- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الدين خاضع للسياسة في رؤية “الإسلام السياسي”، بينما السياسة خاضعة للدين في قراءة “السياسة الإسلامية”

أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (3 شعبان 1444) على التفريق بين رؤيتَي “الإسلام السياسي” و”السياسة الإسلامية”.
وقال فضيلته: هناك رؤيتان في الإسلام منذ القديم، الرؤية الأولى هي “الإسلام السياسي”، والرؤية الأخرى “السياسة الإسلامية”، والرؤيتان مختلفتان. الإسلام السياسي معناه أن الإسلام دين سياسي، وهذه الرؤية تجعل الدين تابعا للسياسة، فيكون ما تمليه السياسة هو الدين.
وأضاف فضيلته قائلا: في بداية الثورة ذكر أحد أئمة الجمعة في طهران إطار الإسلام الذي يجب أن نتحرك في هذا الإطار ولا ننحرف عنه، فقال مؤسس الجمهورية الإسلامية إن الإسلام ما تقتضيه السياسة. هذه هي القراءة التي تجعل الدين خاضعا للمصالح السياسية.

في السياسة الإسلامية الشعب يختار الحاكم
وأشار خطيب أهل السنة إلى السياسة الإسلامية قائلا: السياسة الإسلامية تعني أن السياسة يجب أن تكون تابعة للدين ولا يمكن أن تكون خارج إطار الدين. هذه القراءة تعني أن الدين ليس سياسيّا، لكن السياسة دينية ويجب أن تخضع للدين. السياسة هي فرع من فروع الدين ويجب أن تتحرك في إطار الدين. ما يحرمه الدين لا يمكن أن يحله ولي الأمر، أو الحاكم، أو الخليفة، مهما كان عادلا. فلا يجوز لأحد أن يخالف الشريعة في قراءة السياسة الإسلامية.
وأضاف فضيلته قائلا: على كل، القراءات مختلفة ونعتقد أن السياسة يجب أن تكون في إطار الدين والإسلام. هناك اختلافات كثيرة في هذه القراءة. يجب أن يعمل المجلس الإسلامي، وهو السلطة التشريعية، والنظام القضائي أو أي نظام آخر مثل مجلس صيانة الدستور، في إطار الدين الإسلامي. هذه القراءة لها الكثير من القواسم المشتركة مع ديمقراطية اليوم. في السياسة الإسلامية الشعب يختار من يريده حاكما، والحاكم لا يعينه الله تعالى، وقد أعطى الله هذه السلطة للناس، ومن اتفق عليه الناس فهو الحاكم.

قراءتنا تؤكد على حقوق الإنسان
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في هذه القراءة التي أشرت إلى بعض فروقها، عندما يتم إحضار المتهم لدى المحقق، يجب أن يُحظى بالاحترام ولا يستطيع المحقق إهانته أو الضغط عليه ليعترف. النظام القضائي له استقلاله الخاص ولا يخضع لأحد، بل إنه يخضع فقط للحق؛ يتمّ تعيين القاضي من جانب ولي الأمر، لكن القاضي ليس خاضعا له، ولكنه يخضع للقانون والعدالة، وللقاضي الحرية الكاملة في السياسة الإسلامية ويمكنه أيضا استدعاء خليفة المسلمين؛ مثلما استدعى القاضي شريح سيدنا علي رضي الله عنه، وكان سيدنا علي أمير المؤمنين وكان بإمكانه عزل القاضي، لكنه ذهب إلى القاضي في قضية يهودي، وعندما عرض علي رضي الله عنه شاهدين، قبل القاضي أحد الشاهدين ورفض الشاهد الآخر وأعطى الحق لليهودي.
وتابع فضيلته مستذكرا أحداثا من بداية الإسلام والأنبياء السابقين: نحن متقدمون على الديمقراطية وحقوق الإنسان في كثير من القضايا. ترى هذه القراءة أيضا بمشروعية حقوق الإنسان، وهناك اختلافات جزئية. عندما أمر سيّدنا عمر رضي الله عنه بعدم مغالاة المهور، وقفت امرأة عجوز واحتجت على هذا، فسكت عمر رضي الله عنه؛ هذه هي الديمقراطية والحرية أن تقف المرأة أمام أول شخص في البلاد وتتحدث بالحقيقة والأمير يخضع لها. في رؤيتنا عن الإسلام يملك المتهم الحق في الدفاع عن نفسه والحفاظ على كرامته، والعدل هو الذي يجعل البلد آمنا هادئا. إن أمن الوطن وسلامته بنشر العدل وبسطه والاستماع إلى الشعب.

لا تدّخروا لأنفسكم وأولادكم
وقال خطيب أهل السنّة: المسؤول الجيد من لا يستغل منصبه ومسؤوليته لادخار الثروة وجمع المال لنفسه ولأولاده. للأسف كلمة “أولاد المسؤولين” مشهورة في بلادنا وهؤلاء حققوا أشياء كثيرة. إذا أراد أحد أن يكون مفلحا، فينبغي أن يكون مثل سيدنا داوود وسيدنا سليمان عليهما السلام، وينبغي أن يكون مثل سيدنا رسول الله الذين أطعم العالم وتوفي جائعا.

قلوبنا متألمة عندما نرى الشعب لا يملكون قوة شراء الخبز واللحم
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد الأوضاع الاقتصادية للبلاد، واصفا إياها بأنها نتيجة “الجمود في السياسات الداخلية والخارجية”، وأضاف قائلا: اليوم الوضع صعب للغاية على الشعب الإيراني، فالتضخم وارتفاع الأسعار كسرا ظهر المواطن، ووصل الدولار إلى 52 ألف تومان. تم تدمير كل ثروات وممتلكات الشعب. من باع شيئاً لا يستطيع أن يشتري ثانية، ومن أراد أن يشتري شيئاً جديداً فلا يقدر على شرائه. شخص راتبه ثلاثة ملايين وخمسة ملايين، وحتى الموظفين والقوات المسلحة الذين يتقاضون راتباً يبلغ إلى ستة أو سبعة ملايين، كلهم يعانون من مشكلات ولا يعرفون كيف يقضوا احتياجات أهلهم وأولادهم.
وتابع فضيلته قائلا: هذه المشكلات جذورها ليست في المسائل الاقتصادية فحسب، بل جذورها في السياسات الداخلية والخارجية؛ فعندما لا يتم تنظيم السياسة الداخلية والسياسة الخارجية ويكون لدينا توتر مع العديد من البلدان، فهذه هي النتيجة. تقبلوا أن سياساتكم تستحق النقد. نحن ناصحون لكم ولسنا أعدائكم. تتألم قلوبنا لهؤلاء الأشخاص الذين لا يملكون حتى القدرة على شراء الخبز واللحوم، ومن المعروف أن كيلو من اللحم في طهران والعديد من الأماكن الأخرى وصل إلى نصف مليون تومان. من يستطيع شراء اللحوم؟ هذه هي احتياجات الشعب، والمسؤولون والمؤظفون في الوزارات والادارات لا تكفيهم رواتبهم. إن قيمة عملتنا تتناقص يوما بعد يوم، والله أعلم إلى أين ستصل.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: هناك مشكلات في السياسات الداخلية وهي التي دفعت الشعب للاحتجاج. ما الذي يحقق عامة الناس من الاعتراضات؟ قد يصل شخص واحد إلى السلطة لكن بالنسبة للشعب، فإن ضغوط الحياة جعلتهم يهتفون ويشتكون. بعض أصحاب المتاجر لا يتاجرون في بضائعهم ويقولون إننا إذا بعنا، فلا يمكننا شراء شيء آخر. مشكلات الاقتصاد متجذرة في السياسات الداخلية والخارجية، وعندما يتم حل هذه المشكلات، سيُصبح سعر الدولار أرخص بكثير. ذات مرّة كان مليون تومان يساوي ألف دولار، والآن ألف دولار يساوي 52 مليون تومان. لقد هبطت قيمة المليون الآن ويجري الحديث عن المليارات.

قال مؤسس الثورة إذا لم تستطيعوا خدمة الشعب تنحوا عن السلطة
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: إدارة البلاد تكون بالرؤية الواسعة والنظرة البعيدة، وما لم يتم الاعتراف بأخطاء الماضي أمام الشعب، لن يكون هناك تغيير. قال الزعيم الراحل للثورة للمسؤولين، إذا استطعتم فاخدموا الشعب وإذا لم تستطيعوا فاتركوا ليحكم غيركم. لا يمكن الحكم بالإكراه. أطلقوا سراح المعتقلين وانظروا ماذا يقولون. استمعوا إلى كلام المتعاطفين والنقاد والمعارضين.
وصرح فضيلة الشيخ قائلا: إذا لم تستطيعوا خدمة الشعب وحل مشكلاتهم، غادروا السلطة وتنحوا عنها. هذه مقولة مؤسس الجمهورية الإسلامية وليست مقولتي، وهذا هو الرائج في كل العالم، عندما لا يستطيع المسؤول القيام بعمله، فإنه يتنحى. قبل مدة استقالت رئيسة الوزراء في إحدى البلاد وقالت إنني لا أستطيع حل مشكلات الشعب لذلك أتنحى حتى يتمكن شخص آخر من حل المشكلات. في جميع أنحاء العالم في بعض الأحيان يستقيل الرئيس ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين الآخرين ويتم حل المشكلة، ولكن لسوء الحظ، في بلادنا لا يعرف المسؤولون التنحي والاستقالة، فإذا كان شخص ما لا يعرف مغادرة السلطة، يجب أن يسمع للشعب ماذا يقولون، ويقوم بإصلاح الأوضاع. تواجه البلاد مأزقا خطيراً وهذا يتطلّب تفكيرا أساسيّا.

لا تدعو الشعب الإيراني يقع في براثن الفساد بسبب الفقر
وقال خطيب أهل السنّة: من العادة في جميع أنحاء العالم التفكير في المصالح الوطنية، والمصالحُ الوطنية قبل مصالح جميع الشعوب الأخرى. يجب أن يفكر المسؤولون في المصالح الوطنية للبلاد، ويجب أن تقدم مصالح الشعب الإيراني على أي شعب آخر. لا تدعو الشعب الإيراني يموت جوعا ويسقط في براثن الفقر؛ لأن الفقر يجلب الفساد. لا تتركوا شعبكم يقع في الفساد والفقر. المهم هو الشعب الإيراني ولا بد من مراعاة المصالح الوطنية. ركزوا على مصالح هذا الشعب، ويجب إنقاذ هذا الشعب من الشر والفساد والفقر.
ونصح فضيلة الشيخ عبد الحميد المصلين قائلا: حافظوا على هدوئكم ولا تأخذكم المشاعر والعواطف. هناك أزمات ويجب أن نتحكم فيها ونتعامل معها. أمن المدينة والمنطقة أمر حيوي ومهم بالنسبة لنا. حافظوا على هدوئكم اليوم. يجب على الضباط الذين جاءوا إلى هنا اليوم أن يلتزموا الهدوء أيضا. يجب أن نكون شعبا واعيا يقظا، لا غاضبين. ارجعوا إلى منازلكم بهدوء تام بعد انتهاء الصلاة.
وأضاف قائلا: لدي شكوى من بعض الناس أكدت فيها عدة مرات أنه لا يجوز لأحد أن يصدر هتاف اللعنة باسم أحد، فهذا لا يتوافق مع عقيدتنا. تحدثوا عن المشكلات في الشعارات واجتنبوا من الإهانات. نصيحتي هي عدم الاعتداء على أي ضابط، كما ننصح الضباط بممارسة ضبط النفس وزيادة التسامح والتحمل.

ليتهم أعلنوا منذ اليوم الأول الجمعة الدامية كارثة!
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى جريمة الجمعة الدامية في زاهدان، قائلا: أعرب أحد المسؤولين المهمين في المحافظة في الأسبوع الماضي عن بعض النقاط التي لم يصرح بها من قبل، وهي أنه اعتبر ما حدث يوم الجمعة الدامية “كارثة” ومحتوى كلامه أن الظلم قد وقع وأن الذين قتلوا هنا أعلنوا شهداء، وقال إنهم قتلوا الناس ظلما وأنهم ليسوا مثيري شغب وانفصاليين، وهذه الاتهامات غير مبررة.
تابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نرى التعبير عن هذه الأشياء على لسان مسؤول رفيع نقطة إيجابية وخطوة في الاتجاه الصحيح، لكن ليت هذه الحقائق صرّحت بها منذ اليوم الأول، المهم بالنسبة لنا ولشعبنا هو توضيح الحقيقة، ولا نريد أي شيء أكثر مما هو حق وحقيقة.

قُتل حوالي 17 طفلاً يوم الجمعة الدامية / لا نقبل أن تقولوا إن ضابطا واحدا ارتكب الخطأ
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: هنا أطلقت النيران على المصلى من أربعة محاور، وأصيب المصلون داخل المصلى وعلى أبوابه، واستشهد قرابة مائة شخص وجرح قرابة 300 شخص حسب إحصائياتنا، ولا يزال 80 منهم قيد العلاج، وأصيب 17 شخصا بالعمى أو ضعف البصر. قُتل حوالي ستة عشر أو سبعة عشر طفلاً، وتوفيت قبل أيام إحدى النساء اللواتي أصيبت في الحادث. كانت هذه الحادثة مريرة ومؤسفة للغاية، لكن عليّ أن أشكركم جميعا على الصبر. قلنا انتظروا حتى تعرف الحقيقة.
وتابع قائلا: قالوا إن ضابطا أخطأ ونسبوا هذه الحادثة إلى شخص واحد، ونحن غير مقتنعين بهذا. شخص واحد قد يقتل واحدا أو إثنين، أما أن يقتل كل هذا العدد، فلا شك أن القاتلين تلقوا أوامر من جهة، والعوامل كانوا كثيرين، وكنا نتوقع أن يتم شنق المجرمين أمام هذا المصلى؛ هذا ما كان يقتضيه عدل علي رضي الله عنه ومنهج أهل البيت.
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: لكن المهم بالنسبة لنا هو المصالح الوطنية. نحن نفكر في المصالح الوطنية وليس مصالح زاهدان والمحافظة. قوموا بحل مشكلة البلد بأكمله حتى يجد الشعب السلام ولا يخرجوا إلى الشوارع. قوموا بحل مشكلة الشعب. لطالما كانت المصالح الوطنية مهمة لنا، وكان شرطنا الأول هو المصالح الوطنية عندما تحدثنا مع مرشحي الانتخابات.

على المسؤولين أن يوضّحوا للشعب حقيقة القتل المشبوه لإبراهيم ريكي
وقال الشيخ عبد الحميد في ختام حديثه، في إشارة إلى “القتل المشبوه” لـ”إبراهيم ريكي”: قتل إبراهيم ريكي بطريقة مريبة يوم الأربعاء، وأريد من الجهات المختصة التحقيق في هذا الموضوع وإبلاغ الشعب بالحقائق.