اليوم :29 March 2024

لقاء الطلبة الجامعيين السنة مع علمائهم

لقاء الطلبة الجامعيين السنة مع علمائهم

جانب من الحضور في الحفلة

جانب من الحضور في الحفلة

منذ سنوات يقصد الطبة الجامعيون من أنحاء البلاد زيارة علمائهم في مدينة زاهدان، لينتفعوا بتوجيهاتهم ونصائحهم، ثم يعودون إلى جامعاتهم  بحيوية مضاعفة. يتم معظم هذه اللقاءات في الأغلب في أخريات السنة الشمسية، حيث يدفع ذلك المهتمين والموجهين في جامعة دارالعلوم إلى عقد حفلة توجيهية والدعوة عن مجموعة كبيرة من كبار المثقفين والعلماء للحضور فيها تكملة لانتفاع واستفادة هذا الوفد الكريم.

فقد استضافت جامعة دارالعلوم لأهل السنة في زاهدان جما غفيرا من الطلبة الجامعيين السنة في غرة شهر ربيع الأول. كان من المقرر أن يبدأ الحفل أعماله رسميا صباح الخميس ولكن الإقبال المرموق والحضور اللافت للأنظار الذين كانا دالّين بشكل جيدٍ على شعورهم الدّينية البالغة وحبّهم وشغفهم بالإسلام ومبادئه مهما كانوا بعيدين ومنفصلين من البيئات الدينية والإسلامية دفع القائمين على جامعة دارالعلوم إلى عقد الحفلة قبل موعده المقرر، لذلك افتتحت الحفلة المذكورة مساء الأربعاء بشكل غير رسمي وذلك بانعقاد حفلة قرآنية وتكريم جماعة من قراء كتاب الله البارزين، والإصغاء إلى تلاوة كبار قراء الجامعة.
 بانتهاء حفلة قراءة القرآن الكريم التي كان ختامه بأذان المغرب دخلت الحفلة في جلستها الثانية بعد صلاة المغرب، فقام أحد الطلبة ببحث حول الأوضاع الراهنة للأمة المسلمة في مقالة قدمها إلى الحضور.

محاضرة الشيخ محمد كريم صالح (أحد الدعاة السنة في إيران)

قال الشيخ محمد كريم صالح، مستندا إلى أية «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنکر و تؤمنون بالله»:  قد بعث كل واحد من أفراد هذه الأمة من جانب الله عزوجل لإنقاذ البشرية من مستنقعات الظلام والضلالة وتبليغ رسالة الإسلام إلى أنحاء العالم . ثم أضاف: لابد من تبيين مكانة النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو ضامن لسعادة وسلامة البشرللعالم وعلى الأمة المسلمة أن تبلغ البشرية رسالة الإسلام ولابد أن تفهم البشرية أن الإسلام دين يضمن السعادة والسلامة والراحة للبشرية، والذين يهتدون فهم كما صرح القرآن الكريم اولئک لهم الأمن و هم مهتدون. سيكونون في أمن وأمان، في أمن من الزلازل والبلايا والفقر.
 الإسلام يحمل لنا رسالة العزة. قال الله تعالى "العزة لله ولرسوله وللمؤمنين"، وهو يحمل كذلك رسالة الحياة الطيبة والطمأنينة. "فلنحیینّه حیاةً طیّبة". والإسلام هو الدين الوحيد الذي يحمل للعالم رسالة حل الأزمات المالية والمشاكل الاقتصادية التي سدت أبواب حلها على وجه البشرية المعاصرة. قال الله عزوجل "و من یتّق الله یجعل له مخرجاً و یرزقه من حیث لایحتسب.
 ثم أنهى فضيلة الشيخ محمد كريم صالح  كلمته ببيان مكانة الطلبة الجامعيين في الجوامع البشرية وميزات الدين الإسلامي.

الإسلام والتحديات المعاصرة

كان الموضوع الأصلي لهذه الحفلة هو "الإسلام والتحديات المعاصرة"، حيث تناول المحاضرون في اليوم التالي وهو الموعد الرسمي لحفل المذكور التكلم والتحدث حول الموضوع المتعين.
في البداية قام الشيخ احمد النائب في الشؤون الإدارية في الجامعة خلف المنصة متحدثا حول أسرار النجاح والفلاح في ضوء القرآن الكريم .
 قال الشيخ احمد: لقد بين القرآن الكريم الإيمان والعمل الصالح والاستقامة كأسرار ثلاثة لنجاح وفلاح البشر. فبالنسبة إلى العمل الصالح إننا لو استعرضنا سيرة النبي عليه السلام نجد أن النبي عليه الصلاة والسلام ومع كونه معصوما كان مقداما في العبادات والأعمال .
ثم أضاف سماحته قائلا : إن أهم عناصر الاستقامة هما 1- التفكير للإصلاح المجتمع 2- والإحسان إلى  المسيئين والمستهزئين.

المهندس "باقر كرد"
  تطرق المهندس "باقر كرد" وهو أحد أساتذة الجامعة الحكومية في محافظة سيستان وبلوشستان والمحاضر في هذه الجلسة بعد تقديم مراتب الشكر إلى قائمي الحفلة إلى موضوع ميزات الطالب الجامعي وتوقعاته قائلا: إن من أهم صفات الطلبة الجامعيين هي امتلاكه ذهنا مبدعا وعقلا خلاقا ولسانا سؤولا والانتفاع بمعلومات متنوعة وكونه وراء توجيه ودلالة المجتمع وإقامة العدل فيه.
 ثم أشار باقر إلى الفجوة الواسعة بين الطبقة الجامعية والمجتمع قائلا : لابد أن نجعل الجامعيين في بطن المجتمع ليتمكنوا من معرفة معضلات ومشاكل المجتمع ثم يدفعوا إلى البحث عن حلول معالجة لها في الجامعة.

الدكتور "محمد صيدا"
قد حضر الدكتور "محمد صيدا" من الأكراد السنة والمشتهر برجل الذاكرة الإيرانية ليلة الخميس الجامعة وقد كان يتحين مشتاقون كثيرون الفرصة لاستماع كلمته، حيث استقر الدكتور المحل وقال مبينا مع أن البحوث حاكية عن زيادة العلم في سنة 2008 : لو أردنا أن نتعلم بالطرق التقليدية نتأخر عن الركب.
الناجح في عصر الانترنت من يقطع الطريق الأقصر. ثم بين بعض المهارات الخاصة لتقوية الذاكرة للطلبة.

مساء الخميس

انعقدت مساء الخميس جلسة الأسئلة والأجوبة، فقد كان يجيب الشيخ عبد الحليم القاضي والشيخ عبد العزيز النعماني من الأساتذة البارزين في جامعة دارالعلوم الطلبة على أسئلتهم الدينية والاعتقادية، وتداومت جلسة السؤال والجواب إلى بعد صلاة العصر أيضا وذلك بحضور الشيخ عبد الحميد والشيخ احمد والشيخ محمد قاسم القاسمي والدكتور باقر حيث تصدى كل من هؤلا المشايخ للإجابة على أسئلة الطلبة.
 
نصائح الشيخ عبد الحميد حفظه الله

كان ختام هذا الحفل بعقد آخر جلسة بعد صلاة المغرب. ولقد تحدث فيه فضيلة الشيخ عبد الحميد حفطه الله تعالى رئيس جامعة دارالعلوم بمدينة زاهدان قائلا: إن الطلبة والجامعيين هم الطبقة المفضلة في المجتمع.
 ثم واصل فضيلة الشيخ كلمته بيبيان التحديات الواقعة تجاه الدين في عصر الانترنت وأضاف: يستثني عصرنا بسبب اكتساب البشر مجموعة من الاكتشافات، والذي لم يُهتم إليه في عصر التقدم والرقي هو البعد الروحي والمعنوي، لأجل ذلك استقر البشر على شفا جرف هار من الهلاك والدمار، ولقد سافر كثير من القيم الأخلاقية من مجتمعاتنا، وفي الواقع لما يدرك البشر قيمته، وبإمكاننا أن نقول بأن البشر يتقدم من جانب وينحط من جانب آخر، وذلك لأن غالبية البشر في العالم لم يعرفوا الأنبياء المعرفة الصحيحة وظنوا العلم الذي جاء به النبيون علما بسيطا عاديا مع أن الأنبياء  كانوا أمناء الله الحقيقيين في الأرض وحملة العلم الصحيح الذي لا تخالطه شبهة ولا ريبة  ورسله المبعوثين لتكوين البشر وإصلا حهم، والصراط الوحيد المستقيم للوصول إلى الله عزوجل هي تعاليم وهدى النبي صلى الله عليه وسلم.
 ثم أشار رئيس جامعة دارالعلوم إلى ابتعاد المسلمين عن تعاليم الإسلام قائلا: منذ أن ابتعد المسلمون عن القرآن الكريم والسنة النبوية الطيبة واجهوا المشاكل والمعضلات. ومن نتائج هذا الابتعاد السيئة هي الفرقة والاختلاف بين الأمة الإسلامية، حيث استغلها الأعداء بسهولة كاملة. فالطريق الوحيد لحل مشاكل هذه الأمة هي العودة إلى القرآن والسنة والتوبة إلى الله تعالى توبة عامة شاملة.
وأضاف: عصرنا ليس كما يزعم البعض عصر الهروب من الدين بل هو عصر التدين والإقبال إلى الدين، وقد التهبت مشاعل الإيمان في قلوب الشباب.
ثم قال فضيلة الشيخ مخاطبا الطلبة: من ثم إن تقدمنا رهين العلم والمعلومات. إبذلوا مساعيكم في اكتساب أرقى منازل العلم ولا نتغافل عن تقديم أي مجهود في نطاق وسعنا.  ثم أوصى سماحته الطلبة إلى التزام الأعمال وقال: عليكم بأنفسكم في بيئة الجامعات.
وفي القسم الثاني من محاضرته تطرق سماحة الشيخ عبد الحميد إلى ذكر بعض القضايا الخاصة بالمجتمع السني الإيراني قائلا:
لسنا ضد النظام. نحن إيرانيون ولنا حقوقنا ونحن مصرون على متابعة هذه الحقوق ونتوقع أن ترفع هذه التمييزات وينظر إلى الجميع سواسية. ومطالبتنا الثانية التي لن نتنازل عنها في أي ظرف من الظروف هي حريتنا المذهبية والتعليمية في إطار الدستور. والمطالبة الثالثة لأهل السنة والجماعة حفظ استقلال المدارس الدينية. نحن مستعدون لتكبد كافة المعضلات ولكننا لسنا نقبل انتزاع استقلال مدارسنا الدينية ونصر على هذه المطالبة إلى الأبد، فوجود هذه المدارس ووجود أهل السنة بصالح النظام.
والمطالبة الرابعة هي حفظ حرمة واحترام مقدساتنا، وقد أشار زعيم الثورة إلى هذا أخيرا. ربما يتهمنا البعض إلى أننا نبالغ في المطالبات ونحن نقول لهؤلاء ماذا نملك نحن؟ نحن لم نطلب المنصب والمقام بل نطالب الحرمة وأن نشارك في تقدم البلاد، فإن النصح للدولة والرعية والاعتدال هو منهجنا.
وقال سماحة الشيخ حول موقف أهل السنة بالنسبة إلى الانتخابات القادمة: لا زالت الفرصة باقية لاتخاذ الموقف حول الانتخابات، فإن الظروف تتبدل بسرعة وباستطلاع آرائكم والمجتمع السني سنتخذ الموقف النهائي حول هذا الأمر إن شاء الله .
مع الأسف لقد ازدادت الضغوط على أهل السنة وإننا نرجوا أن تحل مشاكل أهل السنة قبل حلول موعد الانتخابات .
وفي النهاية أوصى سماحة الشيخ عبد الحميد الطلبة بنبذ الخلافات قائلا: عليكم بالتجنب التام عن الاختلافات ولانسمح أن تتشكل الفرقة بين السنة بسبب تطرف البعض، ويجب أن يحترم بعضنا أراء البعض ونحافظ على الوحدة، فإن الوحدة أمارة التعقل والتقدم .
وإن وصيتي الخاصة للطلبة أن الاختلافات الفقهية ليست مشاكلنا بل هنا ك لدينا مشاكل ثقافية واجتماعية وسياسية لابد أن نجتهد في رفعها. لكم أن تعرضوا آرائكم في ما هو تخصصكم فيه ولكن لا تتطرقوا في المسائل الفقهية التي ليست مجال تخصصكم مختلفين متنازعين.
انتهى الحفل بهذه الوصية الأخيرة لسماحة الشيخ عبد الحميد حفظه الله تعالى وأخذ الجامعيون يغادرون الجامعة.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات