- سني أون لاین - https://sunnionline.us/arabic -

مسلمو جيبوتي.. جهود متواصلة للاستقلال الثقافي

تقع جيبوتي على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر وخليج عدن، وتحدها إريتريا من الشمال، وتنقسم إلى مجموعتين عرقيتين رئيستين؛ هما قومية العفر والصومالية، وكانت جيبوتي قبل استقلالها عام 1977م تسمى إقليم العفر والعيسى الفرنسي أو بلاد الصومال الفرنسي، واستقلت عن فرنسا عام 1977م، ونظام الحكم جمهوري.
تقدر مساحة جيبوتي بنحو 23 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها مليون نسمة، وعاصمتها مدينة جيبوتي، ويعيش نحو ربع السكان تحت خط الفقر العالمي، ويعانون من سوء التغذية، وثلث السكان أميون لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، ونسبة المسلمين 94% من عدد السكان.
وينص دستور جيبوتي على أن «الإسلام هو دين الدولة، واللغة الرسمية: العربية والفرنسية»، ويتحدَّث بعض السكان اللغة الصوماليّة، ولغة عَفار، وتدرس اللغة العربية في المدارس كلغة أولى، واللغة الفرنسية لغة ثانية، وهي عضو في جامعة الدول العربية.
تحظى جيبوتي بموقع إستراتيجي عالمي؛ حيث تتحكم في الجزء الغربي لمضيق باب المندب، وهو نقطة العبور البحرية الرابعة عالمياً؛ ولذا تتكالب دول العالم على وجود قواعد عسكرية لها في جيبوتي حتى يكون لها تواجد ملاحي في مضيق باب المندب الذي تشترك في الإشراف عليه جيبوتي مع اليمن؛ فتوجد على أرض جيبوتي وجزرها قواعد عسكرية لكل من فرنسا وأمريكا والصين واليابان والإمارات والسعودية، وكذلك توجد قواعد للكيان الصهيوني في جزر دهلك، وجزر الفرسان، ودميرا، وسيشيان، وحالب، وفاطمة.
وقد حرصت فرنسا عند الانسحاب من جيبوتي عام 1977م على الارتباط معها باتفاقية تعاون دفاعية؛ ما يجعل القوات الفرنسية مسؤولة عن حماية جيبوتي عند تعرضها لأي خطر يتهدد أمنها، وقد ارتبطت كذلك جيبوتي بفرنسا اقتصادياً، فتوجد في جيبوتي نحو 50 شركة فرنسية في جميع المجالات المختلفة، وتسيطر فرنسا على التعليم منذ الاستقلال؛ فقد ظل الفرنسيون يشرفون على التعليم في جيبوتي.
وتعتمد جيبوتي في اقتصادها على الاستثمارات الأجنبية، وتأتي في مقدمتها الاستثمارات الصينية والعربية، وقد مارست دولة قطر دور الوسيط بين جيبوتي وإريتريا خلال النزاع الحدودي بينهما عام 2008م؛ ما أدى إلى اتفاق وقف القتال في يونيو 2010م، ووقَّعت مع السعودية اتفاق التعاون في مجال التجارة والاستثمارات في فبراير 2020م.
كانت اللغة الفرنسية اللغة السادة في مؤسسات السياسة والإدارة عقب الاستقلال عام 1977م، حتى قلَّ أن تجد وزيراً أو مسؤولاً يتحدث اللغة العربية، ولما تولى الحكم الرئيس إسماعيل عمر غيلة عام 1999م استخدم اللغة العربية في الخطابات الرسمية بالمناسبات والفعاليات الوطنية كافة؛ الأمر الذي أعطى العربية دفعة قوية مكّنتها من اقتحام المؤسسات الحكومية المختلفة.
وتمّ التوسع في ساعات البثّ باللغة العربية في الإعلام الحكومي المرئي والمسموع يومياً، وإفراد ساعات للبرامج الثقافية والدينية باللغة العربية، إضافة إلى ساعة للأخبار بالعربية، وتصدر جريدة «القرن» الناطقة بالعربية مرتين أسبوعياً عن وزارة الإعلام الجيبوتية، وهي الصحيفة الوحيدة الناطقة باللغة العربية في جيبوتي.
وتضمّ جامعة جيبوتي الحكومية قسماً لدراسة اللغة العربية والعلوم الشرعية، ويتمّ التدريس فيها باللغتين الفرنسية والعربية، وتجري جهود التعريب بشكل هادئ وفعّال في كلّ مراحل التعليم حتى الجامعي في جيبوتي، وأصبحت اللغة العربية تزاحم الفرنسية.
وتم إرسال طلاب جيبوتي للتعليم في الجامعات العربية، وقد سارع الطلاب عقب عودتهم بافتتاح مدارس أهلية باللغة العربية على نطاق واسع، فافتتحت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومعهداً شمل المراحل الأساسية والثانوية ومرحلة ما فوق الثانوي.
وتساهم المملكة العربية السعودية في بناء المساجد وفتح المدارس القرآنية والأعمال الخيرية، وتم الاتفاق بين السعودية وجيبوتي عام 2019م على السماح للندوة العالمية للشباب الإسلامي بفتح «مؤسسة خاصة للتعليم الجامعي في مجال العلوم والتقنيات الصناعية».

المصدر: مجلة المجتمع