- سني أون لاین - https://sunnionline.us/arabic -

مدينة “تايباد” إحدى مناطق السنّة في إيران

إن مدينة ” تايباد” من أهم مدن خراسان الواسعة قديما، وهي ثاني أكبر مدينة لأهل السنة والجماعة في محافظة “خراسان الرضوية” حديثا. ظهر فيها في وقت غابر من الزمن في عصور وقرون مختلفة، جيل من العلماء والأدباء والأولياء والزهاد، وهي من المدن التي شهدت تقلبات وتطورات في قلب التاريخ الإسلامي، تسر القارئ مرة وتحزنه أخرى. فمن المناسب أن نعرف قدرا بسيطا من هذه المدينة العريقة في العلم والثقافة الإسلامية والتي هي من معاقل أهل السنة والجماعة.  

الموقع الجغرافي لمدينة “تايباد”:
تقع مدينة “تايباد” في مجاورة حدود أفغانستان، شأن كثير من المدن التي يقطنها أهل السنة والجماعة في إيران، حيث تقع إما على حدود أفغانستان أو على حدود باكستان، أو تقع في سواحل الجنوب أو تقع في مجاورة العراق وتركيا وغيرها من الدول التي تجاور إيران.
مدينة “تايباد” من شمالها تنتهي إلى مدينة “تربت جام”، مركز أهل السنة في خراسان، ومن الجنوب تجاور مدينة “خواف”، من المدن السنية الأخرى في خراسان، ومن الشرق تجاورها الحدود الأفغانية. قديما كان يطلق على هذه المدينة إسم “باخرز” ، وقد ذكره حمد الله المستوفي في نزهة القلوب بهذا الإسم.

من تاريخ “تايباد”:
إن مدينة “تايباد”عريقة في التاريخ ورائدة في الفن المعماري الإيراني، وغنية بالجمال التاريخي الأصيل، ولا زالت بعد مئات السنين تحمل عطر الماضي وعراقة التاريخ. والذي ينظر إلى الواقع المعاصر لمدينة “تايباد” يبدو أمامه المخطط المعماري التاريخي القديم للمدينة، فضلاً عن وجود آثار كثيرة لنشاطات واسعة وعامة في الفنون المعمارية التي كانت منتشرة في هذه المدينة وهي مختلطة مع الظروف الإقليمية التي كانت سائدة عبر التاريخ، والممزوجة مع الفنون التقليدية والمصالح الخاصة لهذه المنطقة.
وكذلك تزخر المدينة بالعشرات من المساجد القديمة والمدارس الدينية والحدائق الفخمة والخلابة والهضبات المرتفعة والقلاع المنيعة التي هي نماذج من جمال هذه المدينة التاريخية التي شيدت قبل عدة قرون.
ولكن العهد الذهبي الزاهر لتايباد (باخرز) يعود إلى قرون الرابع حتى السابع الهجري. وبالنسبة إلى العهد الصفوي فلا توجد لهذه المدينة آثار تاريخية تذكر إلا قلاع مبنية من الطين.
بناء على ما ورد في الكتب التاريخية، أول من سكن هذه المدينة كانت قبائل مبعثرة من المغول واشتهرت بـ”مغول آباد”، ثم هاجر المغول بسبب شيوع الطاعون فيهم من هذه المدينة إلى النواحي الجنوبية من إيران، وبقيت “تايباد” متروكة مخروبة، إلى أن هجّر حسام السلطنة في هجومه على “هراة”، الإيرانيين الموجودين فيها إلى هذه المدينة. ولما كانت هذه المدينة مركزا للحكام المحليين لمدة طويلة، أقبل جمع كبير من العلماء والصالحين والزهاد من الضواحي والنواحي الأخرى إليها.

سكان “تايباد”:
إن مدينة “تايباد” لقد مرت بمراحل مختلفة وشهدت تطورات وتقلبات عديدة في تاريخها، وتعرضت لهجوم أقوام مختلفة، منها هجوم التتار والإسكندر والأتراك، لذلك تتواجد في أنحاء هذه المدينة تركيبة من العرقيات والطوائف المتنوعة مثل “تيموري” و”جلالي” و”يحيايي” و”رسولي”. وإن وجود المقابر لهذه الطوائف دليل على وجود الطوائف المختلفة.
يبلغ عدد سكان “تايباد” إلى مائة وخمسين ألف نسمة، يشكّل أهل السنة والجماعة غالبية ساحقة من هذا العدد، ويتكلمون الفارسية بلهجتهم الخاصة. ويمتازون بالتزامهم بالتعاليم الدينية والتدين، وتوجد عدة مدارس دينية تقوم بنشر الثقافة الإسلامية وبث الدعوة الدينية في أهل “تايباد”.

خصائص أهل “تايباد”:

يُعرف سكان “تايباد” بطيب النفس والتثقف والتدين والسخاء وسعة الصدر وكثرة العمل. ولقد تربّى رجال كثيرون وبارزون في هذه المدينة قدموا جهودا كبيرة لشعبهم، أمثال علي حسن البازري الذي كان وزيرا للملوك السلاجقة، وشيخ المشايخ سيف الدين، وإسماعيل بن أحمد بن إسماعيل الجوذقاني الباخرزي؛ كان رجلا صالحا وكان مولده سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. ومنصور بن محمد بن أبي نصر منصور الهلالي الباخرزي الماليني، أبو نصر سكن مالين، وكان شيخاً فقيهاً صالحاً ورعاً كثير العبادة مكثراً من الحديث؛ سمع أبا بكر أحمد بن علي الشيرازي، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبا نزار عبد الباقي بن يوسف المراغي. كتب عنه أبو سعد. كانت ولادته سنة 466 بمالين باخرز، وقتل بنيسابور في وقعة الغز في الحادي عشر من شوال سنة 546.
وغيرهم من العلماء والزهاد  الذين كانوا منارات العلم والهدى في هذه المدينة.

الأوضاع الاقتصادية في “تايباد”:

إن الزراعة وتربية المواشي هي المصدر الأساسي لاقتصاد “تايباد”، وتعتمد في الزراعة على مياه القنوات والأنهار، وتعتبر الخضراوات والحنطة والقطن والعنب والرمان والتين من أشهر محاصيلها، وتواجه الزراعة وكذلك تربية المواشي صعوبات عديدة.
نظرا إلى زيادة عدد السكان في السنوات الأخيرة، تواجه “تايباد” مشكلة الفقر وعدم وجود فرص ومشاغل جديدة للعاطلين، وهي من المدن التي تعاني الفقر والبطالة.

المعاهد والمراكز الدينية:
كما ذكرنا سالفا، فإن الغالبية الساحقة من سكان هذه المدينة وضواحيها، هم أهل السنة، وملتزمون بتعاليم الشريعة الإسلامية والمعتقدات المذهبية. وكانت للمدارس الدينية والمراكز العلمية دور كبير رشيد عبر التاريخ في توعية الشعب الديني وتربيتهم الإسلامية.
أهم وأبرز المدراس الدينية في “تايباد” كالتالي:
1- معهد مظهر التوحيد مالك الملك، الذي تم تأسيسه سنة 1386 من الهجرة النبوية.
2- معهد أحناف تايباد، يرجع تأسيسه إلى الثمانينات.
3- مهعد زين الدين أبي بكر التايبادي، الذي أسس قبل الثورة.
4- معهد أنوار العلوم، الذي أسس بعد الثورة في قرية كبيرة من قرى “تايباد” الواقعة على طريق تايباد – باخرز.
هناك مدارس  دينية أخرى في بعض القرى المحيطة بتايباد كقرية “كاريز”، و”ريزه” وغيرها.