الحسرات الباردة التي تصدر من فقراء بعض المناطق، ولعل هذه الصفة انبثقت من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يعد الإلتزام التام بمبادئ هذا الدين الكامل وأخلاقة الحسنة وأركانه من الصلاة في وقتها إذا حان والحضور للجمعة من أبعد القرى والزكاة والصوم في أحر أيام السنة وكذلك الحج من أهم ما يمتاز به أهل السنة في بلوشستان عامة وزاهدان خاصة.
المعاهد الشرعية والدينية في زاهدان:
نظرا إلى الوضع التعليمي السيئ الموجود في المدارس الحكومية والذي تفقده جوانب أساسية من متطلبات أبناء السنة المذهبية والشرعية، تمس الحاجة إلى إقامة مراكز ومؤسسات تهتم بالبعد المذهبي والشرعي وتعاليم القرآن والسنة، وهذه المراكز التي تشتهر في بلوشستان ب”المدارس الدينية”، أصبحت تتمتع بمكانة وقداسة وأهمية بالغة عند البلوش السنة. ومن أبرز هذه المراكزالدينية :
جامعة دارالعلوم زاهدان:
التي أسسها العلاّمة الفقيد الداعية الكبير الشيخ عبدالعزيز رحمه الله تعالى على البّر والتقوى (نحسبه كذلك)، هي الآن تعد أكبر مركز علمي – في العلوم الشرعية – لأهل السنة في إيران.
واليوم أصبحت هذه الجامعة بفضل الله تعالى معقد آمال كثير من المسلمين فى إيران والبلاد المجاورة وإنها ستواصل نشاطاتها بعون الله ومساعدة المسلمين ماديا ومعنويا، ورسالتها هى إيجاد الوعي الإسلامي وإحياء الدين والكتاب والسنة في حياة المسلمين.
لدارالعلوم زاهدان دور عظيم في مجال التعليم والتربية الإسلامية والقيادية لأهل السنة والجماعة، حيث استطاعت في تاريخها القصير الوفير أن تخرّج جماعات من العلماء والمفتيين والدعاة، وقد أنشأت برامج دعوية ونشاطات علمية تربوية، ولا تزال تؤدي دورها المعهود والمطلوب ببث أشعتها الساطعة في أقطار مختلفة داخل البلاد وخارجها وذلك في خلال إنشاء أنظمة متنوعة ومؤسسات مفيدة وفروع مختلفة، وأصبحت منظمة إسلامية أهلية كبيرة حرّة في سياستها التعليمية ونشاطاتها الثقافية والدعوية، ملتزمة في فكرتها وأسلوب أعمالها بالتوجيهات التابعة الثابتة من الشريعة الإسلامية والسيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام.
و تعتمد في توفير المصاريف بتوفيق الله تعالى على المساعدات والتبرعات المتنوعة التي تتلقاها من عامة الشعب المسلم، ولا تنحاز في هذا الأمر إلى أية جهة حكومية رسمية. (من أراد معرفة المزيد من تاريخ تأسيس هذه الجامعة ونشاطاتها فليراجع مقالة. (لمحة تاريخية عن جامعة دارالعلوم)
ومن أهم المراكز والمدارس الشرعية في زاهدان نستطيع أن نشير إلى “إشاعة التوحيد” التي يشرف عليها فضيلة الشيخ محمد شه بخش، و”حمادية جام جم”، و”قاسم العلوم” و”ترتيل القرآن” و”مدرسة الشيخ عبد العزيز” و”خير المدراس” و”بدر العلوم” و”المدرسة الفاروقية” و”تجويد القرآن” و”مدرسة التوحيد” و”نصرة العلوم”.
مساجد زاهدان:
تعد مدينة زاهدان من أكثر المدن مسجدا وجامعا في المحافظة وبل في إيران، حيث يبلغ عدد مساجدها بما فيها الجامع وغير الجامع إلى زهاء 300 مسجدا، منها 18 جامعا، من أبرزهم الجامع المكي في زاهدان والذي سنتفرد بذكره لمكانته وعظمته وغيرها من الخصائص.
الجامع المكي أكبر مسجد لأهل السنة في إيران:
يقع الجامع المكي في مدينة زاهدان مركز بلوشستان جنوب شرقي ايران و تبلغ مساحته 50000 متر مربع .
أسس الشيخ عبد العزيز رحمه الله هذا المسجد في عام 1392 هـ ق علی أساس من التقوی والإخلاص(نحسبه كذلك) وكان بناء هذا المسجد نقطة تحول وانقلاب في حياة سكان هذا البلد، فصار هذا الجامع مركز حياة هذا الشعب، وتعلمهم ودراستهم ، ومصدر الإصلاح والتوجيه ، تعالج فيه قضايا حياتهم الإجتماعية والدينية ويتلقون فيها أحكاماً في حياتهم ، وصار قطباً تدور حوله رحی حياتهم تتفجر منه عيون العلم والهداية وينبثق منه نور الإصلاح والتوجيه.
بعد وفاة الشيخ عبد العزيز رحمه الله تولى رئاسة المدرسة والخطابة بالمسجد الجامع المكي فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله، فبذل الشيخ أقصى مجهوده وسار علی دربه، حتی حقق إنتصاراً في حقن الدماء وإخماد نيران الحروب والإشتباكات الدامية الطاحنه بين الطوائف، فبفضل هذا الجامع وأولياءه عاد الوئام والوحدة إلی الطوائف أجمع.
مشروع توسيع المسجد :
وكان عدد السكان وبالطبع عدد المصلين في تصاعد وازدياد فطرح الشيخ إقتراح توسيع المسجد الجامع من حدوده الأربعة، وتم هذا المشروع بشراء الأراضي والمباني حول المسجد بمبلغ هائل، ولكن ما انتهی أمر البناء والتعمير منذ زهاء عشرين سنة حتی الآن لأجل المشاكل الاقتصادية. فلذلك حتی الآن لكثرة ازدحام المصلين لا يسعهم المسجد فمن ثم يصفون للصلاة في الطرقات والشوارع، وبعد نهاية هذا المشروع لعله يكون أكبر مسجد في إيران.
يری الشعب السني هذا الجامع المبارك نجمه الساطع الوحيد في سماء ايران حيث يستهدي به في الليالي والدياجير، ويراه معقل آماله وملتقی افكاره وعند ما تضيق الدنيا عليه وتضطهده، فإن هذا الجامع يبسط له أحضانه بحنان قلب ورحابة صدر .
فإضافة إلى الجامع المكي يوجد تقريبا 18 مسجدا جامعا تقام فيه الجمعة، منها جامع فاروقية الواقعة في شارع بهشتي والمسجد الجامع المعروف بمسجد جهارراه رسولي وجامع جام جم وجامع نورالعين وجامع كريم آباد وجامع عثمانية وجامع الصديقي في بابائيان وجامع جاده قديم وجامع رحماني.
أسواق زاهدان :
في زاهدان أسواق كثيرة ومن أشهر هذه الأسواق:
السوق الأصلية: التي تقع في الشوارع الثلاثة في وسط المدينة وهي شارع أمير المؤمنين، وشارع شريعتي وبهشتي، وتعرف بـ”بازار”.
وسوق الألبسة القديمة (أو سوق سلمان زاده): التي تعرض فيه الألبسة القديمة والمستعملة التي تعرضت مرتين للحريق من قبل مثيرى الفتنة الطائفية في المدينة، مرة في هذه السنة حيث احترقت بكاملها ليلا. ومرة في السنة الماضية أيضا حيث لم ينجح المشاغبون بتحريقها كاملا آنذاك.
سوق جهارراه رسولي: من أشهر أسواق المحافظة بسبب المبيعات المستوردة من الدول المجاورة خاصة الأقمشة والألبسة.
سوق الجمعة: وهي مكان واسع في غرب مدينة زاهدان منتهى شارع فاضلي، تعرض فيه أنواع مختلفة من المبيعات للبيع يوم الجمعة .
وهناك أسواق أخرى في المدينة تعرف بالسوق المشتركة، وهي أسواق يكثر تواجدها في الأحياء والمناطق الفقيرة، ومن خصائص هذه الأسواق أنها تعرض مبيعاتها في هوامش الشوارع وفي غرف صغيرة مبنية من الحديد. والفواكه والخضراوات، والمواد الغذائية أكثر المبيعات وجودا في مثل هذه الأسواق، ومن أشهر الأسواق المشتركة في زاهدان السوق المشتركة الواقعة في دوار كوثر والسوق المشتركة في شيرآباد.
المستشفيات:
هناک العدید من المستشفیات فی زاهدان، كمستشفى علي بن أبي طالب الذي تم افتتاحه منذ بضع سنوات وهو أكبر مستشفى في زاهدان، ثم مستشفى “خاتم الأنبياء” الذي تم افتتاحة عام 1971م، وهو مستشفى كبير، يقدم خدمات طبية متنوعة، ومستشفى “تامين إجتماعي” الذي أسس سنة 1996م، وهذا المستشفى أيضا واسع وكبير، والخدمات فيه أفضل من سائر المستشفيات في المدينة، ومستشفى “نبي أكرم” و”بوعلى” و”على الأصغر” و”الزهراء” الذي يعتبر مركزعلاج كبير لأمراض العيون. ومستشفى روانبزشكي الذي تم افتتاحه سنة 1996م، لعلاج الأمراض الروحية.
وجميع هذه المستشفيات التي مرت ذكرها تتلقى أثمانا باهظة لعلاج المرضى، والأسعارمنخفضة بالنسبة إلى المرضى الذين يحملون بطاقات التأمين، وهذه الفكرة حملت إدارة جامعة دارالعلوم بتأسيس “مركز أم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى رضي الله عنها الطبي” بمساعدة أهل الخيروالمتبرعين المخلصين، ليقوم بخدمة العلاج للطبقة الفقيرة والمسكينة من أهل المدينة، ويعالج المستضعفين من عامة الناس بسعر منخفض.
وخطة العمل في هذا المركزالطبي أن يتناوب فيه الأطباء المتخصصون ساعة ساعة كل يوم، وأما الأدوية فيوفرها بعض المستوصفات من داخل المدينة.
والإدارة تأمل وتسعى أن يصير هذا المركزالطبي مشتسفى كبيراً في المستقبل إذا وافقت الحكومة وساعدت الظروف المالية.
مستوى التعليم في زاهدان:
هناك نوعان من التعليم في جميع مدن بلوشستان: الأول التعليم التقليدي، وهذا النوع من التعليم يتعلق بدراسة العلوم الشرعية والإسلامية، ودراسة المتون العلمية القديمة من التفسير والحديث والفقه والكلام وغيرها. فمن يطلب هذا التعليم يراجع إلى مدرسة دينية ويسجل فيها وتعرف هذه المراكز التي تطرق إلى هذا التعليم بالمدراس الدينية. ولهذه المدارس برامجها ونظامها الدراسي الخاص، وهي تعتمد في مصارفها المالية على نفقات الشعب.
والنوع الثاني من التعليم في زاهدان وكذلك غيرها من مدن محافظة سيستان وبلوشستان فهو التعليم الحكومي الذي يضم في مرحلة ما قبل الجامعة، أربع مراحل رئيسية كالآتي:
1- رياض الأطفال: وهي تمثل المرحلة التمهيدية للمرحلة الابتدائية، وتبدأ من عمر خمس سنوات وتستمر لمدة عام واحد.
2- المرحلة الابتدائية: ومدتها خمس سنوات.
3- المرحلة المتوسطة: ويطلق عليها المرحلة التوجيهية وتستمر ثلاث سنوات.
4- المرحلة الثانوية: ومدتها أربع سنوات.
ثم مدة التعليم الجامعي تتفاوت بتفاوت الجامعات وتنوع فروعها.
المشكلة في التعليم الموجود في مدن المحافظة بما فيها مدينة زاهدان، هي الوضع السيئ للتعليم الحكومي السائد. فالمحافظة من المناطق المحرومة من حيث التعليم، وقد نبه بهذا الموضوع المسؤولون لمكافحة الأمية مرات ولكن المسؤولين ورؤساء وزارات التعليم والتربية وممثلوا المجلس لم يرفعوا بذلك رأسا. وتشير الإحصائيات غير الرسمية أن 32 في المائة من سكان هذه المحافظة أميون فهم بهذا العدد المعلن يشكلون ربع سكان المحافظة. ففي العام الدراسي الـ 2008-2009 كان 77 ألف تلميذ راسب في الامتحانات النهائية في المدراس الحكومية وهي أكبر ميزانية للرسوب التعليمي بالنسبة إلى سائرالمحافظات(موقع http://www.niazerooz.com/ ).
مؤسسة محسنين الخيرية زاهدان:
أسست قبل سنوات هذه المؤسسة الخيرية تحت إشراف إدارة دار العلوم بمساعدة بعض الخيرين والتجار المخلصين وأعيان البلد. وهي تستهدف الأمور التالية:
1 – كفالة الأيتام والأرامل وفقراء المسلمين.
2 – مساعدة الطلاب لمواصلة الدراسات العليا في العلوم الإسلامية.
3 – مساعدة أئمة المساجد والدعاة والمعلمين في الكتاتيب القرآنية وعلماء الدين المعوزين.
4 – تأسيس المراكز لتدريب المهن المختلفة من خياطة ونسج وتعليم مهارات الكمبيوتر.
5 – تأسيس مدارس روضة الأطفال لتربية أولاد المسلمين على المنهج الصحيح.
6 – تأسيس دار ومستشفى لعلاج الشباب والمصابين بإدمان أنواع المخدرات.
الصندوق العزيزي للقروض الحسنة:
هي مؤسسة رسمية لدى الحكومة، أسس سنة 1421هـ . ق. وإدارة دارالعلوم زاهدان تشرف عليها. ومن أهداف هذا الصندوق إيجاد التضامن والتكافل المالي من أجل الوفاء بتحقيق الأهداف العلمية والإجتماعية للعلماء والطلاب والدعاة وعامة الناس عن طريق القروض الحسنة، وقد تم تأسيس هذه الصندوق بتعاون من مجموعة أهل الخير في مدينة زاهدان، وإن سياسته في إجراء القروض توافق الشريعة الإسلامية، فلا يأخذ ربحا من المشتري أو المستقرض أبدا، ويتكفل بمصاريفها من مساعدة أهل الخير .
وفي هذه المدة اليسيرة قد أجرى آلاف دفعة للقرض بمبالغ متنوعة للأغراض المختلفة من مواصلة الدراسات والزواج والسكنى والعلاج وغيرها من الحاجات.
والإدارة تسعى وتأمل أن تتحصل على الموافقة من الحكومة لتنمية هذا الصندوق، وتطويره إلى مؤسسة مالية تماثل البنوك والمصارف.
أحياء ومناطق فقيرة في زاهدان:
تضم مدينة زاهدان العديد من الأحياء العريقة والحديثة. أهم أحياء زاهدان القديمة التي تعد من أفقر أحياء هذه المدينة: “شيرآباد” و”كريم آباد” و”جام جم” و”مرادقلي” و”جاده قديم” و”كارخانه نمك”، وهذه المناطق تتشكل منها التركيبة القديمة للمدينة، ويسكن هذه المناطق الغالبية السنية، تتميز شوارع أو حارات هذه الأحياء بأنها ضيقة ذات بيوت متقاربة وشوارع مليئة بالقاذورات، وتشعر وأنت تسير في إحداها وكأنك دخلت إلى التاريخ.
مراكز تعليم البنات في زاهدان:
لا يخفى على أحد مكانة النسوة في إصلاح المجتمع الإسلامي، إذا كانت هناك عناية خاصة بتعليمهن وتربيتهن وفقا لتعاليم ديننا المبين. بناء على هذه الفكرة، اهتم الكثيرون من الدعاة ومن تهمهم قضايا الأمة الإصلاحية في زاهدان إلى تأسيس مراكز خاصة تقوم بشؤون البنات التعليمية والتربوية، التي تطلق عليها إسم “المكتب” باللغة المحلية، ويزيد عدد هذه المدارس والمكاتب عن أربعين مكتبا كبيرا، بينما توجد مكاتب صغيرة كثيرة في النواحي المختلفة في المدينة. من أبرز هذه المدارس، مدرسة السيدة عائشة الصديقة للبنات، ومدرسة أم سلمة، ومدرسة الحاج عبد الحق. لهذه المدارس برامجها التعليمية الخاصة، ومدة التعليم فيها لا تزيد عن خمس سنوات دراسية. والطالبات يتعلمن خلال هذه السنوات العلوم الشرعية من القرآن والسنة والتفسير والفقه واللغة العربية.
مركز الدعوة والإرشاد في زاهدان:
للدعوة والإرشاد نشاط واسع في مختلف مناطق بلوشستان لتوعية الناس ودعوتهم إلى التوحيد الخالص ونشر السنن ونبذ البدع، ولها مراكز تقريبا في جميع المدن السنة في إيران عامة وفي بلوشستان خاصة، إلا أن أكبر مركز للدعوة يوجد في زاهدان ويقع في مسجد التوحيد في شارع سعدي الغربي. ويشرف مجلس متكون من مجموع من العلماء على أعمال ونشاطات هذا المركز.
أعياد أهل السنة في زاهدان:
يحتفل أهل السنة بالعيدين فقط، بعيد الفطر الذي هو أول أعياد المسلمين والذي يحتفل فيه المسلمون في أول يوم من أيام شهر شوال، والذي يأتي بعد صيام شهر رمضان ويكون أول يوم يفطر فيه المسلمين بعد صيام الشهر كله، ولذلك سمي بعيد الفطر. ويحرّم صيام أول يوم من أيام عيد الفطر، ويستمر العيد مدة ثلاثة أيام. ويوم العيد هو يوم فرح وسرور في زاهدان.
يؤدّي السنة في زاهدان في صباح العيد بعد شروق الشمس صلاة العيد في ساحة المصلى الكبير في المدينة ويلتقون في العيد ويتبادلون التهاني ويزورون أهلهم وأقرباءهم، وهذا ما يعرف بصلة الرحم. كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه وجيرانه، ويعطفون على الفقراء.
وكذلك يحتفلون بعيد الأضحى، وهو يصادف العاشر من ذي الحجة، حيث يحتفل العالم الإسلامي بهذه المناسبة في كل أنحاء الأرض. وتبدأ احتفالات عيد الاضحى بأداء صلاة العيد صباح اليوم الأول من العيد. وتصلى هذه الصلاة في المصلى المذكور خارج “المساجد”. وبعد أداء الصلاة ينتشر المسلمون ليقوموا بذبح أضحياتهم تطبيقا للآية الكريمة من قول الله تعالى : “إنا أعطيناك الكوثر ،فصلّ لربك وانحر”. وقد جرت العادة بين المسلمين البلوش كغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية، بزيارة أقاربهم ومعايدتهم، ومباركتهم بالعيد.
الجلسات والإجتماعات الدينية:
الحفل السنوي بمناسبة تكريم خريجي جامعة دار العلوم:
في عام 1411 هـ . ق تخرج اوّل جماعة من طلبة جامعة دار العلوم زاهدان، فعقد لهم حفل تكريم بعد صلاة الجمعة.
لقد جرت العادة من قديم الزمان في مدارس ومعاهد شبه القارة الهندية أن العام الدراسي ينتهي بقراءة آخر حديث من كتاب الجامع الصحيح للامام بخاري رحمه الله.
فإدارة دارالعلوم من عدة سنوات تهتم لذلك بانعقاد حفل تكريم للطلاب المتخرجين في المسجد الجامع بمقر الإدارة، ومن سنوات أصبح هذا أكبر اجتماع لأهل السنة والجماعة بهذه المناسبة ونهاية العام الدراسي.
ولرغبة الناس والوافدين من خارج زاهدان، تقرر الأمر بتوسيع هذا الحفل المبارك لمدة يومين ويشترك فيه جماعات ووفود من عامة الناس والعلماء من جميع محافظات إيران، وتلقى فيه المواعظ والخطب الإصلاحية.
إن الإدارة تستضيف بمساعدة أهل الخير أكثر من ثلاثين ألفاً من الضيوف المشاركين في الحفل السنوي كما تسعى لدعوة بعض العلماء والقادة من خارج إيران ليشاهدوا عن كثب علاقة الود والمؤاخاة القائمة بين أفراد المجتمع من أهل السنة والجماعة وسكان البلاد.
وقد لوحظ بأن هذا الحفل قد أثّر جداً في تثقيف الطلاب والعلماء وإصلاح الجيل الناشئ وبثّ الروح الإسلامية في أفراد المجتمع. لأجل كثرة المشاركين والضيوف نقل الحفل من المسجد إلى المصلى الكبير بقرب الجامعة.
ومن الجلسات الأخرى التي تعقد سنويا في زاهدان هي جلسة رؤساء المدارس الدينية في بلوشستان، وهذه الجلسات لرؤساء المدارس الدينية التابعة لبلوشستان تعقد ثلاث مرات، وكل مرة تعقد في إحدى المدارس التابعة لها أثناء كل سنة دراسية جديدة.
وكذلك حفلة الطلبة الجامعيين السنة من مختلف الجامعات الحكومية ومن مختلف المحافظات الإيرانية، من الجلسات التي يتم انعقادها في مدينة زاهدان بهدف توجيه هذا الجيل من أبناء أهل السنة والجماعة في المجتمع. وكذلك جلسة رؤساء القبائل التي تعقد في حالات طارئة.
الشخصيات البارزة في زاهدان:
الشيخ عبد العزيز ملازاده رحمه الله، والقاضي شاه محمد، والقاضي خير محمد، والشيخ عبد الغفور، والشيخ نورمحمد، والشيخ نعمت الله التوحيدى من أبرز العلماء والشخصيات الذين قضوا نحبهم بعد أن بذلوا جهودا عظيمة في خدمة ورفع راية التوحيد في هذه المدينة. ولا زالت المدينة تخطو خطواتها نحو الثقافة الإسلامية والدينية ومحاربة البدع ونبذ الخرافات وترك المعاصي بوجود شخصيات علمية كبيرة مثل فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في زاهدان والشيخ أحمد والشيخ المفتي محمد قاسم مفتي الجامعة والشيخ عبد الغني ومجموعة كبيرة من العلماء البارزين المشتغلين في المراكزالدينية والناشطين، جزاهم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.
أوضاع أهل السنة الإقتصادية في زاهدان:
على الرغم من الأهمية الجغرافية والإقتصادية التي تتمتع بها مدينة زاهدان إلا أنها بقيت ومنذ أن وجدت تقريبا من أفقر المدن الإيرانية، حيث لاقت إهمالا متعمدا. هذا وقد ساهم البلوش كغيرهم من الشعوب الإيرانية الأخرى في إسقاط النظام البهلوي ولكن على الرغم من مضي قرابة ثلاثة عقود على انتصار الثورة إلا أن مظاهر الفقر والتخلف والبطالة بقيت كالسمة التي تطغى على الواجهة في زاهدان وغيرها من مدن بلوشستان، رغم بعض المشاريع الإعمارية في هذه المنطقة.
والزائر لمختلف أحياء زاهدان كـثيرا ما يلاحظ الأحوال السيئة و الأوضاع المعيشية المتردية التي يعيشها أهل هذه الأحياء، حيث افتقر الكثيرون إلى ما يسد رمقهم ويحميهم من غائلة الجوع.
والمشكلة الأخرى التي يعاني منها سكان هذه الحدود هي مافيا المخدرات فيها. فبحكم وقوع الإقليم في منطقة المثلث الإيراني الباكستاني الأفغاني الذي تحيطه الجبال من الشرق والشمال فقد أصبح ممرا ومرتعا خصبا لمافيا المخدرات التي تدار بإشراف منظمات إقليمية كبيرة منذ زمن، ولكن الذي زاد الطين بلة في السنوات الأخيرة والذي ساعد على إزدياد جماعات تهريب المخدرات هو إنتشار البطالة بشكل ملحوظ، فالبطالة قد مست مدينة زاهدان وما حولها مسا عنيفا بعد إغلاق الحدود وتحديد التجارة وتحديد تبادل السلع من طريق هذه النواحي الحدودية بزعم مكافحة الأشرار والإرهاب، إثر سلسلة من القضايا التي أفقدت المحافظة أمنها، فهذه التحديدات والموانع لا يستطيع مجاوزتها إلا الأغنياء ومن له كلمة مسموعة في الدوائر الحكومية.
تعليقات