- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

طالبان تطمئن الداخل والخارج وتؤكد إجراء محادثات لتشكيل حكومة شاملة

وجهت حركة طالبان -بعيد دخول مقاتليها العاصمة كابل- رسائل طمأنة للشعب الأفغاني والمجتمع الدولي بشأن المرحلة المقبلة في البلاد، وأكدت وجود محادثات لتشكيل حكومة شاملة، في حين قال الرئيس أشرف غني إنه غادر أفغانستان حقنا للدماء.
وبعد 20 عاما على طردها من السلطة إثر الغزو الأميركي لأفغانستان، دخلت قوات طالبان أمس الأحد العاصمة كابل، وسيطرت على المقرات الأمنية والحكومية فيها، وذلك بعد سيطرتها على الولايات الـ33 الأخرى خلال أسبوع فقط.
ومع وصول مقاتلي الحركة إلى تخوم العاصمة، تواترت التصريحات من كابل عن إمكانية إرساء حكومة انتقالية.
لكن وكالة رويترز نقلت عن مصدرين في طالبان أنه لن تكون هناك حكومة انتقالية في أفغانستان، وأن الحركة تتوقع تسليما كاملا للسلطة.
ونقلت الوكالة عن قائد آخر في حركة طالبان قوله إنه من السابق لأوانه التحدث عن كيفية توليهم الحكم، مضيفا أن الحركة ترغب في مغادرة كل القوات الأجنبية قبل بدء إعادة الهيكلة.
وقبل حلول مساء الأحد، أعلنت الحركة السيطرة على القصر الرئاسي في كابل، وأظهرت صور خاصة للجزيرة عددا من عناصر الحركة وهم يتسلمون القصر من موظف بالرئاسة.
كما أظهرت صور ليلية تمركز مقاتلي الحركة في عدة نقاط بالعاصمة، وأفادت مصادر من طالبان أنها نسقت مع الأميركيين بشأن مناطق انتشار مسلحيها في العاصمة، وذلك تجنبا لأي صدام محتمل مع القوات الأميركية التي تقوم بتأمين مطار العاصمة لإجلاء الدبلوماسيين والرعايا الأميركيين والأجانب.

منع الفوضى
وكانت الحركة أعلنت -في بيان- أنها أمرت مسلحيها بدخول العاصمة منعا لحدوث الفوضى والسرقة، وأضافت أنها قررت دخول كابل لأن القوات الأفغانية انسحبت من مواقعها داخل العاصمة.
وقالت الحركة إن مقاتليها لن يتعرضوا لأحد بسوء، داعية القوات الحكومية إلى عدم المواجهة.
وقبل دخول العاصمة، سيطر مقاتلو طالبان على معسكرات تقع على مشارف المدينة، بما فيها قاعدة باغرام، وحرروا آلاف السجناء من عناصر الحركة وغيرهم.
ولم تسجل في كابل سوى حوادث إطلاق نار متفرق وبعض أعمال النهب المحدودة.

تقاسم السلطة ونظام الحكم
وفي إطار رسائل الطمأنة الموجهة للداخل والخارج، أكد عضو المكتب السياسي لطالبان سهيل شاهين أن الحركة تجري محادثات لتشكيل حكومة شاملة بأفغانستان.
وأضاف شاهين في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس أن تشكيل تلك الحكومة هو مطلب الشعب الأفغاني.
وتابع “أعتقد أن تشكيل حكومة أفغانية شاملة هو مطلب الشعب الأفغاني. هم يريدون هذه الحكومة. وقد رأيتم أنه حال دخولنا مدينة يصطف أهلها على الطريق مرحبين بقواتنا. إذن هذه انتفاضة شعبية. ونتيجة لذلك وقعت جميع الأقاليم في قبضتنا، وبسبب دعم الناس استطعنا أن نقاوم الاحتلال لمدة 20 عاما.”
وبعيد دخول مسلحي طالبان العاصمة كابل، قال رئيس المكتب السياسي لطالبان عبد الغني برادر إن دخول طالبان إلى كابل وسيطرتها على مجمل الأراضي الأفغانية مسؤولية كبرى.
وفي كلمة هنأ فيها الأفغان، قال الملا برادر إن الحركة بلغت مرحلة لم تكن تتوقعها، ودخلت في مرحلة اختبار بشأن كيفية طمأنة الشعب الأفغاني بإمكانية التعايش معا.
من جهته، قال المتحدث باسم طالبان محمد نعيم إن الهدف هو تقاسم السلطة، وأن يكون البلد مستقرا.
وقال -في مقابلة مع الجزيرة- إنه لا يستطيع أن يحدد نوع النظام الذي سيحكم أفغانستان، وأضاف أن شكل نظام الحكم سيتضح قريبا، موضحا أنهم يريدون نظاما عادلا خاليا من الفساد، وأن تنعم البلاد بالأمان.
وأكد نعيم انفتاح الحركة على التفاوض مع أي جهة، لكنه أوضح أن الشعب الأفغاني لن يقبل أي إملاءات من الآخرين.
وأوضح أن الحركة تريد علاقات مع المجتمع الدولي، ولا تريد أن تعيش في عزلة، مؤكدا أنه لا خطر يهدد السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية في كابل.
وقال المتحدث باسم طالبان للجزيرة إنهم الآن قضوا على الحرب التي اشتعلت في أفغانستان منذ 20 عاما، وإنهم اقتربوا من اليوم الذي ينعم فيه الشعب الأفغاني بالاستقرار.
وتعهد نعيم باحترام حقوق المرأة والأقليات وحرية التعبير في ضوء الشريعة، مشيرا إلى أن الحركة لم تقص أحدا، بدليل وجود مسؤولين في مناصبهم مثل حكام الولايات، على حد تعبيره.
وأكد أن طالبان لن تسمح لأحد باستخدام أراضي أفغانستان لاستهداف أي جهة، قائلا إن الحركة لا ترغب في التدخل في شؤون الآخرين، ولن تسمح للآخرين بالتدخل في الشأن الأفغاني.

“الإمارة الإسلامية”
وكانت وكالة أسوشيتد برس نقلت في وقت سابق الأحد عن مسؤول في طالبان أن الحركة ستعلن قريبا الإمارة الإسلامية من القصر الرئاسي في كابل.
وردا على سؤال عمّا إذا كانت طالبان ستعلن الإمارة الإسلامية في أفغانستان، قال سفير الحركة السابق في باكستان عبد السلام ضعيف -في مقابلة سابقة مع الجزيرة- إن أولوية طالبان الآن هي الحفاظ على الأمن والاستقرار في كابل، التي دخلت إليها بطلب عدد من المسؤولين بعد مؤشرات على حدوث فوضى في العاصمة.
من جهته، قال مسؤول الأمن المركزي في حركة طالبان الملا قاري صلاح الدين للجزيرة إن “الحركة تريد حكومة تشاركية مع مختلف مكونات الشعب الأفغاني، وإن القرار النهائي سيكون للجنة السياسية لطالبان”.
وأضاف صلاح الدين -في تصريحات خاصة للجزيرة من داخل القصر الرئاسي في كابل- أنه لا يمكن لأي جهة أن تسيطر على الحكم بمفردها.
وأكد مسؤول الأمن المركزي في طالبان أن هناك ترتيبات تجري حاليا لعودة قيادات الحركة إلى كابل.

الرئيس “يهرب” ويبرر
وبعيد توغل قوات طالبان في كابل، غادر الرئيس الأفغاني أشرف غني وعدد من مسؤولي إدارته البلاد.
وقال غني -في منشور على فيسبوك – إن حركة طالبان انتصرت، وإنه غادر البلاد لتجنب إراقة الدماء مع دخول الحركة القصر الرئاسي في العاصمة كابل.
وأضاف -في أول تصريح منذ رحيله- أنه غادر لتجنب حدوث اشتباكات مع طالبان كانت ستعرض حياة الملايين من سكان كابل للخطر.
وطالب غني حركة طالبان بحماية النساء ومختلف العرقيات لكسب قلوب الأفغان، مؤكدا أن الشعب في حالة خوف من المستقبل.
واعتبر أن طالبان ربحت الحرب لكنها خسرت قلوب الشعب، قائلا إن الحركة خططت لإزاحته عن السلطة ومهاجمة كابل وسكانها.
في السياق، قال الحارس الشخصي للرئيس الأفغاني للجزيرة إن غني وزوجته ومدير مكتبه ومستشار الأمن القومي غادروا البلاد إلى طشقند في أوزبكستان، بيد أن أوزبكستان نفت أن يكون غني موجودا في أراضيها.
ولم يكشف غني عن مكان وجوده، إلا أن وكالة الأناضول التركية قالت إنه وصل سلطنة عُمان.

لجنة لنقل السلطة
من جانبه، قال الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي إنه تواصل مع زعماء حركة طالبان لحل الأزمة الأفغانية، بما وصفها بطرق سلمية وأخوية.
وأضاف كرزاي أنه بعد مغادرة أشرف غني والمسؤولين عن البلاد، ومنعا لحدوث فوضى؛ تشكلت لجنة مكونة من 3 أشخاص لنقل السلطة بالصورة السلمية، مكونة من رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله، وحامد كرزاي، وقلب الدين حكمتيار (رئيس الحزب الإسلامي).

عودة الموظفين
على صعيد آخر، قالت وسائل إعلام أفغانية إن مسؤول أمن كابل من قبل طالبان تعهد بعودة جميع الموظفين إلى وظائفهم قريبا.
ووفق وسائل الإعلام، فإن عبد الرقيب حقاني تحدث عن الإجراءات الأمنية في العاصمة، وقال إن جميع المواطنين سيعودون إلى وظائفهم قريبا.
كما قال قائد بحركة طالبان لرويترز “صدرت أوامر بالسماح للأفغان باستئناف أنشطتهم اليومية وأنه لا ينبغي ترهيب المدنيين”.

المصدر: الجزيرة.نت