- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

شيخ الهند مولانا محمود الحسن و خدماته السياسية

شيخ الهند مولانا محمود الحسن و خدماته السياسية إن جامعة دار العلوم ديوبند قد لعبت دوراً مهماً في تربية الرجال واتحاد الفصائل في شتى المجالات، منها المجال السياسي.
هذه الجامعة أُسست لصيانة المسلمين واستيفاء حقوقهم وتحريرهم من الاستعمار البريطاني ضمن تثقيفهم وتجهيزهم بالعلم وإصلاح أحوالهم؛ لأجل ذلک اهتمّ علماءها بالجوانب النظرية وتبيين مبادئ النشاطات الاجتماعية وأصولها الثورية والسياسية، وإمكانية تنفيذ أهدافهم ونواياهم. هم الذين جمعوا النخب من الطبقات المختلفة على رصيف واحد وأتوا ببرنامج واضح ومخطط موافق بالحقائق الأرضية لأجل تحرير الهند. كبار العلماء والناشطين مثل الشيخ محمد قاسم نانوتوي والشيخ ذو الفقار علي، والد شيخ الهند، أسسوا دار العلوم ديوبند؛ لتكون حضناً للمسلمين والدعاة والثوار من مذاهب شتى وأديان مختلفة.
مولانا “محمود الحسن الديوبندي”، كأول طالب لدار العلوم ديوبند وثم خرّيجها الأول واصل منهج أساتذته أحسن المواصلة في ازدهار الجامعة، بل صار رمزاً لمن يجمع بين المجالات العلمية والعملية، ويجمع بين الدراية والشجاعة. كان رحمه الله يهتم اهتماماً بالغاً ليربي الرجال، وكان زعيماً ومعلماً ومدرباً. يُرى أنه كان لشيخ الهند مخططاً طويل المدى لأهدافه السامية مثل تحرير الهند من الإنجليز حيث أسس “ثمرة التربية”. تأسيس هذه الجمعية كان من جانب شيخ الهند واستحبها الشيخ نانوتوي. “ثمرة التربية” كانت تقصد مواصلة الصلة بين خرّيجي دار العلوم ديوبند لترتبطهم مع أساتذتهم، وأيضاً كانت تحرضهم ليساهموا في نفقات الجامعة.
“جمعية الأنصار” أسست في عام 1909 م تحت اشراف الشيخ لترتبط الجامعة مع المجتمع ولتجمع علماء الدين بالطبقة المثقفة المتخرجة من الجامعات العصرية، مثل علیگرهـ وكذلك عامة المسلمين ولتنشر العلوم الإسلامية بينهم، ولتغرس روح الإيمان والحمية الدينية في قلوبهم. أسست هذه الجمعية بجهود متوالية من الشيخ عبيد الله سندهي في أرجاء الهند.
“جمعية الأنصار” هي حجر الأساس للنشاطات التنظيمية والحزبية التي قادها العلماء حيث أسسوا “جمعية علماء الهند” بعد عشر سنوات لتكون أكبر وأقدم جمعية إسلامية في الهند. و”نظارة المعارف القرآنية” في دهلي صارت نشيطة لتجهز جیلا من قادة الثوريين ضد الإنجليز، وهم الذين قادوا خطة الرسائل الحريرية والحكومة الموقتة، وشاركوا بل قادوا مؤتمر الخلافة صيانة وحماية عن الدولة العثمانية التركية. هؤلاء العلماء عندما اتفقوا مع المثقفين المسلمين وزعماء الهندوس مثل غاندي على مقاطعة الحكومة الإنجليزية، صاروا روّاد حركة المقاطعة (تحريك ترك موالاة) السلمية، ثم أسسوا الجامعة الملية الإسلامية في دهلي.

الرسائل الحريرية
بالإضافة إلى التدريس وتربية الرجال الخدام، شيخ الهند كان يراقب الأوضاع السياسية في الهند والدولة العثمانية. الحرب العالمية الأولى غيرت كل شيء؛ طبعا شيخ الهند دعم العثمانیين ضد الإنجليز بقدر استطاعته، حتى أنه أسس الهلال الأحمر في دار العلوم ديوبند قبل ذلك ليساعد العثمانين في حرب بالقان. الحرب العالمية كانت فرصة ذهبية لتزايد صداع رأس المستعمرين وتكثيف مشكلاتهم وحتى إخراجهم من الهند. فأوفد الشيخ تلميذه عبيد الله سندهي إلى كابل مع فئة من النشطاء والمجاهدين، والحاج ترنگزهی سافر إلى ياغستان لتجنيد المجاهدين. في كابل اتصلت هذه المجموعة بالحكام الأفغان وسفراء بعض البلاد الأخرى ليحصلوا على حمايتهم ضد الإنجليز وليخرجوهم من الهند، فاستغلّوا الفرصة. الحكومة الهندية الموقتة أنشئت في نفس الخطة التي كشف عنها الإنجليز بعد إلقاء القبض على أحد النشطاء، ثم ألقى القبض على شيخ الهند وزملائه في الحجاز حيث سجنوا في جزيرة مالطة حوالي 4 سنوات.
بعد إطلاق سراح شيخ الهند ورجوعه إلى الهند، حركة المقاطعة شعرت بحياة جديدة والسياسيون شعروا بثقة جديدة وقوية ضد المستعمرين الإنجليزيين، فرفعوا مستوى مطالباتهم حيث صرّحوا أن الشعب يريد تحرير الهند وإخراج المستعمرين.

النشاطات السلمية لإسقاط جدار منشق
يرى أن شيخ الهند بعد إطلاق سراحه ونهاية الحرب العالمية الهدّامة التي أضعفت المنتصرین فيها أيضاً، علم وتيقّن أن جدار الإنجليز لا يحتاج إلى مطرقة أو معول أو آلة مخربة أخرى ليسقط، فاكتفوا بالنشاطات السياسية السليمة ليسقطوا جدار الاستعمار ويتخلصوا أنفسهم و بلادهم من الإنجليز. والحرب العالمية الثانية كانت آخر مسمار في تابوت المستعمرين.