- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

مجزرةُ الجمعة الدامية في زاهدان

بداية المجزرة: تجمّع يوم الجمعة، ثالثُ يوم من شهر ربيع الأول، بعد صلاة الجمعة، عدد قليل من الشباب في الجانب الشمالي من شارع “رازي”، خارج مصلى أهل السنة، يهتفون بهتافات، لكنْ أطلق النّار والغاز المسيل للدموع عليهم من مخفر الشرطة القريب من المصلى من غير أن يمسّ أحد مخفر الشرطة بسوء، ثم لما رأى الشباب مصرع البعض منهم برصاصات أطلقتْ من فوق مبنى الشرطة، قاموا برشق المخفر بالحجارة، ولو لم يكن إطلاق النار عليهم من ذلك المبنى لما اقتربوا من مخفر الشرطة، ولَما رشقوه بالحجارة.
عندما رشق الشباب مخفر الشرطة بالحجارة، ظهر إطلاق الرصاص عليهم من أماكن أخرى أيضا، ولم يُستهدف المتجمّعون القليلون فقط، بل استهدفوا واستهدف غيرُهم ممّن كانوا أدوا صلاة الجمعة وأرادوا العودة إلى بيوتِهم قصداً، واستهدفوا في رؤوسهم وصدورهم عمدا، كأنّ المستهدفين أرادوا وقصدوا قتل العدد الممكن من المصلين في هذه الجمعة بوحشية وقسوةٍ لا توصف ولا نظير لها.

الإشاعات والأكاذيب:
من أجل أن يبرئ المجرمون أنفسهم من هذه الجريمة، قاموا حسب العادة، بتحريف الحقائق أو عرضها مقلوبة، لذلك نشروا مرة أكذوبة أن عدد من العناصر المحسوبين على الحركات الإنفصالية قاموا بإطلاق النار على قوات الأمن والمصلين فردت الشرطة عليهم بإطلاق متبادل، ومرة أشاعوا أن عدد من السارقين المسلحين هجموا على الشرطة وقتلوا الأبرياء وحرقوا الممتلكات والمحلات.
والحقيقة أن شهداء الحادثة نشرت أسمائهم وكذلك الجرحى معروفون للشعب ولقوات الأمن أنهم أناس مدنيون عزل، ولن يوجد أحد فيهم محسوبا على جماعة انفصالية ولا على جماعة مسلحة، بل كانوا جميعا مواطنين عزّل أتوا لصلاة الجمعة وأرادوا العودة إلى منازلهم، فأصابتهم رصاصات القسوة والظلم.

شرح المجزرة على لسان خطيب أهل السنة في زاهدان:
قام الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب الجامع الرئيسي في مدينة زاهدان، إلى شرح الحادثة المروعة بما يلي:
بعد دقائق من أداء صلاة الجمعة عندما مكث المصلون في مكان أداء الصلاة حسب العادة، سمع صوت إطلاق النار، وفي وقت لاحق تبين أن عددا من الشبان تجمعوا أمام مركز للشرطة، قرب المصلى و ردوا هتافات.
وتابع قائلا: حسب التقارير التي وصلت إلينا، فإن قوات الوحدة الخاصة التي يبدو أنها كانت متمركزة بالفعل في مركز الشرطة المذكور، كانت تطلق الرصاص الحي ليس فقط على الشباب المتجمعين أمام مبنى الشرطة، بل كانوا يطلقون الرصاص المباشر من فوق مبنى الشرطة على الجامع والمصلين، وألقوا الغاز المسيل، وقد استشهدت إمرأة أيضا، وإضافة إلى ذلك فالقناصون الذين استقروا فوق أسطح المنازل أطلقوا النار أيضا على الأشخاص العائدين إلى منازلهم، ومعظم الطلقات أصابت رؤوس المصلين وصدورهم، مما يدل على أنها من صنع القناصة.

إدانات لمجزرة المصلين:
أدان العلماء الكبار وكذلك جهات حقوقية مختلفة مجزرة المصلين في زاهدان، كما أدانتها شخصيات ومنظمات خارج البلاد، كمنظمة حقوق الإنسان، وعفو الأمم المتحدة، وبعض قادة جمعية علماء الإسلام في باكستان، ومنظمات وطنية في إقليم بلوشستان باكستان، وطالبوا بمعاقبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه المجزرة.

تعاطف شعبي واسع مع فضيلة الشيخ عبد الحميد:
لقد حضر الفئات والجماعات المختلفة من داخل المحافظة وخارجها خلال الأسبوعين الماضيين وأعلنوا تعاطفهم مع فضيلة الشيخ عبد الحميد، ووقوفهم مع فضيلته في مطالباته من رؤساء القبائل وخطباء الجمعة والنخب الجامعيين، كما وعد محامون بمتابعة حقوق القتلى المظلومين في المحاكم الحكومية.

دعوات لعدم المشاركة في جلسات الوحدة:
وقعت جريمة مجزرة المصلين في شهر ربيع الاول الذي اختير أسبوعه الثاني كأسبوع الوحدة في البلاد، ولكن أدانت علماء أهل السنة في البلاد مشاركة جلسات هذه الوحدة الصورية، فقد أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في لقائه الأسبوعي مع أساتذة الجامعة قائلا: حادثة الجمعة الدامية وجهت ضربة كبيرة للوحدة، فعلى العلماء وشيوخ القبائل أن يحذروا، فإن مجتمعنا جريح، فلا يعرضوا أنفسهم لغضب الشعب ولعناته.
وتابع فضيلته قائلا: يجب أن نقول بوضوح إن مثل هذه الجريمة، قد وقعت وليس لها أي مبرر، نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في علاقاتنا وتعاوننا (مع الحكومة) لأن القسوة تجاوزت حدودها.
فكانت نتيجة هذا الموقف للشيخ عبد الحميد أن المشاركة من جانب أهل السنة وصلت في أسفل مستواها خلال تاريخ هذه الجلسات، كما يتبين من صور بثت عن جلسات التقريب في وسائل الإعلام ما يدل على فشل هتاف الوحدة وجلساتها داخل البلاد.

الموقف المُخجل للمسؤولين:
أما المسؤولون فكان موقفهم مخجلا تجاه هذه الجريمة، ما بين محرّف لحقيقة الجريمة، وما بين ساكت عن التصريح بالحقيقة خوفا وطمعا..
فلم يأت من أحد منهم إلى الآن استنكار ولا إدانة لهذه الجريمة البشعة، ويطالب أهل السنة مسؤولى البلاد باتخاذ موقف صريح في إدانة الجريمة ومعاقبة مرتكبيها كخطوة أولى للحوار والتفاوض، وهو المطلب الذي أكد عليه فضيلة الشيخ عبد الحميد ويصر عليه، وما عرف عن المسؤولين فإنهم قلما يعترفون بمثل هذه الجرائم إلا إذا كانت الضغوط كبيرة عليهم، وإلا فهم يواصلون إخفاء الحقائق وعرضها مقلوبة محرفة في وسائل الإعلام التابعة لهم.

الجمعة الأولى بعد الجمعة الدامية:
كان حضور أهالي زاهدان في١٠ ربيع الأول ١٤٤٤ (الجمعة الأولى بعد الحادثة الدامية) جماهيريا، بحيث حضر عشرات الآلاف من الشباب، وأدان فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة هذه الجمعة جريمة “المجزرة الدامية” في زاهدان، مطالبا بإجراء “تحقيق نزيه وعادل” في هذه الجريمة، والعقاب القانوني لجميع مرتكبي هذا الحادث الدموي من قبل السلطات.
أشار مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: أوضحنا حقيقة الجمعة الدامية في زاهدان لوزير الداخلية والوفد الذي جاء إلى زاهدان من لجنة الأمن القومي التابعة لمجلس الشورى، وكذلك لممثلي المحافظة، كما تم التأكيد على أننا لا نكتفي بإعلان الموتى “شهداء” من جانب الحكومة، لأنّ القرآن الكريم والسنة أطلقا عليهم اسم الشهداء، بل مطلب العلماء والشيوخ ورؤساء القبائل وعامة الشعب، والذي سيكون سببا لتسلية المجتمع، أن يقوم كبار المسؤولين ضمن إدانتهم لهذه الجريمة، بالبحث عن حقيقة ما حدث بطريقة محايدة ودقيقة ليكتشف بأي جريمة قتل هؤلاء الناس بهذه الطريقة! ويعلن أيضا مظلومية شعبنا، ويعاقب المجرمون، وتدفع التعويضات والأضرار المادية، ويطلق سراح المعتقلين في هذه الحادثة في أقرب وقت ممكن.
واستطرد فضيلته قائلا: ما حدث يوم الجمعة الماضي في جامع زاهدان كان مؤسفا جدا ومروّعًا. كان الناس والمصلون قلقين لا يدرون من أين يطلق الرصاص عليهم ولماذا؟ استشهد وجرح كثير من المصلين في هذه الحادثة. الأمر الذي أثار القلق هو أن غالبية الشهداء والمصابين في هذه الحادثة استُهدفوا في الرأس والصدر، في حين أن هذا مخالف لعادات وقوانين العالم، وعادة في إيران والمناطق الأخرى من العالم يتم استخدام الغازات المسيلة للدموع وغيرها من الأساليب في الاحتجاجات. أتساءل ما إذا كان من استهدف هؤلاء الأشخاص هم بالفعل إيرانيون ومواطنون؟ فأي أخوة لهؤلاء معنا حيث ارتكبوا هذه الجريمة بحقنا؟! ويجب أن يساق من ارتكب هذه الجريمة إلى المحاكم، ويُعاقب كائنا من كان، حتى يشعر الشعب في المدينة والمحافظة بالأمان في المستقبل.
وأضاف فضيلته قائلا: حاول كثيرون أن ينسبوا هذه الحادثة إلى “جماعات مسلحة” و”انفصاليين” زورا، لكنهم يعلمون أن الحقيقة لن تُخفى أبدًا ولن تبقى الشمس وراء الغيوم إلى الأبد. أستطيع أن أقول بجرأة أنه في هذه الحادثة، أصبحت حقيقة الحادثة والقمع الذي تعرض له شعبنا واضحًا للسلطات ولجميع الناس. لقد أيقظت هذه الحادثة شعبنا ليعبروا عن حقوقهم ويطالبوا بها دون أي اعتبارات.