- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

الشيخ محمد المهدي، الإمام الذي لم يوفّ حقه

Image
الإمام محمد المهدي صفحة ناصعة من تاريخ الإسلام في الهند، وهو يمثل منارا في سماء البحث عن الحقيقة المفقودة للباحثين عنها، وكتابه ثروة علمية لا يستغني عنه طلاب العلم وعامة المثقفين من الشيعة والسنة وطلاب مقارنة الأديان والملل والنحل. فمن يريد أن يجدد دينه ويقوي عقائده لابد أن يرتع في حديقته.

**************************************
**************************************
الكاتب : الدكتور حسين النجفي
أستاذ الفلسفة ومقارنة الأديان بجامعة طهران سابقا

***********************
 
       السيد أبو الحسن الندوي رحمه الله: «كان الإمام محمدي مهدي علي رحمه الله من العباقرة الذين ساهموا في صياغة العقل المسلم المعاصر في شبه القارة الهندية. وكتابه "الآيات البينات" شاهد صدق على قوة شخصيته وعقليته العبقرية وبيانه الساحر المبين. وكأنه لسان الفطرة بعث ليزيل شبهات الضلال عن الرعيل الأول صحابة خير البشر صلى الله عليه وسلم بأسلوب متوثب حي يدعو العقول إلى مراجعة صفحات المعتقدات الزائفة التي اختلقها الشيعة الإثنا عشرية» ( ).
       شمس العلماء الشيخ ذكاء الله الهندي:« فقد كان الشيخ مهدي علي عالما عبقريا فذا في العلوم الدينية بشتى تخصصاتها ومذاهبها.. وقد ألم بتاريخ المذاهب في العالم إلمامه بمذهبه وقد أثبت صدق الإسلام على سائر الملل والنحل، وكان يسعى دوما أن يزيل شبهات المسلمين ويهدئ عن تعصباتهم الممقوتة. ويقضي على ما تعلقت بهم من الخرافات بسلاح القرآن الكريم والسنة المطهرة…».
       العالم الهندوسي "رام بابو سكيسنة":« … كان السيد المهدي يهدف بكتاباته تغيير مجرى الحياة لدى المسليمن ليعودوا إلى ما كان عليه سلفهم، فلن يصلح الخلف منهم إلا ما أصلح سلفهم، وإنهم لن يخرجوا من الفقر والضياع إلا إذا عادوا إلى مدارج السلف وأخلصوا في شتى مجالات التعليم وأصلحوا أخلاقهم وخاضوا غمار السياسة بروح المؤمن التقي الواثق بربه. ولا شك أن كتاباته تكشف عن رؤيته العلمية الواسعة وحبه للعدل والإنصاف..».
       الشيخ محمد فراست الهندي: كتاب "الآيات البينات" للإمام محمد المهدي علي رحمه الله أخذ بيدي وأخرجني من دياجير الظلام إلى نور الإيمان، وأرى أني لو أنفقت حياتي كلها في سبيل نشر هذا الكتاب لم أؤد عشر معشار ما له علي من فضل..» ( ).
       الشيخ ثناء الله الصديقي: « الإمام محمد المهدي صفحة ناصعة من تاريخ الإسلام في الهند، وهو وحده يمثل منارا في سماء البحث عن الحقيقة المفقودة للباحثين عنها، وكتابه ثروة علمية هامة لا يستغني عنه طلاب العلم وعامة المثقفين من الشيعة والسنة وطلاب مقارنة الأديان والملل والنحل. فمن يريد أن يجدد دينه ويقوي عقائده لابد أن يرتع في حديقته. ولا أظن أن يقع في ظمأ الشبهات من شرب من منهل هذا الكتاب الصافي( )!
       الشيخ عبد الرحمن الفاروقي:« كان آية في الذكاء وقوة الشخصية، له قلم سيال ولسان ذرب في الرد على الكيانات المستهدفة للإسلام، رجح عقيدة أهل السنة والجماعة بعد تضلع في العلم والدراسة والتحقيق ..» ( ).
من العباقرة من يثير غبار المعارك ويقود الجماهير والعقول ثم لما تخمد نبرات حياته تبدأ دعوته بالذبول والاندثار…
ومنهم من يبقى روحا متدفقا حيا ينفث في الناس أفكاره ويبقى ذكراه ناصعة في التاريخ …
ومنهم من يظل يعيش تحت ركام الصمت، يضع لبنات المجد بجوار البعض، ويخلف من ورائه دعوة من الشموع لتكون معالم في الطريق للأجيال القادمة والتي تليها… عبقرية الصمود وعبقرية الصراخ الصامت!…
من هذا النوع كان نواب محسن الملك الشيخ سيد محمد مهدي علي رحمه الله..
أجل، فقد كان عبقريا عجيب الإحساس، قوي الإلهام، بليغ الأثر في عصره، كان يشبه تحولا عظيما وقع في صورة من صور التاريخ؛ عبقريا في الإصلاح والسياسة، نحريرا في المذاهب والمناهل والمشارب. وكأنه خلق للتاريخ في أصل طبيعته، ليقف على صفحات تاريخ الهند المعاصر نجما لامعا يكسح مجالا خصبا للدراسات الإسلامية. ولينقل اليوم إلى العالم أجمع فتصبح كلماته حياة تجري في عروق الدارسين من طلاب الحقيقة فيقفوا في ظلالها على المحجة البيضاء التي ترك الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عليها، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا الهالك الذي أبى!..
ولد في أسرة شيعية ظلت طوال القرون مضرب الأمثال للالتزام والعلم عام 1253هـ، الموافق لعام 1827م، لكن عبقريته أبت أن تعيش مقلدا محضا دون تحقيق و تفكير فكسرت حواجز التقدس الزائف ودرس المذهب الشيعي بعمق فوجده قد بني على تكفير خريجي جامعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فكان لهذا العبقري أن ثار على الجمود يدرس المذاهب والملل والنحل إلى أن هداه الله عز وجل إلى عقيدة التوحيد مذهب عبادة الرحمن دون سواه، مذهب أهل بيت رسول الله وصحابته الكرام، فاعتنق مذهب أهل السنة والجماعة، بين قوم لم يقصروا في إيذاءه واشهروا عنه كلمات الصبأ والضلال و…
فكان منه أن وضع كتابه "الآيات البينات": « أحمد الله عز وجل وأشكره جزيل الشكر أن من علي بفضل منه ورحمة، ووفقني لدراسة أصول المذهبين ومراجعة ما فيهما بعين الناقد البصير، وبقلب لا يخاف في الله لومة لائم، ولايبتغي إلا مرضاة ربه عز وجل، فوصلت إلى أن مذهب أهل السنة والجماعة يوافق ما جاء في كتاب الله عز وجل. فتركت دين آبائي دون خوف من الأهل والأقارب والخلان والناس أجمعين، مخاطبا مولاي عز وجل: إذا صح منك الود فالكل هين، وكل ما فوق التراب تراب!… وبما أن أحبابي وأقاربي وإخواني وأولادهم لم يزالوا على مذهبهم القديم ويعتبروني قد ضللت، فرأيت أن أكشف لهم عن تلك الأدلة العقلية التي جعلتني أكره مذهبم، وأوضح لهم تلك البراهين النقلية التي جعلتني أعشق مذهب أهل السنة والجماعة وأختاره لي دينا. فوضعت هذا الكتاب ـ الآيات البينات ـ لأوضح حقيقة مذهب أهل السنة والجماعة وصدقه عسى أن يقرأه بني قومي، وعسى أن ينظروا فيه بعين العدل والإنصاف »( ).
وله عدد من المؤلفات غير كتابه هذا، منها: "كتاب المحيط والسوق" و"التقليد والعمل بالحديث" و"ميلاد الشريف" و"القوانين المالية" و"القوانين العسكرية".
وقد أدى دورا بارزا في نهضة المسلمين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودعويا أيام الاستعمار الإنجليز. وقد وصفه أشهر شعراء الهند المعاصرين "داغ الدهلوي" بخير أهل زمانه و بمن "أحسن إلى العالم" وبصاحب العقل الكبير والقلب الرءوف.
ترجم الجزء الأول من الأجزاء الأربعة من كتابه "الآيات البينات" إلى الفارسية إمام أهل السنة في الهند الشيخ محمد عبد الشكور اللكنهوي( ) وكتب عليه تكملة لا تقل أهمية عن الكتاب نفسه.
عالج الشيخ المهدي في كتابه قضية تكفير الشيعة للصحابة من خلال ما كتبوه في مراجعهم ومصادرهم ورد عليهم بما هو في كتبهم ما رووه على ألسنة أئمتهم. وكذلك عالج قضية زواج سيدنا عمر بن الخطاب من أم كلثوم ابنة سيدنا علي رضي الله عنهم، وقضية "الفدك" من خلال المذهب الشيعي، وترك القارئ على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا الهالك المتعاند والجاحد الذي حلف أن ينكر الشمس في رابعة النهار!
بعد جهاد طويل وريادة للنهضة الإصلاحية والدعوية انتقل الشيخ مهدي علي في الساعات الأخيرة من يوم الثامن من شهر رمضان المبارك لعام 1325هـ الموافق لـ 16/ اكتوبر/1907م إلى خالقه جل وعلا ليرى تقريرا شاملا من أعماله الإصلاحية ودعوته وجهاده الميمون قد سبقه إلى مولاه.
ترجم الأستاذ الدكتور مصطفى المحمدي الجزء الأول من كتابه إلى العربية، وعسى أن يكتب الله للكتاب من يكمل تعريبه( ).