- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الشيخ عبد الحميد: السنّة في إيران مواطنون أصليون ولم يكونوا أبدا خونة للإسلام والوطن ويطالبون بتنفيذ العدالة وإزالة التمييزات

molana-iranshahrقال فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله إمام وخطيب أهل السنة، ورئيس منظمة اتحاد المدارس العربية الإسلامية لأهل السنة في بلوشستان، في اجتماع شعبي كبير في مدينة “إيرانشهر”، إن أهل السنة في إيران هم مواطنون أصليون، ولم يكونوا أبدا خونة للإسلام ولا للوطن، بل دافعوا عن حدود الوطن، وإنما يطالبون الحكومة بتنفيذ العدالة وإزالة كافة التمييزات التي يانون منها.

وأشار فضيلته في خطبته التي ألقاها أمام آلاف من الناس في جامع النور بمدينة “إيرانشهر” إلى صراع معركة الحق والباطل عبر التاريخ، قائلا: عندما نلقي نظرة إلى التاريخ أونتلو القرآن الكريم، أو نطالع سنة الرسول صلى الاله عليه وسلم، ندرك بكل وضوح أن الصراع بين التيار الديني واللاديني كان مستمرا عبر القرون.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: “كان الناس أمة واحدة”، يعني كل الناس كانوا على التوحيد والإيمان وكانوا عبدة الرب تبارك وتعالى، ثم حدثت اختلافات بعد ذلك وصار الناس في معركتين مختلفتين، معركة يقودها من آمن بالله ورضي به ربا وإلها وآمن بعظمته تعالى، ومعركة الكفر الذي كان ينكر الإيمان بالله والتوحيد. أصحاب معركة الإيمان كانوا يعتقدون بالحساب والكتاب والجنة والنار، ومعركة الكفار ينكرون كل ذلك.
كان تيار الكفر والإيمان متصارعين معا دائما. الأنبياء كانوا قادة تيار التدين والتوحيد. لقد قاد كل من نبي الله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام أولو العزم من الرسل معركة التوحيد وتيار التدين وقاموا بدعوة الشعوب إلى عبادة الرب وتوحيده. وإضافة إلى الاعتقاد الراسخ والإيمان القوي بالله تعالى عبدوا الله تعالى حق عبادته وكانوا سببا ليسجد الساجدون ويذكر الذاكرون ويعبد العابدون ربهم في أرجاء المعمورة.
وأَضاف فضيلة الشيخ: لقد وقعت حوادث عظيمة قبل البعثة النبوية. لقد ذكر الله سبحانه وتعالى قصة موسى وبني إسرائيل في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، ولم يتطرق القرآن إلى ذكر أحوال نبي من الأنبياء كما تطرق إلى ذكر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام. كان فرعون أكبر طاغية في التاريخ، وهو الذي نادى في قومه قائلا: “أنا ربكم الأعلى” وفي المقابل كان موسى عليه الصلاة والسلام من كبار الأنبياء، يتمتع بمكانة وهمة عالية. لقد ذكر القرآن هذه القصة في أكثر من ثلاثة عشر موضعا، وكل ذلك لأجل أن يذكرنا بأمور من خلال هذ القصة.
على كل، لقد جرت هذه الحالة إلى أن بعث الله سيد المرسلين ورحمة العالمين، ويعتبر عهد بعثته أفضل عهود التاريخ، والقرن الذي عاش فيه سيد المرسلين كان خير القرون. وكانت هي فرصة ذهبية للبشر.
وتابع خطيب أهل السنة بالقول: لقد قاد سيد المرسلين هذا العهد الذهبي، وأعطى الله تبارك وتعالى فرصة الحياة في هذا العهد لأفضل عباده بعد الأنبياء وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فقد اختارهم الله لصحبة نبيه، فكان عهدهم عهدا مثاليا، وفرصة لم نشهد مثيلها في الماضي ولن نجد مثلها في القادم إلى يوم القيامة.
فأنتم لو طالعتم تاريخ البشر، لن تجدوا قبل بعثة الرسول ولا بعدها أناس لمعوا وتلألئوا مثل الصحابة في ميادين العبادة والسجود، وهم أناس عظام ومطهرون.
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على  أن الصحابة سيظلون نجوم فخر للعالم البشري إلى يوم القيامة، قائلا: علينا أن نعلم جيدا بأنه لم يعش تحت السماء وفوق الأرض أناس أكثر صلاحا وإخلاصا وإيمانا من صحابة رسول الله بعد الأنبياء.
واستطرد فضيلته قائلا: فلو أننا قمنا برؤيتنا القاصرة وقام جميع الخبراء، باستعراض حياة سيد المرسلين وكذلك المسلمين الأوائل ندرك أن لصحابة رسول الله دور أساسي في تحقيق دعوة الرسول وبث تعاليم الدين الجميلة.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: إن الله تعالى لم يذكر في التوراة والإنجيل، القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم فقط، بل ذكر إضافة إلى هذا الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم كأناس كرام صالحين مؤمنين.
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا ينامون من الليل إلا قليلا، وكانوا يعبدون القسط الأكثر من الليل. كان سيدنا عبد الله بن عمر من الصحابة رضي الله تعالى عنه كان يقوم أكثر الليل بالعبادة وينام قليلا. بل كان معظم الصحابة متصفين بالعبادة.
وأضاف فضيلة الشيخ: لم يسجد أحد في هذا الكون مثل سجدة أصحاب محمد ولم يركع أحد مثل ركوعهم. قال الله تعالى في سورة الشعراء مخاطبا نبيه: “وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ”، والساجدون هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى المسجد ليلا فينظر كيف كان الصحابة مشتغلون بعبادة الرب. وربما كان يتجول في المدينة وكان يرى الصحابة يتلون القرآن الكريم في المنازل ويذكرون الله تعالى.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الآية الأخيرة من سورة الفتح قائلا: وردت في هذه الآية مطالب هامة، والآية تشير إلى واقعة صلح الحديبية التي عزم المشركون منع المسلمين من حج بيت الله الحرام وزيارته، حيث تم تحرير معاهدة بعد المفاوضات وخالف المشركون من كتابة كلمة “محمد رسول الله” الذي وردت في المعاهدة وأصروا على كتابة “محمد بن عبد الله”، لذلك صرح القرآن الكريم في الآية بـ “محمد رسول الله” يخاطب الذين لا يقبلون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بأنه رسول الله إلى يوم القيامة، وهذه الرسالة رسالة مؤبدة مؤيدة من جانب الرب تبارك وتعالى. وأضاف فضيلة الشيخ في توضيحه للآية: ذكرت في هذه الآية أيضا مطالب حول الصحابة وذكر أيضا عن ركوعهم وسجودهم. لا شك أن الصحابة كانوا عبادا لله لم تشهد الدنيا مثلهم ولن تشهد في القادم.
وتابع قائلا: والمطلب اللآخر الذي ورد في هذه الآية في مناقب الصحابة أنهم “يبتغون فضلا من الله ورضوانا”. عبادة الصحابة كانت ابتغاء لمرضاة الله، ولم تكن المنافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية نصب أعينهم، بل كانوا يبتغون رضوان الله تبارك وتعالى.
كل ما يملكه الفقهاء والمحدثون وعلماء الأمة يرجع الفضل فيه إلى الصحابة، فكل ما كان يملكه  الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أبو حنيفة وألإمام أحمد بن حنبل يرجع الفضل فيه إلى الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: لإثبات عظمة الصحابة لو رجعنا إلى القرآن يكفينا القرآن ولو رجعنا إلى السنة فالسنة أيضا تطرقت إلى عدالة الصحابة. نحن لسنا بحاجة إلى التاريخ لبيان عدالة الصحابة ولو أننا قمنا بالرجوع إلى التاريخ الصحيح غير المحرّف نرى أيضا عظمة ما منح الله هذه الجماعة.
الصحابة أناس لا يستطيع التاريخ أن يأتي بمثلهم في أي من المجالات لا في العبادة ولا في الإخلاص ولا في الأخلاق ولا في السياسة. الصحابة كانوا أعظم الصحابة في ميادين السياسة والاجتماع والعبادة. أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان الغني وعلي المرتضى رضي الله تعالى عنهم كانوا أكبر القادة السياسيين في تاريخهم، كانوا قادة صادقين في ميدان السياسة ولم يكن للخداع والمكر والنفاق محل في سياستهم. من رأى وجه صحابي كان يعرف أن هذا الوجه ليس بوجه كذاب. فنحن لو أردنا سعادة الدنيا واللآخرة، فلا سبيل إلى ذلك إلا باتباع كتاب الله وسنة رسول الله وحياة الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

واستطرد قائلا: الصحابة كانوا عباقرة في جميع الميادين؛ كانوا نوابغ وعباقرة في ميدان العلم، فلن يأتي إلى يوم القيامة أحد أعلم من الصحابة، وأعتقد أنه لم يأت فقيه ولا محدث في الماضي ولن يأتي في المستقبل يملك علما وفقها وذكاءا مثل ما كان يملك الصحابة أو يكون في مستواهم. لذكل يرجح الكثير من الفقهاء والأئمة كالإمام أبي حنيفة رحمه الله يرجحون قول الصحابي على القياس عند التعارض بينهما وهذا هو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى. فيرجح أقوال الصحابة على اجتهادات الأئمة الذين كانوا متطفلين على مائدتهم ، لأن الصحابة كانوا شهودا مباشرين لنزول القرآن الكريم والشريعة السماوية.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: كما أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا أسوة في ميدان العلم والفقاهة كانوا أسوة في ميدان السياسة، الإنسان عندما يطالع أحوال وسيرة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم يتحير من عدلهم وبساطتهم في العيش. الجميع في العالم يعرف مكانة ومنزلة الصحابة رضي الله تعالى عنهم. الصحابة لم يكونوا معصومين عن المعاصي ولكنهم لم يكونوا مصرّين على المعصية، وعندما تصدر من واحد منهم خطيئة كانوا يطلبون من رسول الله أن يقيم عليهم الحدود الشرعية. يزعم البعض أن الصحابة كانوا أناسا عاديين مثلنا. إنهم لم يكونوا مثلنا بل كانوا خير الأمة وكانوا ممن عاشوا في قرن سمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم “خير القرون”.
فوصيتي لكل من لا يعترف بمكانة الصحابة السامية أو لا يحبهم، أن يجتنب العداوة مع الصحابة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد مخاطبا الجموع الحاشدة من الشعب المؤمن المتدين الذين تجمعوا في مسجد “النور” في مدينة إيرانشهر: عليكم بدينكم وسيرة سيد المرسلين ورحمة العالمين والصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم، الذين نرجوا أن يحشرنا الله تعالى على محبة هؤلاء الأكابر.
وأضاف: أعزتي! علينا أن نلجأ إلى الله تعالى وسنة رسوله، فإن هذه الدنيا فانية وكلنا نعلم علم اليقين أن هذه الحياة تزول يوما؛ لأجل هذا يجب أن لا نستبدل ديننا بمتاع قليل من الدنيا، ولا نضحّي الدين لأجل المنافع المادية. وكونوا مع العلماء وقوموا بدعمهم وكفّوا أيديكم عن فعل المعاصي، واحترموا حقوق الله وحقوق العباد، وحافظوا على الصلوات التي هي أهم ما يعمل العبد بعد إقراره بـ “لا إله إلا الله ومحمد رسول الله”.
والبشر لا يستطيع أن يصل إلى النجاح وأن يحقق الفلاح إلا أن يتبع سيرة الصحابة ويجعلهم قدوة.

مسلسل” مختارالثقفي” تحريف لحقائق التاريخ

وانتقد فضيلة الشيخ في قسم آخر من خطبته  مسلسل “مختار الثقفي” الذي يبث من التلفزيون الإيراني قائلا: هذا المسلسل ربما أنفقت له أعلى نفقة من بيت المال، ولكن مما يؤسف أن في هذا المسلسل تمت الإساءة إلى رجل كان يحمل في نفسه فكرة الحسين رضي الله تعالى عنه، فالحسين وعبدالله بن الزبير ممن لم يبايعوا يزيد إلى آخر لحظة، وأسس عبد الله بن الزبير دولة في مكة للقيام ضد دولة يزيدن واستمر في نضاله ضد يزيد إلى أن استشهد على يد حجاج بن يوسف الثقفي أحد ولاة بني أمية.
وأعتقد أن علماء الشيعة وكذلك مثقفيهم أيضا لا يقبلون هذا المسلسل، وأنا أتعجب من جهالة مخرج هذا المسلسل بالتاريخ، حيث ينسبون مثل هذه التهم إلى سيدنا عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما.
هذا المسلسل تحريف للتاريخ، ومخرجه لم يعرف أبدا الصحابي عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، حيث قام بإخراج مسلسل بنفقات باهظة من بيت المال، ويجرح مشاعر أكثر من مليار من المسلمين، في ظروف نحن بأمسّ حاجة إلى الوحدة، وإن بث مثل هذه المسلسلات مغايرة للوحدة، ونحن نؤكد على الوحدة والتضامن ونرفض التطرف والإفراط، ونعتقد أن بث مثل هذه المسسلات تخل بالوحدة.
وتابع فضيلته قائلا: نحن ندعو دائما إلى الوحدة بين الأمة الإسلامية، والذي كان سببا لقلق أهل السنة هو قضية التمييز. نعتقد أن أهل السنة مواطنون أصليون ولم يكونوا أبدا خونة للإسلام والوطن  وقد وقفوا دائما ضد أعداء البلاد ويطالبون بتنفيذ العدالة وإزالة التمييزات. سعة الأفق والنظر الواسع هي أفضل السياسات وهي السياسة القائمة الخالدة. علماء أهل السنة في هذه المحافظة يتمتعون بسعة الأفق، ومنهجنا مختلف من المتطرفين، ومنهجنا هو الحوار والاعتدال، ولكن الذي يقلقنا أن هناك رجال متنفذون يريدون تحديد حريتنا. نحن نريد أن سنيا واحدا لو عاش بين الشيعة يمكنه ممارسة الأحكام الدينية والمذهبية بحرية تامة ويمكن لأهل السنة إقامة الصلاة في معسكرات الشرطة والجامعات والمؤسسات الثقافية، لأن الحرية المذهبية جزء من دستور البلاد.
وأضاف فضيلة الشيخ: لسنا أعداء النظام، بل ما أقوله هو لصالح النظام ولصالح الشعب من الشيعة والسنة، ونحن نعتقد أن مهما ازدادت مراعاة المساواة وتوفرت الحرية المذهبية، تزداد قوة الأخوّة بين الشعب.