خطبة الجمعة 16 من ربيع الأول

خطبة الجمعة 16 من ربيع الأول

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

فضيلة الشيخ عبدالحميد حفظه الله

تطرق سماحة الشيخ عبدالحميد حفظه الله إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة إلی ضرورة التأسي بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام .

بدأ فضيلة الشيخ عبدالحميد خطبته يوم الجمعة بتلاوة هذه الآية المباركة: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» وآية «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم»، ثم توجه إلی المستمعين قائلاً:  إن الله تعالی يذكر في القرآن منّه علی العباد بسبب النعم الكثيرة التي أنعم بها عليهم، ومن أفضل هذه النعم وأعظمها هي نعمة بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي من نعم الله المعنوية وهي نعمة الدين والرسالة؛ لأجل ذلك جعلها الله تعالى كأبرز نعمة يمنّ بها على المؤمنين. قال الله تعالی: «لقد من الله علی المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً».
 وأضاف فضيلته قائلا: إن الدرس الأساسي الذي نتلقاه من البعثة هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع المجالات. كما أن الهدف من تذكرة مواليد الأكابرأو وفياتهم  وجوب اتباعهم والتأسي بسيرتهم. 
فلو نظرنا إلی سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أنها أحسن السير ونجد فيها النور والهداية للبشر وهذه السيرة المباركة قد وصلت إلينا عن طرق الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
 وأردف فضيلته قائلا : ولرسولنا سيرة لا نجدها في غيره من الأنبياء، فإن سير تلك الأنبياء وأحوالهم لم تضبط  مثل ما ضبطت واحتفظت سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فقد قام  الصحابة  بحفظ جميع ما رأوا وشاهدوا من  سيرة النبي وأقواله وتقاريره في الأسفار والغزوات وخارج البيت ونقلوا لنا كل ما وجدوه حتى سكوته في بعض الأحيان  كما قامت الأزواج المطهرات أمهات المومنين بحفظ سيرة النبي في الأحوال الشخصية والعائلية. ولن نجد قائداً أوإماماً تم حفظ سيرته مثل ما تم حفظ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع مجالات الحياة، وإن جميع جوانب حياته موجودة أمامنا اليوم تدرس في المدارس والمراكز العلمية.
 وأضاف قائلا : إن هذه السيرة لا تنحصر في شيء دون شيء بل تعم جميع أبعاد الحياة.
سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عيله وسلم حيث جاء في القرآن الكريم إنك لعلی خلق عظيم فأجابت: «كان خلقه القرآن». كان النبي عاملا بجميع ما في القرآن، فمن أراد العمل بالقرآن فعليه باتباعه صلی الله عليه وسلم  لأن أحكام القرآن موجودة في سيرته صلى الله عليه وسلم، وإن كنا نريد الفلاح والسعادة فلنتمسك بسيرته صلى الله عليه وسلم في صلاة التهجد وسائر الصلوات الخمس وتلاوة القرآن والدعاء والتضرع والحج وإعانة المساكين والفقراء والتضحية في سبيل الدين.
واستطرد سماحته قائلاً: جاء في كتب الحديث أنه جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لاتزرموه دعوه. فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لاتصلح لشيء من هذا البول ولا القذرة إنما هي لذكرالله عزوجل والصلاة وقراءة القرآن فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه. فهذا من خلقه العظيم. وفي رواية  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، فَأَغْلَظَ لَهُ ، فَهَمَّ أَصْحَابُهُ ، فَقَالَ «دَعُوهُ ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً . وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ» . وَقَالُوا لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ . قَالَ «اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . ورد في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة حنين رهقه الناس يسألونه فحاصت به الناقة فخطفت رداءه شجرة فقال: «ردوا على ردائي أتخشون على البخل والله لو أفاء الله عليكم نعما مثل سمر تهامة لقسمتها بينكم ثم لا تجدونني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا». ومن شمائله صلى الله عليه وسلم أنه ماانتقم من أحد لأجله إلا في حد من حدود الله عزوجل فكان لا يقبل الشفاعة فيها من أحد. 
روي عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ ، فَقَالَ وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ » . ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ « إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ».  ومن صفاته صلى الله عليه سلم أنه كان يذكر الله دائما ولا يتكلم إلا بما فيه خير الدنيا أو الأخرة . يروي الصحابي أنه مَرَّ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – وقَالَ « إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا ». وفي رواية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل إنه يهودي فقال: «أليست نفسا».
 فمن كان يطلب السعادة والفلاح والنجاة فليطلبها في إتباع النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذروة في الاستقامة وأسوة  في الشجاعة، فلما استقبله أهل الطائف الذين ذهب إليهم لأمر الدعوة  بالحجارة تقبل تلك المصائب كلها في الله عزوجل وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثالثة ما بين يوم وليلة مالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما واراه إبط بلال».
إنه كان خاتم النبيين وأفضل المرسلين وكان يقول: «لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيى ثم أقتل ثم أحيى ثم أقتل ثم أحيى ثم أقتل». قد بعث إلى العالم برسالة الصلح والعبادة في جزيرة العرب التي كانت منحطة في معظم  أبعاد الحياة فسقطت ببركة هذا النور الذي عم البلاد كلها شرقا وغربا دولتا الروم والفارس أمام رسالته ولقد بعث برسالة الأخوة والألفة على أساس الإيمان والإسلام فانتهت ببركتها تلك الحروب الجاهلية التي كانت تستمر إلى عشرات السنين.
ثم تطرق سماحته فی القسم الأخیر من الخطبة إلی مناسبة أسبوع الوحدة فی إیران قائلا :
مع الأسف بعد مر ثلاثين سنة من حياة الثورة نجد انخفاضا في الوحدة والتقريب. وأضاف قائلا : إن أهل السنة والجماعة يستقبلون فكرة الوحدة بكل الوجود، فإننا تجمعنا أمور وهي الأخوة الإسلامية فإننا شعب مسلم ننتمي إلى دين واحد، وكذلك الوحدة الوطنية فإننا أبناء بلد واحد وكذلك هناك قرابة نسبية بين بعض السنة والشيعة. 
و قال فضیلته: إن الوحدة لا تتحقق بالهتافات والشعارات بل لا بد من الشعور الصحيح بالنسبة إلى الوحدة وإننا لن نصل إلى الوحدة الحقيقية بالشعارات والهتافات.
ومن لوازم الوحدة والتقريب الحقيقي هي تنفيذ العدل في حق جميع الأطراف والطوائف وكذلك حفظ الحرية المذهبية التي أعطاها الدستورللأقلیات، والالتزام بالاحترام المتبادل.
ثم أضاف سماحته قائلا : أظن أن دستور البلاد مظلوم بالنسبة إلى بعض موادها التي لازالت هي متروكة من ناحية العملية.
لابد أن نراعي ونحفظ علی ما يوصلنا ويقربنا إلى التقريب الحقيقي ولا بد من أن يكون فينا الشعور الصحيح بالنسبة إلى الوحدة، ثم لا بد من الانتفاع بالسيرة النبوية الشريفة في مجال الوحدة ، وكيف ألف النبي صلی الله عليه وسلم بين العشائر والقبائل المتحاربة.
نرجو تنفذ سيرة النبي صلى الله عليه سلم في مجال التقارب والوحدة وفي مجال العدالة فی حیاتنا. وإن أهل السنة هم أفضل فرصة للدولة وهم جسر أساسی یمکن للدولة من منطلقهم  فتح العلاقات مع السنة في سائر البلاد.
 والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاته
 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات