- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

كانت الانتخابات في البلاد نوعا من التعيينات حتى الآن

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (2 رمضان 1444) إلى الأحداث العديدة التي شهدتها البلاد في العام الإيراني الماضي، معبرا عن أمله في أن يتمكن الشعب الإيراني من تحديد مصيره في العام الجديد.

لم يكن من حق الشعب أن تعامل احتجاجاته المشروعة والسلمية بهذه الطريقة
قال فضيلة الشيخ عبد الحميد: العام الإيراني الماضي كان مليئا بالأحداث والتطورات، خاصة في بلادنا. ظهرت احتجاجات وشعر الشعب الإيراني بالمشكلات في العديد من القضايا، ورأى نفسه في فشل في الحياة والعديد من القضايا الأخرى مثل الاقتصاد والمعيشة. شعبنا يتحمل أصعب الضغوط وأيديهم فارغة. فقد الكثيرون أموالهم وهم بحاجة إلى حياة بسيطة، وهناك مشكلات أخرى إلى جانب الاقتصاد أيضا.
وشدد فضيلته على أن الاحتجاج السلمي حق الشعب، وأضاف بالقول: هناك فساد في الإدارات، ويشعر الشعب بأنهم فقدوا الكثير من ثروتهم الوطنية، والسياسات الداخلية والخارجية كانت بطريقة زادت من الضغط على الشعب، وكانت سببا للاحتجاج، وإن الاحتجاج السلمي مسموح به في القانون حتى يتمكن الشعب من التعبير عن آرائهم. استخدم الشعب هذا القانون. بالطبع، لا ينبغي أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى أعمال شغب ويجب أن تكون سلمية. لسوء الحظ تم التعامل مع الاحتجاجات بالطريقة التي لا ينبغي أن تكون.

استهداف المحتجين بالرصاص الحربي كان خطأ كبيرا
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: كان من المناسب أن يستمع المسؤولون إلى الشعب ويجلسوا بجانبهم، ولم يكن لهم أن يتركوا هذه القضية تستمر لفترة طويلة. فمنذ البداية كان عليهم أن يستمعوا ويحلوا المشكلات، لكن الكثيرين من المواطنين قُتلوا واستشهدوا هذا العام. هنا أيضا استشهد عدد كبير بغير حق في هذا المصلى، وهذا يدل على وجود الأخطاء الكثيرة في بلادنا.
وتابع فضيلته قائلا: إن قتل الأبرياء أثقل جريمة. لا يوجد بلد في العالم لا يحدث فيه احتجاج، وفي كل مكان في العالم عندما يكون هناك احتجاج، فالمسؤلون يستمعون إلى الشعب ولا يقتلونهم. يتم القبض على البعض على الأقل ثم يطلق سراحهم، لكن مع الأسف قُتل العديد من المواطنين في هذه الاحتجاجات، ولا شك أن هذه أخطاء كبيرة. لا ينبغي أن يستهدف الناس بالرصاص.

هذا الشعب الذي تحملكم أربعا وأربعين سنة يستحق المعاملة الحسنة
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: سجن العديد من المواطنين وتعرض المعتقلون لسوء المعاملة وقسوة شديدة، لا أريد الخوض في تفاصيلها. كان الأمر مؤلمًا حقًا، والآن مع حلول العام الإيراني الجديد، نرى الكثيرين ذهبوا إلى قبور الشهداء ويبكون هناك. خلال رأس السنة الجديدة التي هي ثقافة وطنية قديمة للإيرانيين، ويهتم بها الإيرانيون اهتماما كبيرا وهي أيام فرح وسرور، لكن يقضيها البعض في حزن وعزاء، كل هذه تتطلب التخطيط والتفكير. هؤلاء هم الشعب الإيراني، والشعب الإيراني من أفضل الشعوب في العالم. هذا الشعب تحملكم لمدة 44 عامًا. لقد تحملوا نقائصكم وقصوركم وعدم المساواة والتمييز، وشكروكم على الإيجابيات وتجاهلوا نقاط الضعف، والآن لما نزل إلى الشوارع للاحتجاج كان ينبغي معاملتهم بشكل جيد.
وأضاف فضيلته قائلا: صحيح أن الاحتجاجات تراجعت الآن، لكن قلوب الجميع متألمة. كان من المناسب أن يستسلم المسؤولون لمطالب الشعب. مطلب الجمهور وأغلبية الشعب مطالب مشروعة، ولا أزال في العام الجديد أوصي بأخذ مطالب الشعب بعين الاعتبار.

لا يمكن معالجة الاقتصاد المريض دون تغيير السياسات الداخلية والخارجية
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد جذور المشكلات الاقتصادية في البلاد في السياسات الخاطئة، وتابع قائلا: لقد أثار الكثير من الكبار قضية الاقتصاد. لن يتم إصلاح الاقتصاد المريض في البلاد حتى يتم تغيير السياسات الداخلية والخارجية. إن جذور مرض الاقتصاد تكمن في القضايا السياسية، وما لم يوجد حل للأزمات الداخلية والسياسية للبلاد ولا يكون للبلاد علاقة طبيعية مع العالم المتطور، فلن يتم إصلاح الاقتصاد. بالنسبة لهذه القضايا يجب التفكير بجدية واستخدام آراء النخب والمؤهلين، وفي النهاية يجب الاستسلام لما هي إرادة الشعب. لقد علّمنا التاريخ البشري بُعد النظر والعدالة. يجب أن يكون وجودنا رحمة لجميع البشر، هذا هو تعليم الدين.

كلنا نعاني بسبب معاناة الشعب الإيراني
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: نأمل أن يكون العام الجديد ميمونا ومباركا، وأن يتغلب الشعب الإيراني على كل هذه المشكلات. في هذه المعاملة السيئة التي تكلمت عنها، تعرضت النساء لسوء المعاملة، والتي تركت آثار سيئة في النفوس، والشباب الذين لديهم أمل في الحياة تعرضوا لسوء المعاملة أيضا. حقيقة أن المشكلات الإنسانية لا تجعلنا نعاني فحسب، بل نعاني جميعا بسبب معاناة الشعب الإيراني رجالا ونساءا.

الانتخابات الحقيقية أن يكون الشعب أحرارا في الانتخاب
وانتقد فضيلة الشيخ أسلوب الانتخابات الرائجة في البلاد، قائلا: نأمل أن يغير الله أوضاعنا وأحوالنا في السنة الجديدة، ويكون الشعب مشاركا في تحديد مصيرهم. لقد كانت لنا انتخابات في الماضي، لكن هذه الانتخابات لم تكن انتخابات بل كانت انتصابات وتعيينات، والانتخاب الحقيقي أن يكون الشعب أحرارا في الانتخاب والاختيار؛ لا أن يتم التعريف بعدد من الأشخاص الذين تمت الموافقة عليهم كمرشحين رئاسيين من قبل مجلس صيانة الدستور، ممن لا قدرة لأحد منهم على إدارة البلاد. هذا ليس بانتخاب. هكذا في البرلمان يرفضون المؤهلين الأكفاء، ويعينون البعض، ثم يقولون اختاروا من بين هؤلاء. أي اختيار وانتخاب هذا؟ هذه الانتخابات ليست حقيقية.
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الانتخابات الصحيحة هي أن يختار الشعب الكفاءات والمؤهلين، وتكون الأهلية هي المعيار. فإن كان المسلم هو الأهل فله الحق في أن ينتخب، وإلا فينتخب من يستطيع أن يبني البلاد ويعمرها، ولا يهتم فقط بجيبه وأقاربه. في مدينتنا هنا نرى أن بعض المديرين يؤظفون إخوتهم وأصهارهم وزوجاتهم وجميع أقاربهم. لم تكن هناك انتخابات نزيهة بناء على العدالة.
وأضاف قائلا: حتى الموظفين الذين يتم توظيفهم في الدوائر، لم يكن التوظيف بناء على الشعور الوطني أو حتى التعاطف مع النظام، ولكن تم استخدامهم نظرا إلى القرابة، أما بالنسبة للمديرين الذين يتلقون أوامر من الوزارات، فنحن نعرف المديرين الأكفاء الذين تم رفضهم ونعرف أيضا كيف تم توظيف مديرين ضعفاء، وقد خلق كل ذلك حالة من عدم الرضا في البلاد.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لو لم تكن هذه البلاد مزدهرة معمورة، لكان يموت شطر من الشعب جوعا مع وجود هذه المشكلات، لكن وهب الله بمنه وكرمه هذا الشعب الثروات والمواهب والمعادن، وبها قضى هذا الشعب حياته حتى اليوم، ونرجو أن يتدارك الله تعالى هذا الشعب وأن يحل مشكلاته وأن يأتي بالراحة والانفتاح في العام المقبل، حتى يتمكنوا من التغلب على هذه المشكلات.

لم أطلب شيئًا لنفسي في الماضي ولا أريد شيئًا الآن
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: يجب أن أقول للمسؤولين في البلاد إن القضية ليست قضية الاقتصاد والخبز فحسب، بل القضية هي السياسات الداخلية، ولا جدوى إن لم تغيروا فيها. فكّروا بشكل أساسي. نريد خيركم وخير هذا الشعب. لم أطلب شيئا لنفسي في الماضي القريب ولا أريد شيئًا الآن، وأتمنى أن تكون هذه الكلمات لرضا الله تعالى.
واستطرد فضيلته قائلا: الإنسانية مهمة بالنسبة لنا. هؤلاء الشعب هم مواطنون في هذا البلد ولديهم حقوق المواطنة والإنسانية. يجب احترام الجميع وإطعامهم في هذا البلد. يجب أن يملكوا الحرية والقدرة على التعبير عن آرائهم. هذا مطلبنا، ونريد من شعبنا الأعزاء ألا يكونوا كارهين للدين. فالعديد من هذه التصرفات تصرفات شخصية. إذا رأيتم أي ضعفا في سلوكي وسلوك من حولي، فقوموا بإلقاء اللوم عليّ وليس على دين الإسلام. يجب أن يكون الأفراد مسؤولين عن أعمالهم.

“التقوى” أهم حكمة للصوم وأعظم ثروة للبشر
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأول من خطبة الجمعة إلى التقوى كأهم حكمة وفلسفة للصيام وأعظم ثروة للبشر، وشدد على ضرورة احترام الجميع لحرمة شهر رمضان.
وتابع فضيلته بعد تلاوة آية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» [بقره: 183] قائلا: حلول شهر رمضان في الحقيقة نعمة كبيرة، ومنة عظيمة لله تعالى على الأمة المسلمة. جميع أحكام الدين لها حكم كثيرة ولها تأثير في المجتمع، فهي تصنع الوسطية والاعتدال في الإنسان، وتقوّي علاقته مع الله تعالى، ويكون سببا للتواضع فيه. أحكام الله تعالى حافلة بالحكم، وهي نزلت لبناء الإنسان والمجتمع.
وأضاف فضيلته قائلا: يقول الله تعالى: «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم، لعلكم تتقون». يريد الله تعالى أن يصنع الإنسان ويمنحه الرقي في المجالات الروحية والجسدية. وحكمة الصوم أن يصل الإنسان إلى التقوى، والتقوى أعظم ثروة للبشرية ورأسمالها، والتقوى أن يخضع الإنسان لتعاليم الله تعالى ويراعي حقوق العباد، ولا يتعدى على حياة أحد أو ممتلكاته أو عرضه، ويعيش حياة سليمة، ويتجنب التعدي على حقوق الله وعباده. التقوى حماية وهدى. شهر رمضان يصنع التقوى، فإذا حصلت التقوى ينتفع الإنسان بهدى الله تعالى، حيث يطيع الله وسيرة الرسول الكريم.
وتابع مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: رمضان أفضل مشروع لإصلاح الإنسان وتزكيته. يصوم المؤمنون نهاراً ويقرؤون القرآن ليلاً ويستمعون إلى القرآن في التراويح، وهذا أفضل برنامج. الصوم مؤثر في سلامة الروح والعقل والجسد. لا يمكن للإنسان أن يصلح بدون صيام رمضان، كما أن المرء لا يتزكى بغير أداء الزكاة والصدقات، ولا ينجو من الحرص على المال والبخل الشديد.
واستطرد فضيلته قائلا: الصوم والزكاة والصلاة وغير ذلك من الأحكام ضرورية لنجاة الإنسان، وبغيرها لا تتحقق التزكية والنجاة. صوموا رمضان والتزموا الصبر.
وأضاف: للإنسان بُعد حيواني وآخر ملكي؛ للإنسان أوجه تشابه مع الملائكة وأخرى مع الحيوانات. ولكي لا يتغلب البعد الحيواني على البعد الملكي، يجب أن يصوم. يجب تقوية البُعد الملكي لخلق التوازن. الصوم يقوي الملكية والروحانية. في العديد من البلدان، يصوم غير المسلمين احتراما للمسلمين، فاحترموا رمضان الذي هو شهر الله و التزموا صيامه.

من كان الناس يشعرون بالراحة والازدهار من وجوده، فهو ظل الله على الناس
وأضاف فضيلته قائلا: الملائكة كمأمورين من جانب الله تعالى يسجلون جميع تحركاتنا وسكناتنا وكلماتنا وجميع شؤون حياتنا. بالنسبة للكثيرين يكتبون الخطيئة والظلم والتعدي في حقوق الآخرين، ويكتبون بالنسبة للكثيرين الخير. هكذا الناس أيضا يحكمون، والتاريخ يكتب.
وتابع فضيلته قائلا: هناك حكمان في كل إنسان؛ حكم الله فيه، وآخر حكم الناس فيه. حكم الناس والمجتمع سلبي تجاه الذين يؤذون الناس، ولكن الشخص الذي عمل الصالحات فحكم الله فيه إيجابي. الإنسان الذي يكون وجوده سبب راحة للناس هو ظل الله على الناس. الذي يسهر حتى يشعر الآخرون بالراحة، ويتحمّل الجوع حتى يكون الآخرون شبعانين، ويتحمل المصيبة حتى يشعر الآخرون بالراحة، فإن حياة مثل هذا الشخص نعمة وأمن للآخرين. الإنسانية هي أن يكون وجود الإنسان هو مصدر الخير والبركة، ويكون فيه التواضع. يجب أن يكون الإنسان متواضعاً ومحبّا للخير، فالغطرسة والكبرياء لا يليق بالإنسان.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: المجتمع لا يخلو من الخير؛ هناك من يجلس في الليل ويبكي ويحزن على الناس الذين يعانون من الفقر والظلم، بل يحترق قلبه على الحيوانات والبيئة التي يتم تدميرها. لذلك يجب علينا جميعا أن نجعل حياة الرسول والصحابة وأهل البيت مثالًا وقدوة لنا، وأن ننتبه كيف كانوا يعاملون العالم بالحب والرحمة. لم تكن لديهم ألقاب طويلة، وكانت ملابسهم وحياتهم بسيطة، لكنهم كانوا نماذج في الأخلاق والتقوى والاحترام وحب الإنسانية. لقد مات الظالمون والمستكبرون، لكن بقي تاريخهم وذكرهم، هكذا رحل الصحابة والأبرار، وبقي ذكرهم الجميل.

أكرموا ضيوف عطلة العام الجديد
في جزء آخر من خطابه، قدّم فضيلة الشيخ عبد الحميد نصائح لأهل المحافظة ورحالة عطلة العام الجديد في سيستان بلوشستان، وتابع قائلا: لقد سافر العديد من ضيوف عطلة العام الجديد إلى محافظتنا في هذا العام. هؤلاء الأحباء ليسوا مسافرين، بل هنا وطنهم، فهذه المحافظة ملك لكل الشعب الإيراني. احترموا هؤلاء الضيوف ما استطعتم.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: أوصيكم بالحذر أثناء القيادة، فحركة المرور مزدحمة هذه الأيام، وطرقنا وسياراتنا ليست وفق المعايير المطلوبة، ولدينا العديد من نقاط الضعف. الرحلات طويلة أيضا، فلا بد من الحذر والحيطة، واتبعوا قواعد المرور، واجتنبوا مجاوزة السرعة القانونية.
وتابع قائلا: أنصح رجال الأعمال والتجار بالتعامل بشكل جيد مع الزبائن، لا سيما مع ضيوف النوروز. هؤلاء الضيوف لديهم توقعات منا ومنكم، فكونوا منصفين ولا تبالغوا في الأسعار. هؤلاء الضيوف سيأخذون من هنا لطفكم وحبكك وكرم ضيافتكم وخيركم، والناس يحكمون علينا من خلال سلوكنا.