- سني أون لاین - https://sunnionline.us/arabic -

التقويم الهجري.. تأريخ إسلامي بدأه عمر بن الخطاب

يختلف التقويم الهجري عن الميلادي في حساب الأشهر؛ إذ يقاس الهجري بدورة القمر حول الأرض، على خلاف الميلادي الذي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس، مما يؤدي إلى تباين أيام الشهر بين 29 و30 يوما في التقويم الهجري، أما الميلادي فهو محدد الأيام.
ونتيجة هذا الاختلاف، فإن السنة الهجرية تنقص كل عام 11 يوما عن السنة الشمسية، وهو ما يجعل الشعائر والمناسبات الإسلامية تحدث في فصول وأوقات مختلفة.

سبب التأريخ الهجري
اتفق الصحابة على ربط السنة الأولى من التقويم الهجري بالهجرة النبوية (12 ربيع الأول)، واعتمدوا بداية السنة الهجرية من الأول من محرم لكونه يأتي بعد انتهاء موسم الحج، ويمثل بداية أعمال جديدة للعرب.
لم يكن للتأريخ الهجري وجود في بداية الإسلام، إلا أنه ظهر عقب حادثة حصلت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي يعد أول من استخدم التاريخ الهجري.
فقد وصل في سنة 17 من الهجرة خطاب إلى أبي موسى الأشعري مؤرخ في شعبان، وبدوره أرسل للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستفسره عن الكتب التي تصل مؤرخة بالأشهر دون ذكر السنوات، وهو ما من شأنه أن يحدث خلطا بين الرسائل.
فجمع عمر الصحابة للبحث عن حل هذا الإشكال، فاختلفوا بين من يرى اعتماد تاريخ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن يرى اعتماد تاريخ وفاته، وبعضهم اقترح العمل بتأريخ الفرس أو الروم.
وخلصت مداولات الصحابة إلى إقرار تاريخ الهجرة النبوية الشريفة، بوصفها حدثا مهما في تاريخ الدولة الإسلامية، وفي ذلك قال عمر رضي الله عنه إن “الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها”.
وأصبح هذا الحدث المهم بذلك انطلاقة التأريخ الهجري للأمة الإسلامية، والذي وافق بداية شهر محرم الحرام من سنة 622م.

الأشهر قبل الإسلام
كانت عادة العرب قديما في تسمية الأشهر أن تكون وفقا لأحداث فارقة تقع لهم أو تبعا لظواهر تميز هذه الشهور، لكن المسميات تغيرت بعدما قررت العرب توحيد الأشهر القمرية.
فرمضان مثلا كان يسمى “ناتق” لأنه كان يزعجهم بشدته عليهم، وقيل لكثرة المال فيه بعد معارك شعبان، وشوال كان يسمى “وَعِل” (وَعَلَ معناها لجأ)، حيث كانوا يهربون من الغارات والقتال قبل الأشهر الحرم.
وذو الحجة كان يسمى “ميمون” و”بُرَك”، لما فيه من البركة في الحج، وجمادى الأولى كان يسمى “حنين”، بسبب حنين العرب المسافرين فيه لبلدانهم بعد الربيع، وهكذا.
وبسبب الترحال وعدم الاستقرار، لم يشر العرب إلى السنوات بالتواريخ الرقمية، بل كانوا يربطون الأعوام القمرية بحوادث كبيرة كحرب الفجار وعام الفيل.
وفي عهد كلاب بن مرة (الجد الخامس للرسول صلى الله عليه وسلم) اتفق رؤساء القبائل العربية على تسميات جديدة للأشهر الهجرية، ومنها الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، التي استقوها من عهد النبي إبراهيم عليه السلام، وثبتت حتى في عهد الإسلام وحُرم فيها القتال.

معاني أسماء الأشهر الهجرية
محرم: سمي كذلك بسبب تحريم القتال فيه، وهو -حسب قول المفسرين- من الشهور التي يشملها قول الله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم) (سورة التوبة، الآية: 36).
صفر: كانت مكة عندما يخرج أهلها للقتال يتركون بيوتهم “صفرا” (أي خالية)، حيث إنهم يخرجون “صفر المتاع” خالين من كل شيء.
ربيع الأول: أطلق عليه هذا الاسم لارتباطه في البداية بفصل الربيع رغم تعاقب الفصول واختلافها في العام القمري، وليست لها صلة بأشهر معينة.
ربيع الآخر (يسمى أيضا ربيع الثاني): سمي كذلك لأنه أيضا كان مرتبطا بفصل الربيع، ويأتي في الترتيب بعد ربيع الأول.
جمادى الأولى: كان في بداية التسمية يقع في فصل الشتاء ويتجمد فيه الماء.
جمادى الآخرة: يقع في الشتاء ويأتي بعد جمادى الأولى.
رجب: من الأشهر الحرم، كانت العرب فيه تزيح النصل من الرمح وتمنع الناس من القتال.
شعبان: قيل إن الناس تتوزع فيه وتتفرق طلبا للماء، ويقول رأي آخر إن العرب كانت تتشعب فيه نحو الحروب بعد توقفها عنها في رجب.
رمضان: من الرمضاء، حيث كانت تلك الفترة شديدة الحرارة لقوة الشمس فيها، وبعد الإسلام شُرع فيه الصيام.
شوال: يقع فيه عيد الفطر، وسمي بهذا الاسم نسبة لما يعرف بـ”شولان” الناقة، أي عندما تضعف وينقص حليبها ويجف ضرعها.
ذو القعدة: أطلق عليه هذا الاسم لأن العرب تقعد فيه عن الحرب والتنقل والسفر بوصفه أول الأشهر الحرم.
ذو الحجة: سمي بذلك لأن العرب كانوا يذهبون فيه إلى الحج، وهو شهر حرام.

مسائل دينية
يُستند إلى التقويم الهجري في بعض الأحكام الشرعية كحساب عدة بعض حالات الطلاق وعدة الأرملة، ويعتمد كذلك في تحديد موعد إخراج الزكاة، إلى جانب أمور شرعية أخرى كالأشهر الحرم وصيام رمضان وموسم الحج وعيدي الفطر والأضحى.

المصدر: الجزيرة.نت