- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

لنستفد من الأسباب لكن يجب أن نرى الله الذي يتصرف في الأسباب

أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (11 ذوالقعدة 1441) على ضرورة “الاستفادة من الأسباب”، و”التوكل على الله تعالى”، واصفا إياهما من تعاليم الإسلام والقرآن.
وتابع فضيلته قائلا: العالم الذي نعيش فيه عالم الأسباب. لقد خلق الله تعالى هذه الأسباب، وهو الذي يدبر ويتصرف في هذه الأسباب.
وأضاف فضيلته قائلا: لقد أمرنا الله تعالى بالاستفادة من الأسباب، لكن يجب أن نرى مسبب الأسباب، والمتصرف فيها أيضا، فالله هو الذي يبدل يرفع من البحار غيوما، ويرسلها حيث يشاء، فيبدلها إلى أمطار، ولقد نسب الله تعالى جريان الرياح، ونزول الأمطار، وسائر الأسباب، إلى نفسه، ويقول: {وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين}. فالله الذي هو رب الأسباب ومدبر العالم، ينسب إنزال المطر إلى نفسه، لذلك حينما لا تنزل الأمطار يجب الاستسقاء، لكن الذين عميت قلوبهم وأبصارهم، ولا يرون الله، ولا يفكرون فيه، يظنون أن الغيوم هي التي تمطر، ويستهزئون بمن يقيمون صلاة الاستسقاء.
واستطرد خطيب أهل السنة في زاهدان: لقد أضاف الله تعالى إلى نفسه وهب الأولاد وعقم الزوجين، ويقول: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً}.
الناس يرون كورونا، ويرون أسبابه، لكنهم لا يرون المسبب، مع أننا أمرنا بالاستفادة من الدواء، لكن يجب أن نرى رب الأسباب الذي أنزل هذا المرض، فالذي أنزله يرفعه إذا شاء في لحظة.
وتابع فضيلته قائلا: لقد أمرت الديانات السماوية والإسلام والقرآن الكريم باختيار الأسباب، والتوكل على رب الأسباب. ترك الاسباب ليس زهدا بل هو جنون. مع الأسف لا يختار البعض الأسباب، ويريدون أن يتقدموا الله والرسول في التوكل.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لمكافحة مرض كورونا، استخدموا كمامات الوجه، واجتنبوا من المصافحة، وعليكم بمراعاة التباعد المكاني، وسائر النصائح الصحية. استخدموا هذه الأسباب كلها، وليكن توكلكم على الله تبارك وتعالى، وإذا ابتليتم بمرض كورونا، استفيدوا من الدواء، واعلموا أن الدواء سبب، ويشفيكم إذا شاء الله، ولن يشفي إذا لم يرد الله تبارك وتعالى. عليكم باختيار الأسباب، ثم فوضوا سائر الأمور إلى الله تبارك وتعالى. هذه هي البصيرة.
وأكد مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: أهل الدنيا لديهم أبصار، لكنهم يفتقدون البصيرة، لذلك فهم يرون الأسباب، لكنهم لا يرون الله تبارك وتعالى، ويضحكون من الذي يدعو الله تعالى. أثناء وقوع الزلزال يرون سببه، ولا يرون الله الذي بإذنه تتزلزل الأرض، وفي الزراعة يرون البذر والفسيل والتراب، لكنهم لا يرون الله الذي يخلق النبات من الأرض. مثل هؤلاء الناس عميان، والعمى ليس في البصر، بل العمي الحقيقي هو عمى القلب. {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
وتابع فضيلته مؤكدا: إن تعليم القرآن الكريم أن نرى العزة، والقحط، وكورونا، وسائر الأمراض وكافة البلايا والمصائب من عند الله تبارك وتعالى، ولنستفيد من الدواء، لكن يجب أن نتوسل بالدعاء أكثر من كل شيء ليرفع الله عنا هذا البلاء؛ يقول الله تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا}، ويقول الله تعالى: {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين}.
وتابع: السيل، والقحط، والزلزال، وكورونا وسائر الآفات المتنوعة تنزل من عند الله تبارك وتعالى. يريد الله تبارك وتعالى أن يفهمنا أن كل شيء بيد الله تبارك وتعالى، وأن أعمالكم سيئة، وعليكم أن تحدثوا تغييرا في أنفسكم، ثم ارجعوا إلى الله تبارك وتعالى، واجتنبوا الإسراف، والغفلة، والمعاصي الباطنة والظاهرة، وسارعوا إلى التلاوة والصدقات والرحمات الإلهية، وساعدوا الضعفاء ليرفع الله تعالى عنكم الوباء والآفات.
وتابع مدير جامعة دار العلوم زاهدان: هذه الضغوط من أجل أن يعرف العالم أنه لا شافي ولا معبود سوى الله تعالى، والشفاء بيد الله تبارك وتعالى وليس بيد أولياء الله وأنبيائه، ولا بيد أي مخلوق، وهي سنة الأنبياء وأولياء الله أن نتضرع إلى الله تبارك وتعالى عند المصيبة والمرض، ونستفيد من الدواء ونتضرع إلى الله تبارك وتعالى.
وصرح فضيلته قائلا: أيها الناس! دعوا عبادة المخلوق والصنم والحجر، يريد الله تعالى أن ينبهكم على أنكم لا تملكون في عالم الأسباب دواء لكورونا، فيجب عليكم أن تعودوا إلى الله تبارك وتعالى الذي هو رب الأسباب. عليكم أن تعرفوا الله، وتروه عند كل مصيبة، فلو شئتم شيئا ولم يشأ الله ستكون مشيئة الله ولا تكون مشيئتكم. {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}. فلا تنسوا الله، ولا تبتعدوا عنه، بل أوقفوا الظلم والمنكرات وإراقة الدماء التي كثرت في الشرق الأوسط والصين وميانمار.

بيع المخدرات والكحول محضور قانونا وشرعا
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته تجارة المخدرات، قائلا: نقل المخدرات خطير، وتجارته محظورة شرعا. يزعم الكثير أننا نطرح هذه القضية لأجل الدولة، والحقيقة أن نقل المخدرات محظور شرعا كما أنه محظور قانونا.
وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد أولئك الذي يشتغلون بتجارة المخدرات أو الكحول، قائلا: ذروا هذه التجارات، واطلبوا رزقكم من الله تعالى. الجميع يرزقون على مائدة الله، فهل نأكل أو نرتدي أكثر من نصيبنا، لنقوم بتجارة المخدرات والكحول؟ اقتنعوا بالقليل، واقضوا حياتكم مرتاحين، واصرفوا أموالكم في التجارات المشروعة، وأنهوا تجارة المخدرات والكحول.
وصرح فضيلته قائلا: أيها الشعب البلوشي الكريم! إنما أطرح هذا الكلام عن إرادة للخير. إن تجارة المخدرات تضر بنا وبالمنطقة. ولقد قتل خيرة شبابنا في هذا الطريق، لقد ذهبت دمائنا، وهكذا تشوهت سمعتنا، والمال الذي حصل كان قليلا، والقروض كانت أكثر، وتعاطي المخدرات أضر بالمنقطة. عليكم بتغيير منهجكم؛ كفى من بعد، واطلبوا لأنفسكم رزقا حلالا شرعيا، إن الله يرزق الجميع. {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}.

على السيدات البلوشيات الاجتناب من الإسراف في الملابس
وحذر فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطابه النسوة من الإسراف في الملابس، وتابع قائلا: رسالتي للنسوة والأخوات الكريمات، أن يجتنبن الإسراف في الملابس، والملابس المطرزة التي تشترى بأثمان باهظة إسراف ومعصية، وربما البعض لا يقدرون على توفير نفقاتها، ويضطرون أن يلجأوا إلى الأعمال المحظورة.
وتابع فضيلته قائلا: الزي البلوشي الرائج في المنطقة جيد، ويجب الاكتفاء بالخياطات البسيطة في توفير الملابس، وعلى النسوة العاقلات التفكير في هذه المسائل.

الشيخ “عبد الحميد جهانديده” بذل نفسه من أجل الدين والشعب
وأعرب فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام خطبة الجمعة، عن تعازيه على وفاة الشيخ “عبد الحميد جهانديده”، خطيب أهل السنة في مدينة “سوران” قائلا: إنّ الشيخ “عبد الحميد جهانديده” كان شخصية مميزة وناشطة، وكان شخصية محورية في المنطقة.
وتابع فضيلته قائلا: الشيخ “عبد الحميد جهانديده” رحمه الله كان عالما مخلصا، بذل نفسه للدين وللناس، ولم يتاجر باسم الدين، بل أنفق للدين من نفسه وماله. رفع الله درجاته، وتقبّل جهوده وخدماته التي قدمها للدين.