- سني أون لاین - https://sunnionline.us/arabic -

نحن نرفض الانفصالية تماما

رفض فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في خطبة الجمعة (6 جمادى الثانية 1444)، تهمة الانفصالية التي يدعيها البعض، مشيرا إلى أنه في حالة وجود انفصالية، فإن أول من يعارضها ويقف ضدها، هم البلوش، والأكراد، والفرس، والعرب، والتركمان، والأتراك، والألوار، وغيلكي، وسائر القوميات الإيرانية.

لا بد من حفظ كرامة المرأة
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في بداية الخطبة على ضرورة اكتساب العلم للمرأة، وتابع قائلا: كما أن العلم ضروري للرجال، فهو ضروري أيضا للنساء. إنه لخطأ كبير أن يظن شخص ما أن النساء خُلقن فقط لتربية الأطفال والعناية بالمنزل، هؤلاء نزّلوا مكانة المرأة، فالمرأة تستطيع أن تدير الجامعات والمراكز العلمية، والمرأة قادرة على أن تكون كاتبة وعالمة ومعلمة للعالم، ولقد وهب الله تعالى المرأة الموهبة، ويجب إعطاء المرأة فرصة ويجب أن تحترم حقوقها وكرامتها.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: سألوا والدة الشهيد “خدانور” من شهداء زاهدان، الذي اشتهر، ماذا فعل “خدانور”؟ أجابت: “خدانور” كان يحبني كثيرًا ويقبل يدي وقدمي وكان يقول أتمنى الشهادة. هذه مكانة الأم. المرأة لها مكانة في المجتمع، والكثير من الآباء والأزواج والأولاد مستعدون للموت حتى لا يؤذي أحد المرأة في المجتمع.

لا نسعى للقدرة ولا للشهرة
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: ما أقوله هنا هو فقط لأداء رسالتي وأريد الخير للشعب الإيراني كله؛ أريد الخير للدولة والشعب. إن كنت أقول هذه الكلمات للحكومة فهي في اتجاه الخير، وإن قلت شيئا للشعب فهذا في اتجاه الدفاع عن حقوق الشعب وفي اتجاه الخير، ولست أطلب أي مصلحة شخصية.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى افتراءات مثل “السعي للحصول على القدرة” و”السعي للشهرة”، قائلا: على الرغم من أننا دعمنا الجمهورية الإسلامية سابقا وكنت شهدت دائما في الانتخابات والمجالات الأخرى، والمسؤولون يعلمون أنني لم أطلب أي شيء من الجمهورية الإسلامية. قالوا ذات مرة إننا سنعطي سيارة لأئمة الجمعة وسنمنحك سيارة ونأخذ سعرها، قلت لن أركب سيارتكم.
وأضاف: الذين يروجون أنني أسعى للسلطة أو الشهرة، يعرفون أنني لست كذلك، لكنني أتمنى شيئين: الأول هو إعمار دنيا الشعب، وتحقيقهم الحرية والعدل؛ فمن حق هذا الشعب أن يكونوا أعزّة في العالم. والشيء الثاني الذي أتمناه للشعب الإيراني أن تعمر آخرتهم وأن ينالوا مرضاة الله تعالى. لا أريد لكم الآخرة فقط، بل أتمنى سعادة الشعب في الدنيا والآخرة.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: أما أنا فأفضّل حياتي الحالية على الملوكية وأي منصب في العالم، وأريد نفس الشيء للعلماء، وأعتقد أن العالم يجب أن يعود إلى وظيفته الرئيسية. لا أعتقد أن يتولّى العالم المناصب، لكنني أعتقد أن الأمور التخصصية يجب أن تسلم إلى أهلها. أراد أحد العلماء أن يرشح نفسه للتمثيل في البرلمان، فقلنا: دعوا الأكاديميين يرشحون لذلك، فلو أن الآكاديمي أساء، سيشتمه الناس، لكن حرمة العالم يجب أن تحفظ في المجتمع.

أداؤكم السيء هو السبب في أن تحرق الفتيات الحجاب
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد سجن النساء المتظاهرات، وقال: أتعجب كيف يقومون بسجن النساء. لو كان الأمر بيدي، لما تركت أحدهن في السجن ما لم ترتكب المرأة جريمة لا تغتفر. أنتم بالأداء السيء أجبرتم الفتيات على حرق الحجاب، كما أنّ تعامل شرطة الأخلاق مع الفتيات لم يكن مناسبا، بحيث سحبوهن وألقوهن في السيارات، ثم لما احتجن وأحرقن الحجاب تسجنونهن.
وشدد فضيلة الشيخ على أن حرق الحجاب كان “رد فعل” على إعمال القوة ضد المرأة، وتابع قائلا: أعتقد أن المرأة الإيرانية ليست ضد الحجاب، لكن معاملتنا جعلتهن يظهرن رد الفعل هذا. لم يتم احترام حقوقهن التي تساوي حقوق الرجال، فلو كانت جيوب هذه النسوة مليئة بالمال وكانت لهن مكانة في المجتمع، لاحتجبن دون الحاجة إلى الشرطة. عندما نحاول فرض شيء ما بالقوة، ستكون هذه هي النتيجة. يجب على جميع حكومات العالم مراعاة هذه الحكمة والبصيرة. ليس من الصواب ان ننظر بشكل أعمى إلى قوتنا فقط.

اقتصادنا يصلح بإصلاح السياسة
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد المشكلات الاقتصادية ناجمة عن المشكلات السياسية، وتابع قائلا: لو كنت أملك السلطة لما تركت سجينا سياسيا واحدا في السجن، واقتصادنا لا يصلح إلا بإصلاح السياسة، ولو كانت لي سلطة، لم أترك سجيناً سياسياً واحدا في السجن، وفي اليوم التالي انظروا إلى تأثير هذا الإجراء على اقتصادنا.
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد الضغوط التي تتعرض لها قطاعات المجتمع المختلفة، وقال: “قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا”، لكننا نسمع أن الأطفال الصغار الذين هم أبناء عشر أو اثني عشر عامًا في السجن. انصحوا هؤلاء الأطفال، لكن لا تسجنوهم. في بعض الأحيان تصدر أحكام قاسية بحق الأطفال، بينما الطفل إذا ارتكب جريمة وقتل شخصا ما، فلا يعتبر ذلك قتلا عمدا ويعتبر خطأ. من الخطأ الاحتفاظ بالطفل حتى يبلغ ثم يعدم. الفعل معتبر وقت حدوثه. يجب العطف والرحمة على الأطفال. كم قتل من الأطفال؟ هذا مؤلم جدا. وفي الأيام الأخيرة قتل طفل في “بستك” بسبب إهمال قوات الأمن وهذا أيضا مؤلم.

لا خير في دين لا عفو ولا رحمة فيه
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى اعتقال العلماء، قائلا: لا تعتقلوا العلماء، قوموا بالحوار مع العلماء. لا خير في دين لا عفو ولا رحمة فيه. إن الله يرحم الذين يرحمون، ولا يرحم القساة.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: إن علماء “تايباد” و”خراسان” لم يصرحوا إلا ببيان، ولم يرتكبوا أي عمل، لكن استدعي هؤلاء العلماء. يجب ألا يستدعى أي شخص بسبب البيان. تحملوا النقد، وهذا لمصلحتكم. فإذا لم يكن هناك نقد، سيأتي الاستبداد، ولن يتم إصلاح المجتمع. عباد الله الصالحون يرحبون بالنقد. يجب تحمل شخص لديه نقد بناء وحلول، وحينما تذكر النقائص، يجب أن نرى نقاط ضعفنا. لدي نقاط ضعف، والعلماء ورجال الدولة والحكام جميعهم لديهم نقاط ضعف، دعونا نرى ما هي نقاط الضعف لدينا؟ يجب أن نتنازل للشعب.
وأشار فضيلته إلى إعادة الطائرة التي كانت تقلّ زوجة وابنة “علي دائي”، اللاعب الإيراني الشهير، قائلا: أعيدت الطائرة التي كانت تقل أسرة “علي دائي”، أحد النخب والأبطال الوطنيين في البلاد، وكان هذا مؤسفا لنا.

لا تهربوا من الإسلام بسبب تصرفات الأشخاص
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التفريق بين تصرفات المسلمين وأصل الدين قائلا: أقول للشعب الإيراني سواء في الداخل أو الخارج، لو رأيتم ضعفا مني فلا تجعلوا ذلك على حساب الدين، ولا تشككوا في الدين. إن أردتم معرفة الدين فعليكم بسيرة رسول الله وصحابته وأهل البيت، ولا تهربوا من الإسلام بسبب تصرفات المسلمين المعاصرين، سواء أكانوا في الحكومة أم لا.
وتابع فضيلته: لن تجدوا دينا أفضل من الإسلام. سمعت أنباء بأن البعض قد جمعوا المصاحف من منازلهم ونقلوها إلى المسجد. لا تقطع علاقتك مع الله بسبب سوء أداء عالم كذا وكذا، فلا أحد منا يمثل الدين لتكون أعماله سببا لكراهيتكم عن الدين. أرجو أن لا تنسوا التواصل مع الله تعالى، فاستعينوا بالله وحده، وتضرعوا إليه، تحل مشكلاتكم.

في الدستور ضعف كبير لكن لم يعمل به أيضا
واشتكى فضيلة الشيخ عبد الحميد التمييز ضد الشعب الإيراني، قائلا: إن الشعب الإيراني لا يريد إلا العدل والحرية. في عام 1979، قام الشعب الإيراني بثورة لهذه الأهداف، وهذه هي حقوق جميع البشر على وجه الأرض. يجب ألا يكون هناك فرق في الحقوق بين الرجل والمرأة، ويجب ألا يكون هناك تمييز في المذهب الرسمي في البلاد. يشكو الآن كل الإيرانيين من التمييز. عندما قدمنا شكوى إلى أحد الشيوخ، قالوا: إن الشيعة يشتكون أيضًا، وقلنا إن للشيعة الحق في الشكوى أيضًا، فإنهم يكتسبون العلم والمعرفة لكن في التوظيفات لا ينظرون إلى كفاءة الأشخاص، بل ينظرون إلى من كان حاضرا في الاحتفالات والمسيرات، وهذا هو الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع.
وأضاف فضيلته قائلا: رغم أن بعض الناس يقولون إن قانون الجمهورية الإسلامية ليس له مثيل، لكنني أعتقد أن فيه نقاط ضعف كبيرة، وهذا القانون الضعيف لم يتم تطبيقه أيضا، وإن التطبيق التعسفي تسبب في حدوث هذه المشكلات للبلاد. نصيحتي للسلطات ألا تمنع الناس من الانتقاد. يأتي بعض الناس إلينا أحيانا ويقولون كلمات قاسية، أقول دعوهم ليتكلموا. التجمع الاحتجاجي مسموح به في عرف العالم كله وفي القوانين الدولية. يجب ألا تؤدي هذه الاحتجاجات إلى العنف والدمار والإهانات، ولا تقمعوا هذه الاحتجاجات.

إذا تم العثور على الانفصالية، فنحن أول من يعارضها
ورفض فضيلة الشيخ عبد الحميد تهمة الانفصالية عن القوميات، قائلا: قال البعض إن هؤلاء انفصاليون لأجل ذلك يقولون مثل هذا الكلام، فنحن نعارض الانفصالية بقوة، وإذا تم العثور على الانفصالية، فإن المعارضين الأوائل هم البلوش، والأكراد، والفرس، والعرب، والتركمان، والأتراك، والألوار، والجيلكي وغيرهم من القوميات والعرقيات الإيرانية. كلنا إخوة وكل الإيرانيين واحد. نحن اليوم نتعاطف مع آلام كل الإيرانيين. الجميع أعزاء علينا. لكل إيراني حقوق إنسانية، ويجب علينا احترام هذه الحقوق. نحن نفكر في الإنسانية.
وأردف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: غير المسلمين لديهم حقوقهم الإنسانية، وحتى لو كانت الأجيال السابقة من الأديان مثل البهائيين تعتبر مرتدة، فلا ينبغي تعميم هذا الحكم على الجيل الجديد ولا ينبغي التمييز ضدهم.
وأضاف فضيلته قائلا: كتب أحدهم أن فلاناً يقول: “إن البهائيين مسلمون”. نقول: إن للبهائيين حقوق إنسانية وحقوق مواطنة، وإن كان هناك من لا يؤمن بالله فله حقوقه الإنسانية. أن يرتد أناس عن الإسلام وسلكوا طريقًا آخر أو أنكروا خاتمية النبوة، ثم انقرضت تلك الأجيال وجاء جيل جديد، لا يمكن اعتبار الجيل الجديد مرتدين.

نتمنى أن تعود الثروات الوطينة إلى البلاد
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى هروب النخب من إيران وأفغانستان قائلا: لقد رأينا أن حقوق الكثير من طبقات الشعب تضيع في البلاد، ولقد حلت التصرفات الذوقية مكان التعامل القانوني. نتمنى أن يعود الرجال والنساء الإيرانيون المتعلمون والنخبة الذين يبنون دولًا أخرى إلى إيران ليبنوا هذا البلد. هؤلاء في الحقيقة ثرواتنا التي ضاعت. أعتقد أنه في أفغانستان يجب على كل من غادر البلاد العودة والسعي لبناء البلد. يجب أن نكون رحماء بالنسبة إلى بعضنا البعض، وعلى الحكومات أن تكون رحمة لشعوبهم، ومن مفاخر الحكومة أن لا تكون ضيقة الأفق.