- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الشيخ عبد الحميد يدين تفجيري زاهدان ويدعو المسؤولين إلى دراسة جذور الحادثة دراسة أساسية

molana31أدان فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة في الجامع المكي، التفجيرين الذين وقعا مساء الخميس في زاهدان عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان، واللذين أوديا بحياة ما لا يقل عن عشرين شخصا وإصابة أكثر من مائة، قائلا: كلنا مضطربون ومتأثرون في هذه الجمعة بسبب وقوع هذه الحادثة المؤلمة والمريرة التي أزهقت أرواح عدد كبير من إخواننا ومواطنينا، وقلما يوجد إنسان عاقل أن لا يقلقه مثل هذه الحوادث.

وأشار فضيلة الشيخ إلى شدة حرمة إراقة دم المسلم قائلا: في خطبة معروفة ألقاها الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في منى، بين فيها حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وقال: “ألا إن أعراضكم وأموالكم ودماءكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا”. فبين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حرمة دم المسلم على المسلم، وحرمة عرض المسلم على المسلم، وبين أيضا عظمة وشدة هذه الحرمات الثلاثة حيث شبهها بحرمة ذلك اليوم الذي كان يوم الأضحى والبلد الحرام وشهر ذي الحجة الذي هو أحد أشهر المحرمة. فحرمة إراقة دم المسلم تساوي هذه الحرمات الثلاثة المجتمعة، وكذلك حرمة عرضه وماله حيث ذكرا بعد ذلك.
وأضاف: إن شرعنا لم يسمح لنا بإراقة دم الكفار وإضاعة أموالهم إلا أن يكونوا محاربين وغزاة لبلادنا ومحتلين لمقدساتنا، فضلا عن دماء المسلمين. فليست إراقة دم المسلم وإراقة دماء أتباع الفرق المنسوبة إلى الإسلام محرمة فحسب، بل هي من أغلظ المحرمات عند الله تعالى.
ووجه فضيلة الشيخ أسئلة عديدة إلى مرتكبي هذه الحادثة قائلا: أي عقل يسمح وأي فتوى ديني يسمح بأن يتعرض الذين حضروا المسجد للهجوم؟ وأي عالم شرعي أفتى بشرعية مثل هذه الهجمات؟ من المسئول عن هذه الدماء التي أريقت؟
وتابع فضيلة الشيخ: إراقة دم المسلم محرمة، واستهداف المعابد والأماكن المقدسة محرم، وإن كانت لليهود والنصارى وأعدائنا في الدين، ولا يجوز لأحد أن ينقل المتفجرات إليها فيفجرها. فاللذين يقتلون فيها من يكون المسؤول عنها عند الله تعالى؟
وأستند فضيلة الشيخ إلى حديثين آخرين للبيان في حرمة دماء المسلمين قائلا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا غَشِيَهُ بِالرُّمْحِ، قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَذْنَبْتُ فَاسْتَغْفَرْ لِي، قَالَ:”وَمَا ذَاكَ؟”، قَالَ: حَمَلَتُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا غَشَيْتُهُ بِالرُّمْحِ، قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مُتَعَوِّذٌ فَقَتَلْتُهُ، فَقَالَ:”هَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ؟”، قَالَ: وَيَسْتَبِينُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:”قَدْ قَالَ لَكَ بِلِسَانِهِ فَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى مَا قَالَ فِي قَلْبِهِ”. وفي رواية آخرى”مرة بَعَثَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِى جَذِيمَةَ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا . فَقَالُوا صَبَأْنَا صَبَأْنَا ، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٌ مِنَّا أَسِيرَهُ ، فَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ ، فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ . فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ»، مَرَّتَيْنِ. فكلنا نبرأ إلى الله من هذه الأعمال المغايرة للشرع، ومن دماء المسلمين.
واستنكر فضيلة الشيخ هذه الأعمال قائلا: إن استهداف المساجد والأماكن المقدسة والناس الأبرياء العزل محرم في الشريعة، ومغاير لتعاليم شرعنا المقدس تماما. وأنا أدين هذه الجريمة البشعة بقوة تامة.
وأضاف: ماذا يريد هؤلاء من إضرام نار الفرقة والطائفية بين أهل هذه المدينة الذين عاشوا سنوات عديدة إخوانا جنبا إلى جنب، والتي تنشط فيها الجامعات والمدارس الدينية، والمحلات التجارية؟ من دلهم إلى أن يخطوا مثل هذه الخطوات، وأن يهجموا الأسواق، ويخلوا بأمن الناس وسلامتهم باسم الجهاد؟ إن هذا ليس جهادا بل هو فساد! ولا يمكن لعاقل أن يقبل مثل هذه الأعمال.
وخاطب فضيلة الشيخ متابعي أعمال العنف في المحافظة قائلا: أقول لكم انتهوا عن هذه الأعمال، فإذا خلت الجامعات والجوامع والمراكز الدينية والأماكن الأخرى عن الأمن، فإلى أين يذهب الناس للعيش؟ وهي نصيحتي الخالصة لكم ولا تعتبروها أحاديث سياسية، فأنا لا أتكلم سياسيا.
وأشار الشيخ إلى قلق واضطراب علماء باكستان عن استهداف الأماكن المقدسة والأبرياء قائلا: إن علماء باكستان قلقون ومضطربون أيضا عن استهداف الأماكن المقدسة والناس الأبرياء الذين يحضرونها، حيث يبادر مجموعة من المتحمسين إلى القيام بتفجير المزارات أو تفجير السيارات في الشوارع، أو تفجير المساجد وغير ذلك من أعمال العنف التي يقتل فيها الناس الأبرياء.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى وخامة تبعات هذه الممارسات: ألا يخطر ببال هؤلاء أن المستهدف مسلم مثله أو مواطن له أو جار له على الأقل؟ ولمَ لا يفكرون إلى تبعات هذه الأعمال؟ فإنهاعند ما تفشوا في بلد لا شك أن ذلك البلد يفقد أمنه وسلامته وحياته. لأجل ذلك أوصي جميع العلماء ورؤساء القبائل والمثقفين ومن لهم كلمة مسموعة ويد مرفوعة، وأطالب إياهم أن لا يجلسوا غافلين متساهلين بالنسبة إلى هذه الأزمة، فإننا كنا نزعم أن أزمة الأمن في المنطقة قد انتهت ولم يكن في بالنا أن تتعرض المساجد لمرة أخرى، فلنقم بمسؤليتنا ولا نسمح لأحد أن يستهدف مساجدنا وأماكنا المقدسة، ولا نسمح بأن تتعرض محافظتنا للفساد وتفقد أمنها وسلامتها. ولا نسمح لأي تنظيم ومجموعة أن يشعلوا نيران الحرب الطائفية بين أبناء مدينتنا ومحافظتنا.
وطالب فضيلة الشيخ من المسؤولين دراسة الحادثة قائلا: لا شك أن الحادثة كانت مؤلمة وبشعة ومثيرة للمشاعر، ولكن لا تنسينا المشاعرعن دراسة جذور وأسباب هذه الحوادث دراسة شاملة وكاملة. ومطالبتي من المسؤولين أن يدرسوا القضايا الأمنية ويتابعوا حل المعضلات والأزمات بالتدبر وسعة الأفق، ويتجنبوا من أن تغلبهم المشاعر. فإننا لو عالجنا الأزمات بالمشاعر تمتد جذورها بدل أن تستأصل. فلا بد أن نعرف جذور المسائل والأزمات ونعاملها بشكل يسهل حله وعلاجه وينتهي تماما. كما أن المرض الذي تعرف علله وعوامله يسهل على الطبيب معالجته بشكل تام. فبدل أن ندفع إلى المعلول ونبذل في ذلك شطرا كبيرا من أوقاتنا وأموالنا، نبحث عن العلة فنجدها ونقوم بالعلاج في أسرع وقت ممكن. فعلى مسؤولي الأمر أن يدرسوا علل وجذور هذه الأزمات والحوادث ثم يدفعوا إلى علاجها.
وأوصى فضيلة الشيخ في نهاية خطابه الحاضرين من المصلين للجمعة قائلا: لم يكن قلقي لحادثة في بلادنا مثل ما كان لهذه الحادثة وحادثة مشابهة لها في السنة الماضية، والقلق والاضطراب يوجدان عند الجميع، ولكني أوصي الجميع بالمحافظة على الهدوء وضبط النفس والوعي واليقظة، فبالوعي واليقظة يحتفظ الأمن ويبقى الأمان.
وأوصى فضيلة الشيخ المسؤولين إلى تشديد مراقبتهم للحفاظ على أموال الناس من التعرض قائلا: على قوات الأمن أن يعاملوا بشدة كل من يتعرض لأموال الناس وأعراضهم إلى أي طائفة كان ينتمي، ونقوم نحن أيضا بمسؤوليتنا بالمنع من التعرض إلى أموال الناس، وأرجو أيضا أن تعوض الأموال التي أضيعت والأرواح التي أتلفت، كما أرجو أن تكون هذه آخر حادثة مؤلمة تشهدها مدينتنا.