خطبة الجمعة 7 ربيع الثاني

خطبة الجمعة 7 ربيع الثاني

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله
تطرق سماحة الشيخ عبدالحميد حفظه الله إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة إلی قضية المنكرات والمعاصي الشائعة في المجتمع.

وأشار فضيلته بعد تلاوة آية: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» وقراءة حديث «من رأی منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» إلی مسئولية الأنبياء والأولياء والصالحين قائلاً: لقد اتفقت كلمة جميع الأنبياء في التاريخ علی أمر واحد وهو قلقهم واضطرابهم لإنقاذ أممهم من المعاصي والآثام مثل الكفر والشرك والفحشاء وغير ذلك مما يؤدي إلی هلاك الإنسانية.
وأضاف سماحته: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تحملوا مشاكل كثيرة في هذه السبيل، ومع ذلك فقد أفرغوا ما في وسعهم لطي بسط المعصية والمنكر من الأرض.
ثم تطرق سماحته إلی ذكر نماذج من سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مبتدئاً بنبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، فقال: قام سيدنا لوط عليه السلام في وجه قومه الذين شاعت فيهم معصية من أبشع المعاصي وهي اللواط. يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويذكرهم بعقاب الله تعالی وبأن لا يتركوا الإناث؛ فكان قوم لوط يقطعون الطريق وبعد سرقة أموال القوافل يعتدون علی غلمان تلك القوافل إلی أن أهلكهم الله تعالی بعذابه .
وأضاف الشيخ حفظه الله: كذلك قام نبي الله شعيب عليه السلام ينهی قومه الذين كانوا يطففون في الكيل والوزن في معاملاتهم عن هذه المعصية.
وقال سماحته: إن أنبياء الله تعالی خبراء عارفون يعرفون معرفة تامة ما هي الأسباب والعوامل التي تجلب مرضاة الله تعالی، كما أنهم يعرفون أسباب وعوامل سخط الله وعذابه.
خاطب النبي عليه الصلاة والسلام مجموعة من أصحابه الذين أرادوا الشدة علی أنفسهم في العبادات فقال: «إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا»، ومعناه أنا أعرف منكم بما يرضي الله من عباداته وبما يأتي بضغبه وسخطه.
وأضاف الشيخ عبدالحميد: لقد ذكرالقرآن الكريم وتعالیم رسول الله صلی‌الله‌عليه‌وسلم جميع الماصي وعوامل الغضب الإلهي والعقاب السماوي، فعلينا أن نترك المعاصي تماماً، فإن في صورة وجود معاصي ومنكرات مثل الربا والقتل والسحر والرشوة وتضييع الحقوق والظلم يظهر السخط الإلهي.
وأضاف خطيب الجامع المكي: عندما لا تراعی الحدود الشرعية وتظهر في المجتمع اللادينية وترتكب مخالفات الشرعية سيظهر عذاب الله وسخطه.
عندما تضاع الصلوات ومع سماع صوت الأذان لا نشارك الجماعة ولا نحضر في صفوف الراكعين والساجدين سيظهر سخط الله عندئذ.
لقد كان النبي صلی الله عليه وسلم يحضر المسجد في شدة مرضه فيصلي جالساً مع أن تلك الحالة تعتبر من الأعذار المبيحة لعدم الحضور لصلاة الجماعة.
إننا لا نحضر الجماعات ونحن أصحاء وهذه من أعظم المصائب.
وقال سماحته مشيراً إلی القصور الموجود في تأدية الزكاة: مع الأسف الشديد لا تؤدی الزكاة بشكل صحيح وتستخدم الحيل والتأويلات؛ فإننا لو خدعنا كل واحد ولكننا لن نقدر أن نخدع الله عز وجل؛ فلنؤتي حق الله من سويداء قلوبنا ونفوسنا.
قال الله عزوجل شاكياً من العباد: «ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه»، فعلينا أن لا نخالف أوامرالله عز وجل لأجل محبة المال والنفس فنسبب بذلك غضب الله تعالی.
مع الأسف إننا اليوم نشتري سخط الله وعذابه بسبب جلب رضا الأقارب والأهل.
وقال إمام و خطيب الجمعة في زاهدان رداً علی المنكرات الموجودة في حفلات العرس: يقيم جماعة من الناس حفلات العرس بالرقص والأغاني وغير ذلك من الأمور المخالفة للشريعة وسيرة الصحابة والسلف الصالحين، يبتغون بذلك مرضاة الناس ورضاهم، يرجحون اتباع الأجانب من الأروبيين علی اتباع السنة النبوية وأولياء الله الصالحين. تستعمل المخدرات والخمور في بعض حفلات العرس التي تؤدي إلی مفاسد ونتائج خطيرة جداً.
قال فضيلة الشيخ حفظه الله تعالی: إن النكاح ليس أمراً خارقاً للعادة، بل هو سنة من سنن النبي صلی‌الله‌عليه‌وسلم وهو يأتي بالخير والرحمة والصلاح إن كان علی طريقة النبي صلی‌الله‌عليه‌وسلم، وإن كان مخالفاً للشريعة فهو باعث لغضب الله عزوجل وسخطه.
لا يجوز لنا أن نخترع و نبتكر في الأمور الدينية ونأتي بشيء جديد، فإن الإختراع والإبتكار يكون في العلوم لا في الأحكام الشرعية وسنة النبي صلی‌الله‌عليه‌وسلم، فلا بد أن نكون تابعين ومتبعين في الأحكام الشرعية سنة النبي صلی‌الله‌عليه‌وسلم وسنة الخلفاء الراشدين.
وخاطب الشيخ عامة الحاضرين مشيراً إلی مسئوليتهم تجاه هذه المنكرات قائلاً: إننا مسئولون تجاه المنكرات الشائعة في المجمع، فعلينا أن نكون داعين إلی الخير ولا نكون غير مبالين بالنسبة إلی المعاصي والمنكرات.
لقد وصف القرآن المؤمنات والمؤمنين بأنهم بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله، فعلينا أن نسعی حسب طاقاتنا في المنع عن المنكرات وندعوا أبناءنا وأقاربنا إلی الخير ونعاملهم برفق ولطف.
ولقد نصح ابراهيم عليهم السلام ويعقوب أبنائهما بالمحبة وقالا وهما يخاطبان بـ "يا بني" وكذلك استعمل في خطابه صلی الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه، وكذلك ورد "يا بني" في خطاب سيدنا لقمان لإبنه حيث أمره بالمعروف ثم نهاه عن المنكر، لذلك يجب أن يكون أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر بالرفق والرحمة.
وأضاف سماحته: تعظم مسئولية الدول والحكومات في مثل هذه المواقع فإنها بإمكانها مكافحة المنكرات والمفاسد باستعمال القوة والطاقة ويجاهدوا عملياً ضد المعاصي والخبائث.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: "من رأی منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ودعا الشيخ في نهاية خطبة الجمعة جميع الحاضرين إلی التوبة الخالصة والبكاء علی المعاصي قائلاً: لا تحسبوا أنكم ستدخلون الجنة. من أين تعلمون أنكم من أهل الجنة ومن أين تعلمون أنكم لا تبتلون بعذاب الله تعالی؟ قال النبي صلی‌الله‌عليه‌وسلم: "والله لا أدري ما يفعل بي ولا بكم".
لا يعلم أحد من الجنة هو أم من النار! ولايكون أحد من أهل الجنة برؤيا يراها، وإن رؤيا الأنبياء حجة ودليل فقط.
ليشغلنا فكر الحساب والكتاب والآخرة ولنبك علی معاصينا، ولنتب جميعاً إلی الله تعالی ونجتنب المنكرات وما يخالف الشرع، ونراعي أوامر الله وسنة رسوله في حياتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات