خطبة الجمعة 23 من ربيع الأول

خطبة الجمعة 23  من ربيع الأول

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

تطرق سماحة الشيخ عبد الحميد حفظه الله تعالى في خطبة هذه الجمعة إلى توضيح آيات "  أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ " قائلا : إن الله عزوجل أنزل لنا الإسلام الذي هو دين كامل و جامع لهداية البشر في كل عصر ومصر، وهودين شامل يشتمل على حقوق العباد كما هو مشتمل على حقوق الله عزوجل وهو الدين الذي جاء لتلبية حاجات البشر في كل عصر، وما أجمل الإسلام كدستور لهدايتنا من جانب الله تعالى وما أجمل تعاليمه وتوجيهاته.

وأضاف سماحته قائلا: يا ليت وفقت الأمة المسلمة على أن تروي عطشها الدنيوي والمعنوي بهذا الهدي العظيم، فما أجمل هدى الله تعالى بالنسبة إلى حقوق العباد وذوي الحقوق. قال الله  تعالى: "فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل" فإننا مطالبون بالحقوق يوم القيمة ومطالبون من جانب ذوي القربى وأصحاب الحقوق، فالآية تشير إلى هذه المطالبة، وقد ذكرقبلها أن بسط الرزق وتضييقه من عند الله عزوجل ولا شك أن أسباب بسط وضيق الرزق عندنا ولكن الباسط الحقيقي للرزق هو الله تعالى .
ولقد بين الله تعالى أن رزقنا لا ينتقص بالإنفاق على المساكين والفقراء وإعطاء الحقوق إلى أصحابها، بل الإسراف والتبذير هما ينقصان الرزق ويقلانه .
فليس بخيلا من يجمع فتات الخبز المبعثرة على المائدة فيأكلها، فلننفق أيها الإخوة حسب حاجاتنا.
واعتبر سماحته المبالغة في الإنفاق و كذلك الإسراف والتبذيرفي النفقات والإنفاقات من أسباب   زوال الرزق وتضييقه. وأضاف قائلا : مع الأسف نحن من أكثر الناس إسرافا وتبذيرا في الماء والطعام وغير ذلك من حاجات حياتنا الأساسية ،  ويغلب الإسراف في هذه الأشياء في جلسات وحفلات العرس، فنشاهد  كيف تسرف ألوان الطعام المعدة بالنفي في المزابل فتضيع، مع أن هناك من المحتاجين من يفتش المزابل لكسرة خبز ومن لا يملك ثمن الخبز ولا يدري من أين يكتسبه. ثم استطرد سماحته: لا بأس بأن ننفق وننتفع بأموالنا ولكن نجتنب الإسراف. وأضاف : إن البخل والإمساك عن الإنفاق لا يزيدان في مال الإنسان . فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا"، والممسك من أمسك يديه من الإنفاق في سبيل الله عزوجل بل لا ينفق على نفسه وأهله أيضا. والشكر يزيد في المال، والسخاوة نوع من الشكر.
قال الله تعالى: " فأت ذى القربى حقه"، والوالدان في الأولوية من بين ذوي القربى فلا بد من الإهتمام بحقوقهما وأدائها خاصة إذا كانا فقيرين فيجب على الإبن الإنفا ق عليهما كما أن نفقة الولد في الصغر كان واجبا على والديه، كذلك بالنسبة إلى الأقارب الأخرى المحتاجين مثل الأخ والأخت ينبغي إعطاء حقوقهم . ولا نقطع صلتنا وعلاقتنا مع الأقارب فإنهم سوف يحاسبوننا عند الله بسببها ولنعلم أن القرابة لا تقطع بسبب الإساءات والكمال في أن نصل من يقطعنا كما ورد في الحديث الشريف "صِلْ مَنْ قَطَعَكَ "  فلنشارك في جنائزهم ونتردد إليهم وإذا كانوا محتاجين وفقراء فلنقم بالإنفاق عليهم  .
فإننا لو قمنا بصلة الرحم  يبارك الله في عمرنا وكذلك في رزقنا فيكون العمر مباركا والرزق أيضا مباركا بسبب صلة الرحم والعلاقة مع الآخرين .
وأشار سماحته إلى ذكر طائفة من الناس الذين يحسنون إلى الغير ولكنهم يسيئون إلى الأقارب قائلا: ربما لا نرضى أخلاق وأعمال بعض الأقارب السيئة ولكن ينبغي أن لا تمنعنا أعمالهم وأفعالهم إذا كانت سيئة من أن نصلهم ونتردد إليهم.
 وواصل فضيلته كلمته في توضيح الآيات قائلا : ثم ذكر الله عزوجل " المسكين " فلنعطي المسكين حقه الذي يجب علينا وسواء كان هذا المسكين من يسئل الناس ويمر بأبواب بيوتهم  وقد قدمه القرآن في الذكر لأجل أنه أذهب عرضه بسب مد يد السؤال إلى غيره أو كان المحروم الذي يستحي من السؤال والمهم أن نتفحص هؤلاء المساكين و المحرومين وننفق عليهم من أموالنا فإن أولياء الله عزوجل كانوا يبحثون دائما عن هؤلاء المساكين واليتامى الذين لا مال ولا ولي لهم  وينفقون عليهم.
إن أكابرنا وأسلافنا  كانوا يقومون بتربية الأيتام والنفقة عليهم وتزويجهم. كان النبي صلى الله عليه وسلم أيضا يربي اليتيم ويوصي بتكريمه. ورد في الحديث الشريف "من مسح رأس يتيم لم يمسحه الا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين و فرق بين إصبعيه السبابة".
 وأضاف فضيلته قائلا : تصلنا تقارير من بعض  القرى والأرياف عن أسر مات أو أعدم أولياءها أو قتلوا بوطئهم الألغام المزروعة في الطرق وهم يبحثون عن الرزق وتركوا من خلفهم أيامى وأيتاما ولا يوجد من يلبي حاجاتهم .
فعلى الشعب والدولة أن تسعى في تلبية حاجات مثل هؤلاء. قال الله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا" وهذه الجماعات الثلاثة المذكورة في الآية ينبغي أن ننفق عليهم بقدر استطاعتنا ومقدرتنا، فإنها لا توجد زراعة ولا معامل ولا مصانع في المنطقة ومعظم الناس في مواجهة المشاكل والأزمات. وعلى الدولة أن لا تترك أبناء هذه المنطقة يتعرضون للمفاسد الأخلاقية. وأضاف سماحته: إن هذه الأمور الأخلاقية من أهم المباحث الأخلاقية في العالم، فمن كان يبتغي رضا الله تعالى فليباشر هذه الأعمال كما قال الله عزوجل في آخر هذه الأيات: " ذلك خير للذين يريدون وجه الله". وأنهى فضيلة الشيخ عبد الحميد خطبته بتفسيرالآية الآخرى التي تلاها وهي قول الله عزوجل "وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ"، قائلا: اتضح من هذه الآية أنه لا ينبغي أن يعطي الإنسان إلى غيره شيئا ويرجوا أن يعطيه ذلك المعطى بدلا خيرا من هديته.
وأضاف سماحته: لا شك أن الهدية من مكارم الأخلاق وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "تهادوا تحابوا" ولكن لا بد أن تكون هدايانا في سبيل الله عزوجل أو تكون على بدل مثلها من غير طلب وكذلك ينبغي أذا أعطانا أحد هدية أن ندعوا له فنقول جزاك الله خيرا، هذا الدعاء المسنون الكامل الجامع  ونتجنب سائر المقولات الناقصة الرائجة التي يقولها الناس عند ما يرون خيرا أو إحسانا من أحد.
قال الله تعالى في نهاية الآية و" وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ"، وفيها إشارة إلى أن الزكاة تزيد في المال بل الزكاة معناها اللغوي هو الزيادة، فلندفع زكاة أموالنا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات