- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

وأد بنات حواء في أرض الخلاعة والمجون

في الشريعة الإسلامية وفي عُرف البشر ذوي الفطرة السليمة الذين لم تُلوثهم الحضارة المادية، تختلف حقوق المرأة التي هي والدة المرء مِن حقوق المرأة التي هي زوجته، وتختلف حقوق زوجته من حقوق بناته وأخواته، وتختلف حقوق المرأة الأجنبية من حقوق القريبات المحارم، وتختلف في الجملة حقوق النساء عن حقوق الرجال كليا.
هكذا سائر حقوق العباد مختلفة في نوعياتها وأشكالها وحيثياتها في شريعة الله نظرا إلى أسبابها وعللها المختلفة.
إن الشريعة دخلت حقوق العباد من أوسع أبوابها، فقد جعلت الحق الأكثر أهمية بعد توحيد الله هو الإحسان إلى الوالدين، ومن ثم علّم أن خيرنا خيرُه لأهله، ثمّ استوصى بالنساء خيرا.
في عصرنا هتف أغبياء الغرب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق، فتلقّفها أشقياء الشرق بالقبول دون أن يفكروا هل هو هتاف معقول أم غير معقول؟ وأصبح من همهم الشاغل تغريد هتاف المساواة بين الرجل والمرأة، أو تحرير المرأة، دون أن يفكروا أن هتاف المساواة بين حقوق المرأة والرجل ليس هتافا معقولا، بل ظلم في حق المرأة التي حدد لها خالقها حقوقا أكثر مما يغرد لها هؤلاء المغردون.
إن إطلاق هتافات كليةٍ مبهمةٍ معسولةٍ أمرٌ سهل جدا، لكن تطبيقها على أرض الواقع ليس ممكنا بل مستحيل أيضا، فعمليا لا يساوي أحد بين أمّه ورجل أجنبي في الحقوق إلا من كان سفيها أو غبيا.
في الحقيقة الغاية من هتاف مساواة الرجل والمرأة، وهتاف تحرير المرأة وما شابهها من هتافات بشأن المرأة، لم يكن أبدا استيفاء حقوق لهن كما يدّعى، بل غايتها أن يعطى للنساء -وهنّ شطر المجتمع- أيضا نصيبهنّ من شقاء الحياة ومشقّة الأعمال التي أثقلت كواهل رجال المجتمع، والتي تعود منافعها في نهاية المطاف إلى ثلة قليلة من الأغنياء.
فهذا الهتاف إذن هتاف للمساواة في الشقاء والمشقة بين الرجل والمرأة لا الحقوق، ثم هي كغيرها من هتافات الجاهلية المعاصرة لم تُثمر عمليا إلا انتهاك كرامة المرأة ووأد بنات حواء في أرض الخلاعة والمجون والاستهتار، وغرقَها في بحار شهوات عبّاد الأهواء وعبيدها التي لا ساحل لها.