- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

هل نُفّذت المادة الثانية عشرة من الدستور؟

تتمّ عادة في كلّ بلد من أجل تنظيم الأمور وتثبيتها، ومن أجل تنسيق الواجبات والمنع من الفوضى، موافقة على بعض الأصول والاتفاقيات بين أفراد المجتمع، لتمنع التعدي والسطو على حقوق بعضهم البعض، وتحدد حقوق كلّ شخص.
يعتبر الدستور ميثاق وفاء للقيم الوطنية، وهو الحبلُ الذي يستمسك به لتعزيز التضامن الوطني بين أبناء الوطن الواحد، بشرط أن يتمتع المقننون له عن وعي وعدالة وإنصاف كاف؛ لأنّ كل ما هو نتاج العقل أو الفكر، ليس كاملا وهو خاضع للتغيير والتحول، ما عدا القرآن الكريم، كتاب الله تعالى، فهو القانون الكامل الذي يوفر مطالب البشر، ويقضي حاجاتهم في كل عصر ومصر.
لا شك أن الدستور في إيران ليس قانونا كاملاً وخاليا من العيوب بحيث لا يمكن تغييره، بل أظهر نفس مراجعة الدستور أن المزيد من التغييرات الآتية ليست مستحيلة بأي حال من الأحوال، وقد صرّح آية الله الخميني قائلا: “بأي حقّ يمكن للجيل الماضي أن يشرعوا للأجيال القادمة؟” فبغضّ النظر عن وضع الدستور، المهمّ هو تطبيق موادّه وأصوله، وللأسف لم يطبق بعض موادّ الدستور رغم مضيّ سنوات، بل ظلت متروكة مهجورة، لم يتمكن أصحاب الثورة ورعاتها من الاستفادة من ثمراتها.
من تلك الموادّ أو الأصول المتنازع عليها، هي المادة الثانية عشرة من الدستور، فبالرغم من أنها في الظاهر ومن الناحية النظرية تركز على تأدية حقوق المواطنين، إلا أنها من الناحية العملية قد طبعت إلى الأبد على عقول المواطنين الإيرانيين ختام الطائفية والتقييدات والتقليد الإجباري وعدم التفكير والبحث، وحرمتهم إلى الأبد من أي تفكير أو فكرة في التعاليم الدينية أو اتخاذ قرار حول الاعتراف بالمذاهب الأخرى وقبولها، بينما المطلوب أن لا يخوض الدستور في التفاصيل ولا يجعل سلاسل وأغلالا على أيدي الشعب وأرجلهم. مع أنه قد ورد الاحترام بالمذاهب الإسلامية في هذه المادة، وفيها أنّ “أتباع المذاهب يعترف بهم في التعليم الديني والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والميراث والوصية) والدعاوى القضائية المتعلقة بهم في المحاكم، وفي كل منطقة يكون أتباع أحد هذه المذاهب هم الأكثرية، فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة في حدود صلاحيات مجالس المحلية تتبع ذلك المذهب، دون المساس بحقوق أتباع المذاهب الأخرى”.
هنا تظهر بعض الأسئلة؛ هل تمّت مراعاة الاحترام المطلوب لهذه المذاهب حتى الآن وخاصة في محافظة كردستان؟ فالاحترام يتحقق عندما لا يدخل أحد الحمى الخاص للآخر، ولا يتعدى على خصوصيته، فهل علماء أهل السنة مستقلون في محافظة كردستان؟ وهل يتم انتخاب أئمة الجمعة والجماعات لمساجد أهل السنة من جانب علماء أهل السنة في كردستان؟ وهل تمكنت المجالس المحلية في المدن والقرى من تطبيق القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية في إدارة تلك المناطق؟
للأسف لا نرى أسماء المشاهير من الصحابة والتابعين على المساجد وحتى في تسمية الأماكن والممرّات، بل لا نشاهد أسماء علماء في كردستان استشهدوا في ذروة المظلومية! وهل تستطيع إذاعة محافظة كردستان تقديم برنامج خاص في يوم استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟
يبدو أن هناك حاجة إلى تأسيس جمعيّة أو لجنة متخصصة من العلماء والفقهاء لتطبيق المادة الثانية عشرة من الدستور، وهو أحد مطالب أبناء المحافظة، لينفذ هذا الأصل من الدستور بدقة وشفافية، حتى تعود للعلماء مكانتهم اللائقة ومنزلتهم الأصلية، ويبذل اهتمام للمجالس المحلية، وتمارس الحقوق المدنية والأساسية كما يجب أن تمارس.
إن تطبيق الدستور ليس مطلبًا وطنيًا فحسب، بل هو أيضًا واجب أصحاب السلطة، بحيث يجب عليهم أن يسعوا كواجب وميثاق لتنفيذه. نأمل أن تنفذ الأصول والمواد الحالية للدستور، وتتخذ إجراءات لازمة لتعديله وتحسينه بما يرضي الجيل الجديد وجميع المواطنين الإيرانيين.