- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

إقبال طریق الحبیب وإدباره

Image الحمدلله رب العالمین ، والعاقبة للمتقین ، والصلوة والسلام علی سید المرسلین ، خاتم النبیین ، محمد وعلی آله وصحبه أجمعین ، ومن تبعهم و دعا بدعوتهم إلی یوم الدین .
أمابعد:
« الم ، أحسب الناس أن یترکوا أن یقولوا آمنا وهم لایفتنون ولقد فتنا الذین من قبلهم فلیعلمن الله الذین صدقوا ولیعلمن الکاذبین ».
إن الله سبحانه وتعالی یختبر عباده المؤمنین ، لیعلم قیم کل امرئ ولیظهر إیمان المرئ المخلص من الذي فیه شعبة من النفاق . کماقال الله سبحانه وتعالی : « لیمیز الله الخبیث من الطیب ».
وإن أراد الله سبحانه بعبد أن یقربه إلیه ویعلي مقامه ودرجته یقابله بصعوبات الحیاة ومشاقها.

 وقد جعل الله سبحانه وتعالی الصحابة والعلماء علی رأس عباده في الإختبار.
فلا غرو بأن الصحابة والعلماء تحملوا المظالم والشدائد من الظالمین والمستکبرین ، لأجل إرشاد الناس وهدایتهم من جور الأدیان الی عدل الإسلام  ، ومن ظلام الکفر الی  ظل الإسلام الوارف ، ومن ضیق الدنیا إلی سعتها.
وما ادخروا في هذا الدرب من أي جهد ، وما خافوا من لومة لائم  ، ولا من وعید أي فاجر و إنذاره بل کانوا دوماً مکبین علی خدمة الناس ، وإبلاغ رسالات الله ، و إظهار الحق.
نعم ، حینما القینا النظر إلی حیاة الصحابة کبلال ، وخباب بن الأرت ، وعمار ویاسر و صهیب – رضي الله عنهم أجمعین – ، وإلی علماء السلف کالإمام الهمام أبي حنیفة ، والإمام احمدبن حنبل ، والإمام بن تیمیة ،والإمام السید احمد الشهید ، و شیخ الهند محمود الحسن الدیوبندي – رحمهم الله – نلتقي بأنهم کانوا مظاهراً للإیمان الکامل ، ونلتقي بأنهم کانوا بینوا الحق بکل صراحة ، فألف ألف تحیة وسلام إلی روضات هؤلاء العظام ، ونور ضریحهم.
فمن الواضح أن أفضل الناس ، وأکثرهم مقاومة تجاه المصائب هم الأنبیاء ثم الصحابة ثم الأولیاء وأتباعهم العظام.
إلی أن نفهم هذه الحقائق لنمعن النظر أیها القاري إلی الأمثلة التالیة :
لمَا آمن بلال – رضي الله عنه –  کان أمیة بن خلف یذهب به إلی رمضاء مکة الحارة ،   ثم یلقیه علی ظهره ، ویضع علی صدره صخرة کبیرة  ویقول له : اترک دین محمد أو تبقی في هذاالحال ، لکن بلالاً کان یردد في  جوابه : أحد أحد – أي أن الله سبحانه وتعالی واحد لاشریک له –وعندما آمن خباب بن الأرت – رضي الله عنه – عذبه المشرکون عذاباً شدیداً . کان خباب من المؤمنین المستضعفین الذین کانوا یعذبون بمکة.
جاء یوماً الی عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فأجلسه عمر علی مسنده ثم قال : « لایناسب لأحد أن یجلس علی هذا المسند إلا بلال – رضي الله عنه -».
فقال خباب بن الأرت یا أمیر المؤمنین ، لیس بلال أحق مني بهذاالمقام ؛ لأنه لما کان یعذبه المشرکون یوجد له حامیاً ومدافعاً ، لکني کنت لا أجد من یحمیني منهم عندما کانوا یعذبونني.
أجل ، حینما أراد المشرکون بأن یعذبوا خباباً یوقدون له ناراً و یضعونه علی ظهره علی النار ویضع احد رجله علی صدره ، وفي ذالک الوقت ماکان شيء لیطفأ النار الا دسم بدنه.
کما کان في قائمة المعذبین في‌الله یاسر و عمار و سمیة  ، وکثیر من الصحابة والصحابیات حیث تحملوا من مصائب و شدائد حفل التاریخ بذکریاتهم الخالدة وإنجازاتهم المرموقة.
والآن نقوم ببیان بعض مشکلات العلماء ، ربما یقول بعض الناس إن الصحابة ر‌أو النبي ( صلی الله علیه وسلم ) وصاحبوه لأجل ذلک کان تحمل المصائب والمتاعب سهلاً لهم ، ولکن هذا واضح بأن العلماء ما رأو النبي –( صلی الله علیه وسلم) ومع ذالک تحملوا الشدائد ، وأفهموا الناس بأنهم یستطیعون أن یصلوا إلی الله ، و   یستطیعون من التقرب إلیه.
فمنهم الإمام الأعظم أبي حنیفة نعمان بن  ثابت – رضي الله عنه- الذي صلی أربعین سنة من عمره بوضوء العشاء . وهو الذي ختم القرآن في حیاته سبعة آلاف مرة بروایة الإمام ابن کثیر ، وسبعون ألف مرة بروایة الإمام الذهبي .
أما مع ذلک یتحمل أسواط الظالمین و یسجن ، و یخرج جسده في نهایة المطاف من السجن.
نعم! نحن نستطیع ایضاً بأن نصل إلی هذا المقام الشامخ بالشروط التالیة :
الأول: الاخلاص؛ لأنه أصل کل شيء و بنیانه، کما قال النبي ( صلی الله علیه وسلم ) : « إنماالأعمال بالنیات ».
الثاني : التقوی ؛ وهذا أصل أوصی به النبي (صلی الله علیه وسلم) أصحابه و أکد لهذا الأمر تأکیداً کثیراً.
الثالث : الصبر؛ لأنه تعالی قال في حدیث قدسي : « من لم یصبر علی بلائي ، فلیخرج من تحت سمائي ».
الرابع : الطلب؛ وهذا مهم جدًا لأن الله جل وعلی خلق الأشیاء کلها وهو مالکهم ومن أراد من المخلوقین أن یصل إلیه یسهل له طریقه لأنه رفیق و رئوف بعباده.
ففقهنا بأن من أراد أن یصل إلی العلی ، وینال ما نال الأکابر یستطیع الا أنه یرید شیئاً من بذل الجهود والمساعي .
نسئل الله سبحانه وتعالی أن یوفقنا لما یحب ویرضی ، وأن یجعل أعمالنا صالحة ولوجهه خالصة .
وماذالک علی الله بعزیز