- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الشيخ عبد الحميد: أي بلد لم تُراعَ فيه الحريات، ليحدث فيه من الثورة مثل ما حدث في تونس ومصر

molana_21قال فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى”: الإنسان الذي وضعت فيه صفات وخصائل حميدة وهو من أجمل المخلوقات وأحسنها، يوجد فيه نقائص ومعايب أيضا، ومعايب الإنسان كثيرة كما أن خصائله الحميدة كثيرة. والإنسان الذكي من يقوي الخصائل الحميدة وجوانب القوة فيه بإزالة جوانب الضعف، ولكن إذا تقوّت جوانب الضعف يتسلط الشيطان عليه وعندئذ يهلك هذا الإنسان.

وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الطغيان كأحد جوانب الضعف في الإنسان قائلا: من جوانب الضعف في الإنسان أن يبلغ إلى درجة الطغيان. الإنسان الذي لم يزكّ نفسه ولم يصلحها، ولم يملك إيمانا قويا، يطغى عندما يرى نفسه مستغينة بالمال والمنصب أو غير ذلك. والأمور التي تسبب هذا الطغيان في الإنسان عديدة، ومن أهمها المال والبنون، فيطغى الشخص عندما يرى قوته وعشيرته، كذلك العلم أيضا سواء كان علم الشريعة أو علم العصر ربما يكون سببا للتكبر والطغيان.
ومما يبعث الطغيان في نفس الإنسان هي الثروة والقدرة والمال، فالرجل الغني لا يزعم أن الفقر والإفلاس يأتي إليه في يوم من الأيام، وصاحب القدرة يزعم أن هذه القدرة تبقى دائما، ولا يحسب أن القوة تزول يوما، ولا يفكر أنه سيواجه السقوط من منصبه في يوم.

أسباب الثورة في إيران:
وأشار فضيلة الشيخ إلى ذكرى انتصار الثورة في إيران، قائلا: نحن على أبواب ذكرى أيام ثورة بلادنا ونشهد صيحات ثورة في الشرق الأوسط أيضا في هذه الأيام، وهذه الثورات تتطلب منا أن نفكر جيدا في أسباب هذه الثورات والمشاكل التي يعاني منها هؤلاء الشعوب الثائرين.
وأضاف فضيلة الشيخ معتبرا حالة الاحتقان وعدم الحرية من أهم أسباب ثورة إيران قائلا: عدم حرية الرأي والتعبير وكذلك حالة الاحتقان السائدة على الشعب في عهد الشاه كانا من أسباب ثورة الشعب الإيراني، حيث لم يكن لأحد أن ينتقد الشاه، وكان الانتقاد من الشاه هو الخط الأحمر، وكان لا يسمح لأحد بذلك، ولم يكن يتجرأ أحد بأن ينطق بإسم “ساواك” (المخابرات الإيرانية في عهد الشاه)، فكان كل من ينتقد النظام يعاقب بشدة.
واعتبر فضيلة الشيخ عدم السماح بالنشاط الحزبي والانتخابات المزورة من العوامل الأخرى للثورة الشعبية في إيران قائلا: كان الشاه في إيران لا يعتقد بوجود أحزاب سياسية أخرى للنشاط، وكان الحزب الوحيد المسموح للنشاط هو حزب الشاه نفسه، كما أنهم كانوا يعقدون انتخابات مزورة تخرج النتائج حسب إرادة النظام الحاكم وتخطيطهم لها لمصالح النظام.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إضافة إلى هذه كلها لقد عم الفقر والبطالة و الفساد الإداري والاقتصادي، والناس كانوا في فقر مع امتلاك البلاد هذه المصادر والموارد الضخمة، وأصبح الشعب آكلين لما يصدق عليهم النظام من أموال في بعض الأيام، وقد انتفض الشعب الإيراني طلبا للحرية، فالحرية أكبر كرامة للإنسان، ولقد وفرت العوامل العديدة من وجود الاستبداد و الاحتقان في تحقيق الثورة التي لم يكن يزعم أحد أنها تنجح ولم يكن الشاه نفسه يزعم بأن نظامه سيسقط يوما.

ثورة تونس ومصر:
واعتبر فضيلة الشيخ أيضا الاستبداد و فقدان الحرية كعاملين لثورة شعبي تونس ومصر، قائلا: اليوم نرى كيف ارتفعت صيحات شعبي تونس ومصر، وهي صيحات شعبين سلبت حريتهما وانتهكت كرامتهما ومنعا من النقد البناء، وهي ثورة شعبَين عانيا القمع والفساد في بلادهما، وهذه الثورات لا يمكن أن توقف بالقوة.
وتابع إمام وخطيب أهل السنة قائلا: إن عدم حرية الرأي والمنع من الانتقاد سبب لكثير من هذه الثورات حيث لا يتجرأ أحد على انتقاد الحاكم ويعتبر هو الخط الأحمر الذي لا يجوز لأحد التخطي منه. كيف يرى الإنسان الخطأ والمعصية فيسكت عليها؟
وأشار فضيلة الشيخ إلى عدم شرعية معظم الانتخابات في البلاد الإسلامية كسبب آخر لهذه الثورات قائلا: في مصر كانت تعقد انتخابات كما أن تونس أيضا كانت تعقد فيها انتخابات ولكن كل هذه الانتخابات كان يجري فيها تزوير لتخرج النتائج لصالح الحزب الحاكم، والانتخابات صارت وسيلة لامتداد سيطرتهم وتضليل الشعوب، فالانتخابات لا تعقد بهذا الشكل.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى أن الاستبداد والديكتاتورية من البلايا التي أصيبت بها أكثر البلاد الإسلامية: من المشكلات التي نعاني منها هي أن أكثر البلاد الإسلامية أصيبت بالاستبداد والديكتاتورية، والبلاد الغربية ليست هكذا؛ فتعقد فيها انتخابات حرة وتوجد فيها حرية الرأي ولا يوجد فيه الاحتقان ويعبر كل عن رأيه ويقدم انتقاده ولو من شخص الحاكم.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: كان من أهداف الثورة في إيران هو الوصول إلى حرية الرأي وإقامة انتخابات حرة نزيهة، فالشعب الإيراني لم تكن ثورتهم للتخلص من الفقر والجوع فقط، بل كانت للحرية، والشاه لم يسمع كلام الشعب إلا عندما فات الأوان، كما أن “بن علي” أيضا سمع صوت شعبه و”حسني مبارك” أيضا قال لشعبه سمعت صوتكم، ولكن لا ينفع سماع صوت الشعب بعد فوات أوانه، وبعد ما غضب الشعب غضبا كبيرا.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لو لم تُراعَ حرية الرأي والصحافة، وسائر الحريات لنشهد مثل ما حدث في تونس ومصر.

البحث عن جذور فقدان الأمن في محافظة سيستان وبلوشستان:
وأشار فضيلة الشيخ إلى ضرورة مراعاة حقوق أهل السنة والبحث عن جذور فقدان الأمن في سيستان وبلوشستان قائلا: أهل السنة في إيران يرجون أن تراعى حقوقهم المذهبية والوطنية وتحافظ كرامتهم في إيران. وأقول لمسؤولي المحافظة ان الأزمات الأمنية في المحافظة ليست أسبابها المذهب والدين. ابحثوا عن جذور هذه القضايا في الفقر والتمييزات الواسعة وعدم المساواة بين الأقوام والمذاهب الموجودة في هذه المحافظة. فلو قمتم بالبحث عن أمور أخرى وذهبتم إلى البحث عن عنوان آخر وتغافلتم عن جذور هذه الأحداث، فأنتم لا تسطتيعون الوصول إلى الأمن، ولا تستطيعون إيقاف هذه الأحداث التي أفقدت أمن المحافظة من التفجيرات والهجمات. فالشخص الذي يشعر بالتمييز ويشعر بحرمانه من حقوق المواطنة لن يجد أمامه طريقا إلا اللجوء إلى التطرف.

السعي في حرمان أهل السنة من الحرية المذهبية:
وأشار فضيلة الشيخ إلى الضغوط التي يريد البعض فرضها على أهل السنة وسعيهم في حرمانهم من الحرية الدينية والمذهبية: نواجه مرة ضغوطا على المدارس الدينية ومرة يمنع أهل السنة من إقامة الصلاة في المدن ذات الأغلبية الشيعية في البلاد، ويُقال لهم: “أنتم تصلّون اليوم وتصبحون غدا إرهابيين”. هذه ضغوط تؤدي إلى الإرهاب والتطرف، ونحن دائما نلوم الصهاينة والأوربيين في مكافحتهم الإرهاب الذي نرى أنه وليد تصرفاتهم ودعمهم لمحتلي القدس وفلسطين.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: أهل السنة في إيران ملتزمون بسيادة أراضي الوطن ولا ينبغي لأحد أن يسعى لحرمانهم من الحرية المذهبية، ونحن بعون الله تعالى لن نسكت على هذه المحاولات التي تهدف إلى حرماننا من حريتنا المذهبية.