- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الشيخ عبد الحميد: العمل على القرآن والسنة سرّ تفوق الأمة في الماضي

molana32تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في زاهدان، في خطبة هذه الجمعة نظرا إلى رحلته الأخيرة إلى تركيا للمشاركة في جلسات الجمعية العامة الثالثة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى بيان الحضارة الإسلامية الراقية وازدهارها في الماضي، وعلل هذا التقدم والتفوق في القرون الماضية قائلا: أكبر سبب لتقدم ورقي المسلمين في الماضي الإيمان القوي والأخلاق الحسنة، والعمل على تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأضاف فضيلة الشيخ:علة النصر والانتصار في الميادين والمعارك، كانت تلك الكلمة التي عرضها الرسول صلى الله عليه وسلم على عشيرته الأقربين في مكة قائلا: إِنِّى أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّى إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ؛ وهي كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولكنهم رفضوا أن يقروا بها وتركوا مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم، وحرموا من هذه النعمة الجليلة العظيمة. وفي المقابل، الذين آمنوا بهذه الكلمة الطيبة، وآمنوا بالله تعالى كالمعبود الواحد، وافتخروا بالموت في سبيل هذه الكلمة، فتحوا العالم وجعلوا الدنيا كلها تحت راية التوحيد، واهتدى بدعوتهم خلق عظيم إلى التوحيد وإلى الصراط المستقيم.
واستطرد فضيلة الشيخ وهو يتحدث عن مشاعره أثناء دخوله مدينة اسطنبول: في تلك اللحظة، تداعى في خاطرى تاريخ اسطنبول الحافل بالتطورات والمفاخر. ومع رؤية الوضع المؤسف الراهن لهذه المدينة وسائر المدن الإسلامية، تجرى الدموع بلا اختيار من عين كل صاحب قلب وضمير.
وأضاف فضيلة الشيخ: كان المسلمون ملوك العالم في غابر من الزمان، وكانت الكلمة المسموعة لهم في جميع العالم، وينظر إليهم الناس في مشارق الأرض ومغاربها نظرة عز وكرامة،عندما كانوا ملتزمين بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، وكانوا القدرة المتفوقة في العالم بهذا العامل القوي. ولكن منذ أن ابتعد المسلمون من القرآن والدين وتركوا العمل بالقرآن الكريم الذي كان سببا لرقيهم وتفوقهم، ومنذ أن ابتعدوا عن عبودية الرب، واتبعوا شهوات النفس بدل إتباع سيرة السلف الصالحين والصحابة الكرام، وتركوا آهات السحر وتلاوة الليل وذكر الله والاستغفاربالأسحار، وفاتتهم الصلوات المؤثرة والمليئة بالخشوع والخضوع، وابتلوا بالمعاصي والابتذال والمفاحش، فمن تلك اللحظة بدأت الأيام السوداء المظلمة في تاريخ المسلمين وبدأ انحطاط المسلمين وشقاوتهم وهلاكهم، ومنذ تلك الحظة بدأت تشتت البلاد الإسلامية والاختلافات القومية والحدودية والجغرافية، وضاعت عنهم قوة الدفاع عن النفس، وعندئذ اغتنم الأعداء هذه الفرصة لغارة بلاد المسلمين ورص صفوفهم تجاه العالم الاسلامي، وأذاقوا الأمة الإسلامية الويلات والمصائب المؤلمة.
وأضاف خطيب الجامع المكي قائلا: إن المقارنة بين التاريخ المزدهر للمسلمين والوضع الراهن المؤسف يؤلم قلب الإنسان الواعي وتصدرمن ضميره صرخة الألم و الحسرة.
أضاف فضيلة الشيخ قائلا: عندما يرى الإنسان قبور الصحابة في اسطنبول الذين ضحوا بأموالهم وأنفسهم لأجل دين الله، وعندما تسقط نظرة الإنسان على مقبرة أبي أيوب الأنصاري مضيف رسول الله صلى الله سلم في بيته في المدينة وقت الهجرة، الذي شرب كأس الشهادة في الغربة، يشعر بمنة وإحسان الصحابة على كاهله. فأبوأيوب الأنصاري الذي نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبوبكر في بيته فارق ضيفه الكريم لأجل إعلاء كلمة الله تعالى، وقبره في اسطنبول خيردليل على استقامته وإخلاصه إلى يوم القيامة، فعندما أراد أبو أيوب أن يلحق بجيش المسلمين في قسطنطينية فقال: جهزوني، فقال بنوه: قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ونحن نغزو عنك، فقال: جهزوني. وقرأ هذه الآية: ” انفِرُوا خِفَافاً وَثقالاً ” لا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى مكانة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه كصحابي أنصاري جليل: كان أبو أيوب من الأنصار الذين آووا المهاجرين الفقراء في بيوتهم ونصروهم بكل الوجود، وعانوا المشاكل والمصائب ليعيش المهاجرون في الراحة واليسر. وإن عشق أبي أيوب الأنصاري إلى الجهاد جاء به إلى قسطنطينية حيث استشهد هناك ودفن في هذه المنطقة البعيدة.
إن مقابر كثير من الصحابة توجد في أنحاء العالم وهي خير شاهد على جهودهم وتضحياتهم للدفاع عن الدين والاسلام، وكان العشق يموج في قلوبهم ويحركهم إلى الأمام، وكانت صلتهم القلبية لا زالت متصلة بالصحابة المدفونين في المدينة المنورة.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى صحوة الشعب التركي: لقد أدرك الشعب التركي أن خير سبيل للنجاة هو الرجوع إلى الله تعالى والإسلام الحقيقي. فلابد من العودة إلى الدور الأول الذي كان دور الإيمان والعمل الصالح والتقوى لنستعيد العزة الفائتة.
وتابع قائلا: لقد أدرك المسلمون اليوم أن الشرق والغرب لم يجلبوا لهم إلا الهتافات السخيفة التي كانت سبب انحطاط المجتمعات الإسلامية، واليوم إن كان الأروبيون تقدموا في مجالات الصناعة والعلوم الجديدة لكنهم منحطون من الناحية الأخلاقية، وقد انغمسوا في جاهلية هي أسوأ من الجاهلية التي كانت قبل الإسلام بمراتب، وهي جاهلية العصر الراهن.
وأضاف فضيلة الشيخ: إن الشباب في تركيا عادوا إلى المساجد، وعندما صلينا في جامع أبي أيوب الأنصاري كان المصلون كلهم شباب، وعند مقبرة أبي أيوب ألأنصاري كانت في الماضي مدرسة كبيرة بإسم هذا الصحابي الجليل ميلئة بالطلبة المشتاقين إلى تعلم الحديث الشريف، ولكنها فارغة اليوم، والمسلمون الحمد لله في العودة والصحوة إلى الإسلام.
واستطرد قائلا: لا تضاد بين تعاليم الإسلام والتقدم المادي، ولا يخالف الإسلام الدنيا الصالحة والمفيدة، وكل من التقدم المادي الصحيح والتقدم الديني الصحيح منوطان بالعمل على القرآن والسنة.
وقدم فضيلة الشيخ شكره إلى قادة تركيا على مواقفهم الجريئة تجاه جرائم الصهاينة، معربا عن أمله أن تتخذ البلاد الإسلامية الأخرى مواقف مثلها تجاه أعداء الدين لتتحد كلمة الدول الاسلامية تجاههم.
وقال فضيلة الشيخ حول جلسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هذه كانت الجلسة الثانية التي تعقد في تركيا، وكانت من ثمرات الجلسة ونتائجها أن يتحد العلماء في العالم الإسلام، مقاومين أمام تحديات الأعداء وتهديداتهم، وتكون لهم مواقف واحدة ومتفقة في هذا المجال.
وأضاف فضيلة الشيخ: لقد شارك في هذه الجلسة قرابة ألفي عالم كبير من العلماء والمثقفين في العالم الإسلامي، وهذه المشاركة الواسعة نفسها سبب للاتحاد والانسجام في العالم الإسلامي.
وفي ختام الخطبة أشار فضيلة الشيخ إلى الحفلة السنوية لتخريج الطلبة في جامعة دارالعلوم بزاهدان في الجمعة القادمة بمشاركة شعبية كبيرة قائلا: ستعقد هذه الجلسة مثل السنوات الماضية بإذن الله تعالى، وهذه الجلسة أيضا بشرى عظيمة وفرصة كبيرة للاستفادة من العلماء القادمين من أنحاء البلاد، حيث يلتقي فيها علماء ومفكرون بعامة الشعب.
وأضاف فضيلة الشيخ مؤكدا: هذه الحفلة بصالح الجميع، وكانت نافعة لحد الآن، ويدعى فيها للجميع، ولا يدعى على أحد.
وطلب فضيلة الشيخ من الحاضرين أن يشتغلوا بالذكر والدعاء والتلاوة وصيام النوافل في الأيام الباقية لتزداد الحفلة روحا وإيمانا.