- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الإفراط والتفريط مقبوحان في الأمور الدينية والمادية

استنكر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (3 صفر 1443) الإفراط والتفريط في كافة الأمور الدينية والمادية، موصيا الشعب والمسؤولين بـ”العدل” و”الاعتدال” واحترام حقوق بعضهم البعض.
تابع فضيلته قائلا: للأسف انتشر في العصر الحالي “التطرف ” و”التفريط” في العالم ، وهذه الظاهرة أثرت للأسف على المسلمين والعالم الإسلامي، ولقد ابتليت مجموعة من المسلمين بالتفريط في الدين بسبب رؤيتهم القاصرة عن الدين، ومن ناحية أخرى ابتلي آخرون باستنباطات خاطئة عن الدين، وابتلوا بالإفراط، ويريدون أن يكونوا أخشى من رسول الله في العمل على الدين.
وأضاف مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: ورد في الروايات أن النبي الكريم غضب على عدد من الصحابة الذين أرادوا أن يشتغلوا بالصلاة والصوم والتلاوة، ويجتنبوا الحاجات الفطرية وأداء حقوق الأهل والأولاد، وعاتبهم بأن هذه الطريقة لو كانت جيدة لاختاره صلى الله عليه وسلم بنفسه.
وأضاف قائلا: إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما كان حريصا على أن لا يقع الصحابة في “الإفراط” في الدين، كذلك كان حريصا على عدم وقوع الصحابة في “التفريط” في العمل على الأحكام والفرائض الدينية. الكثير من المسلمين اليوم لا يعملون بالمبادئ الدينية ويرتكبون المعاصي، لكنهم يرجون أن ينالوا الجنة.
وتابع خطيب أهل السنة مؤكدا على ضرورة “الوسطية والاعتدال” في كل الأمور: إن طريق الوسطية والاعتدال هو طريق القرآن والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة وأهل البيت، وأكابرنا كانوا في منهج الاعتدال، فكانوا يهتمون بأوضاع العالم، ولم يبتلوا بالتطرف والمفاهيم الخاطئة عن الدين، والدين هو ما ورد في القرآن والسنة.
وأردف فضيلته قائلا: توجد في الإسلام قدرة عالية، وإنّ حادثة فتح مكة هو مثال على القدرة الكبيرة والتسامح الكبير ورؤية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي عفا عن كل من قاتل المسلمين ودين الإسلام في الماضي وقتل الكثير من الصحابة، هكذا عاش في المدينة المنورة كثير من المشركين والوثنيين وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) ما لم ينقضوا العهد، كما أنه كان متسامحا مع المنافقين الذين كانوا يتآمرون على المسلمين.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: على كل المسلمين من علماء وأكاديميين وخبراء والفئات الأخرى أن يزيدوا من سعتهم، ويختاروا منهج الكتاب والسنة الذي هو منهج الاعتدال والوسطية وينبذوا التطرف.
واستطرد مدير دار العلوم زاهدان قائلا: أمر القرآن الكريم المسلمين بالعدل مع العدو أيضا، وقال: “ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”. لا ينبغي أن تحملنا العداوة مع قوم على ارتكاب الظلم بحقهم، ولكن يجب أن نعطيهم حقوقهم حيث يكونوا على حق ويجب أن نجعل العدل نصب أعيننا.
وأردف فضيلة الشيخ قائلا: الشعوب والحكومات لها حقوق بعضها على بعض، ويجب احترام هذه الحقوق؛ فإذا قال الحاكم كلمة حق فلا بد من قبوله، وإذا قال الشعب الحق وطالبوا بمطلب شرعي، يجب أخذه بعين الاعتبار والعمل به.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: هذا هو منهجنا في إيران حيث نقول: إن الحكومة لها حق، وأن الشعب له حقوق كذلك، فإن قامت الحكومة بعمل وخدمة للناس في مكان ما، يجب أن نقول إن الحكومة عملت هنا، وحيث فشلت في خدمة الناس، يجب أن نقول ونشير أيضًا إلى أنها فشلت، وهكذا الشعب له حق، ويجب الدفاع عن حقه، وحيث وقع الشعب في خطأ يجب أن نقول إنهم في طريق خاطئ. هذا هو مقتضى الاعتدال.

يجب إعطاء الحكومة الأفغانية الجديدة فرصة لترتيب الأمور
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في التطورات الأخيرة في أفغانستان، نعتقد أن للشعب الأفغاني حقوقا، وأن الحكومة الجديدة التي شكلتها الإمارة الإسلامية لها حقوق، وإن الفئات المختلفة من الشعب بما في ذلك العرقيات والمذاهب المختلفة والرجال والنساء، لها الحق في أن تسمع كلمتهم، وتعمل عليها إذا كانت مطالبهم صحيحة.
واستطرد فضيلته مؤكدا: انهار النظام السابق في أفغانستان، ووصل إلى السلطة نظام إسلامي جديد، هذا النظام والحكومة الجديدة لها أيضا حق على الشعب، وحقها على الشعب أن يمنحوها الفرصة للتخطيط وتنظيم شؤون البلاد.
وتابع مشيرا إلى أننا نسمع أقوال الشعب والحكومة الجديدة في أفغانستان: اقتراحنا الذي يقدم في ضوء القرآن والسنة إلى كافة الأطراف في أفغانستان، أن أفضل طريقة لحل المشكلات وتحقيق النتائج، هي الجلوس إلى جانب بعضهم البعض وحل القضايا من خلال التفاوض والحوار، وليس السعي إلى تدمير البعض للبعض.
وأكد فضيلته قائلا: نعتقد أن أفضل حل للمشكلات في جميع البلدان الإسلامية وفي جميع أنحاء العالم هو “التفاوض” و”الحوار”. التفاوض والحوار يؤديان إلى إفراغ الأحقاد وإزالة الكراهية والعداوات، لذلك ندعو كلّ المسلمين إلى الاعتدال والحوار والتفاوض.
كما أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على ضرورة معرفة العدو، قائلا: معرفة العدوّ مهم جدا، على المسلمين أن يعرفوا أعدائهم، ومن يخططون ضد الإسلام ويحرضون المسلمين بعضهم على بعض، لئلا ينخدعوا بهم، ويجب على المسلمين أيضا أن يحرصوا على اجتناب ما يوفر الذرائع للدعاية ضد الإسلام والمسلمين.

على الحكومة الأفغانية الجديدة استخدام قدرات القوميات والمذاهب والنساء، وكذلك العلماء والأكاديميين “المتدينين” و”المؤهلين”
وفي قسم آخر من خطبته، نصح خطيب أهل السنة الحكومة الأفغانية الجديدة بتوظيف الأكاديميين المتدينين والملتزمين، قائلا: نتمنى أن تستخدم الحكومة الجديدة قدرات العلماء والأكاديميين الذين لديهم تدين وأمانة، والتزام وخبرة علمية في بناء الدولة وتسييرها. يجب أن يتم توظيف العلماء والآكاديميين الموثوقين، والمتدينين الأمناء، والذين يسعون من أجل التنمية والإدارة الصحيحة لأفغانستان.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على احترام حقوق المرأة قائلا: نساء اليوم لسن نساء الأمس، بل لديهن المعرفة والقدرة والدافع، ويقصدن النمو في مجالات العلوم والبناء والمجالات الاجتماعية، ومن واجب أي حكومة توفير الأرضية لنموّ المرأة وتعليمها واستخدام مواهبهن على أفضل وجه.
أكد فضيلته قائلا: يجب أن يتمّ توظيف كافة الاتجاهات والمواهب بما في ذلك أتباع المذاهب الأخرى. قد تكون هناك اتجاهات متطرفة، لكن يجب التسامح مع هذه الاتجاهات أيضًا. ولا بد من استخدام مواهب كافة العرقيات والمذاهب والمرأة حتى لا يتم خلق انطباع بأن المسلمين يميزون بين الرجال والنساء والعرقيات والمذاهب.
وأضاف: لو استخدم المسلمون السعة الموجودة في الإسلام والقرآن والسنة، فإنهم سيصلون إلى غايتهم المنشودة، ويمكن أن يكونوا قدوة في مجال الوسطية والبصيرة في العالم.