- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

رحيل علامة الهند الدكتور محمد مصطفى الأعظمي

توفّي صبيحةَ اليوم الأربعاء 1 ربيع الثاني 1439، العلامة المحقِّق والمحدِّث الدكتور “محمد مصطفى الأعظمي”، أحد اﻷعلام البارزين من شبه القارة الهندية، بالرياض عن عمر 86 عاما.
قدم اﻷستاذ اﻷعظمي دراسات مهمة حول الحديث النبوي، لا سيما في مجال توثيق النص النبوي، ورد بعلم متين وبصيرة الشبهات التي أثارها أعداء اﻹسلام حوله.
وُلِد د.محمد مصطفى الأعظمي في مدينة منو بالهند في سنة 1350هـ/1932م. ولكره أبيه للاستعمار أخرجه من المدرسة الثانوية الإنجليزية، وألحقه بالمدرسة العربية.
ثم واصل تعليمه حتى تخرج من جامعة “دار العلوم ديوبند” الشهيرة سنة 1370هـ/1952م. وفي السنة نفسها، التحق بالأزهر في مصر لتقوية لغته العربية، كما التحق بقسـم التخصص التدريسي بكلية اللغة العربية، وحصل على شهـادة العالمية مـع إجازة التدريس. ثم رجع إلى الهند سنة 1374هـ/1955م.
وفي سنة 1375هـ/1956م عمل في قطر مدرساً للغة العربية لغير الناطقين بها، وفي السنة التالية أصبح أميناً لدار الكتب القطرية، وكانت تُسمَّى “المكتبة العامة”.
وفي سنة 1386هـ/1966م نال درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج البريطانية في بحث عن الأدبيات المُبكرة للحديث. ثم قدم إلى المملكة العربية السعودية، ودرَّس في كلية الشريعة بمكة المكرمة، ثم في كلية التربية في الرياض؛ أستاذاً لمادة مصطلح الحديث في قسم الثقافة الإسلامية لمدة ثمانية عشر عاماً حتى تقاعد عام 1991.
وقد أجرى البروفيسور الأعظمي دراسات قيِّمة مركَّزة على السُنَّة النبوية؛ اكتشافاً لبعض المخطوطات فيها وتحقيقاً لها، وبياناً لمنهج المحدِّثين في نقدهم، ورداً على هجمات أعداء السُـنَّة من مستشرقين وغيرهم.
ويأتي في طليعة كتبه، دراسات في الأدبيات المُبكِّـرة للحديث، ومنهج النقد عند المحدِّثين، ودراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، وكُتّاب النبي صلَّى الله عليه وسـلَّم، ودراسة نقدية لكتاب أصول الشريعة المحمّدية للمستشرق شاخت، وتاريخ النّص القرآني من الوحي إلى التدوين، والتحدِّى القرآني، وتحقيق صحيح ابن خزيمـة، وموطأ بن مالك، في ثمانية أجزاء، وسنن بن ماجه، في خمسة أجزاء، وكتاب التمييـز لمسلم والعلل لابن المديني، ومغازي رسول الله لعروة بن الزبير.
وقد تُرجمت العديد من أعمال البروفيسور الأعظمي إلى عدّة لغات. كما أنشأ -بعد سنوات من العمل الدؤوب- مركزاً لخدمة السُنَّة على شبكة الأنترنت، وقام بتخزين عدد من كتب السنّة فيه.
وقد منحته المملكة العربية السعودية جنسيتها، تقديراً لإنجازاته المتميِّزة، كما نال رحمه الله جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية سنة 1400، ومن مآثره الحميدة إعلانه عن تبرّعه بالجائزة السخية للطلبة النابهين من فقراء المسلمين.
وقد عمل البروفيسور الأعظمي باحثاً زائراً في جامعة متشجان في آن آربر، وجامعة كولورادو في بولدر وأستاذ كرسي الملك فيصل الزائر للدراسات الإسلامية في جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية، وزميلاً زائراً في كلية سنت كروس في جامعة أوكسفورد بالمملكة المتحدة، وأستاذاً فخرياً في جامعة ويلز.
وقد كان الراحل عالماً مغمورا ولم يرغب بالظهور ولم يُستفَد منه كما ينبغي إلا قليل من طلاب العلم.