- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

نظرة إلى شخصية فضيلة الشيخ عبد الحميد وآرائه

خلال الأشهر الأخيرة وأثناء الأحداث الجارية في البلاد، لا سيما بعد الجمعة الدامية في زاهدان، قام فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، يعبر عن آرائه ومواقفه بلهجة أكثر صراحة وصلابة وحزما، ما جعل المؤيدين والمعارضين يعلقون ويحللون في هذا المجال أكثر من أي وقت مضى.
بالنظر إلى هذا الموضوع، أود أن أشير إلى بعض النقاط حول شخصية فضيلة الشيخ عبد الحميد وآرائه:
1- منح الله تعالى فضيلة الشيخ عبد الحميد توفيقات ملموسة كبيرة، وهذه من سنة الله تعالى حيث يستخدم في الظروف الصعبة شخصيات كبيرة ومحورية لأعمال عظيمة، بحيث يصبح مثل هذه الشخصيات في الظروف الصعبة وعلى الرغم من العديد من الضغوط والمصاعب، مصدر خدمات وأعمال كبيرة يصعب إنجازها في الظروف العادية.
يتمتع فضيلة الشيخ عبد الحميد بخصائص فريدة، لكن هذا لا يعني أننا نعتقد أن هناك منافسة جرت وفاز بها شخص واحد. لا شك أن هناك خاسرين، والخاسرون من العلماء هم الذين فضلوا الصمت واللامبالاة في الأحداث الأخيرة، لكن العلماء الذين لم يترددوا في التصريح بالحق بأي حال، فهم رابحون جميعا.
2- من الخصائص التي يتمتع بها فضيلة الشيخ عبد الحميد، إرادته النصح والخير؛ لقد قال مرات عديدة وأثبت عملياً أنه يريد الخير للشعب والوطن. في تعامله مع الحكومة، أثبت مرات عديدة أنه لا يطالب بشيء لأغراض سياسية أو جهوية أو عرقية، بل ينظر فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى قضايا الوطن من منظور مواطن مطلع يشعر بالمسؤولية ويشير إلى النقاط الضرورية، ثم المبدأ الأساسي من وجهة نظره هو أن المواطن الواعي يجب أن لا يتجاهل الأداء الإيجابي للمسؤولين بل يجب أن يقدر ذلك، كما إذا وجد عيبا أو نقصا لا ينبغي أن يسكت عليه حفاظا على منافعه الشخصية ويعتبر كل شيء على ما يرام، بل يجب أن يسعى للإصلاح من خلال نقد صريح وبناء غير متحيز، من غير أن يخاف شيئاً أو شخصاً.
3- لم تكن لهجة فضيلة الشيخ عبد الحميد في النقد لاذعة، ولم تكن لغته موهنة، ولم يستخدم الكلمات الطاعنة. حتى في تصحيح أخطاء طلابه، ظل دائما مخلصا ذا أدب نبيل ورصانة متأصلة فيه، ولم يتفوه مطلقًا بكلمات غير لائقة. قد يزعم أحدهم أنني أقدم ادعاءً غريبا، لكن يمكنني القول بجرأة أنه لم يسمع أي من رفاقه وزملائه كلمة غير لائقة من لسانه. أتذكر منذ سنوات عديدة، في أحد اللقاءات التي عقدها مع مدرسي دار العلوم زاهدان، نصحهم قائلا: “عندما يأتي أحدكم الغضب، لا ينبغي له أن يعاتب شخصا أو ينصحه حتى لو كان خطأ الشخص واضحا. قبل أي نوع من العتاب والنصيحة، لا بد من تحديد الهدف من نصيحته، ثم الدعاء له، ثم بعد ذلك النصيحة بإحسان ودون استخدام كلمات قاسية، وإلا فلن يكون لتحذيرنا ونصائحنا أي تأثير سوى إطفاء نار الغضب”. هذه الميزة المهمة لشخصية فضيلة الشيخ عبد الحميد ظلت بعيدة عن أعين الكثيرين، والمسؤولون الذين يحكمون عليه ويدلون بتعليقات غير مدروسة عنه، في الحقيقة يعانون من مشكلة كبيرة وهي عدم المعرفة بشخصيته.
4- قد توصل البعض في ضوء كلام فضيلة الشيخ عبد الحميد في الأشهر الأخيرة، إلى أنه أحدث تغييرا في مواقفه وآرائه السابقة، ويدعي البعض بحماس بالغ بأن الشيخ عبد الحميد أصبح ليبراليا للغاية. لكن الحقيقة هي أنه حتى الآن لم تكن الظروف للمجتمع بحيث يمكن سماع مثل هذه الأراء بشكل جيد، وإلا فإن الشيخ عبد الحميد أثار هذه النقاط دائما، وحتى اليوم لا يتحدث بشيء يتعارض مع إطاره الفكري والنظري السابق. كان لديه نفس النظرة الإنسانية، ونفس البراغماتية، وكانت هذه النقطة من العوامل المهمة لمكانته الشعبية ونجاحه في المنطقة.
لطالما تعامل فضيلة الشيخ عبد الحميد مع الحكومة بعزة النفس والرصانة، ووفقًا لفهمه الصحيح للواقع، فقد اتخذ مسارًا معقولًا ومفيدًا في التفاعل مع الحكومة حتى الآن.
إذا كان يتحدث اليوم بصراحة أكثر مما كان عليه في الماضي، فلا شك في أن ضرورة الوقت والظروف التي نعيشها أجبرته على أن يكون أكثر صراحة من أي وقت مضى.

5- برأيي، فضيلة الشيخ عبد الحميد شخصية حر ديموقراطي يؤمن بدور الشعب ومكانته كاملا، والديمقراطي الحقيقي هو الشخص الذي يحافظ على معتقداته وفي نفس الوقت يدافع عن حقوق الإنسان لأولئك الذين قد لا يتفقون معه.
والكمال ليس في أن يدافع الإنسان عن رأيه ومن يشاركه الرأي ويدفع ثمنه؛ فهذا ليس أمرا شاقا، وقد يقوم به الكثيرون، لكن يمتاز فضيلة الشيخ عبد الحميد بأنه يحاول أن يحقق كل فرد ومواطن حقوقه الإنسانية. إنه يدافع عن حقوقهم الإنسانية الخاصة بهم، ويمنحهم الحق في أن يكونوا مطالبين ومنتقدين.