- سني أون لاین - http://sunnionline.us/arabic -

احوال المسلمين في طاجيكستان تحت استعمار الروس

واجه المسلمون في ماوراء النهر خطرا عظيما في مستهل العقد الثالث من القرن العشرين.شنّ الروس الشيوعي هجوماً عنيفاً لم يواجه المسلمون في الآسيا الوسطي مثلها في التاريخ. هاجم الروس في القرن 16 وفي أوائل القرن 17وفي أواخر القرن 19 لقلع جزور المسلمين فلم ينجح…

في بداية حكومة الاتحاد السوفيتیي لم تظهر قساوة قلوبهم ضد الاسلام وإتفقوا ان تكون تركستان ( اتحاد الشعوب الاسلامية قبل احتلال الشيوعيين ) الحكم ذات السيادة الداخلية واضطروا إلی هذا . لكن لما استولوا علی البلاد الاسلامية غيروا برامجهم ورسموا خطة لتقسيم بلاد المسلمين إلی ستة بلاد .
المنهج الوزاري للحكومة الجديدة أسس لتدمير الاسلام وللقضاء علی العقيدة الاسلامية . كان في عهد حكومة تركستان أكثر من 7000 من المدارس الدينية ومابقيت مدرسة واحدة حتی سنة 1927 م .
بدأت من السنة 1928 مجزرة المتدينين ورجال الدين ففي خلال خمسة أعوام مابقي بين الناس رجلٌ بإسم « الملا » ( الذي درس الشريعة الاسلامية ) في إصطلاح المسلمين في ماوراء النهر ففتكوا بهم فتكا ذريعاً بقتل أكثر من 10000 معلماً دينياً واشتدت النشاطات الإعلامية ضد الدين ؛ كانوا يقومون بالدعايات المعادية للناس من المهد إلی اللحد ويدرسون المباديء الهدامة والمذهب المادي من روضة الأطفال إلی الكليات . بذلوا قصاری جهودهم حتی ينشأ الجيل الجديد من المتنورين ولعقل علی وفق متطلبات النظام الشيوعي أرغموا السواد الاعظم علی تطلبات الحكومة . سنوا القوانين الدكتاتورية علی الجماهير وقتلوا كل من إعترض عليهم .
دامت تحكماتهم وظلمهم علی المسلمين إلی بداية الحرب الثانية العالمية لان المواقف الحربية في غاية الخطورة أشغلت بال « استالين » لاسيما هجوم مفاجيء ألمانيا علی الاتحاد السوفيتي وأرغمته علی تغيير تصرفاته العدائية ، لانه كان يعلم جيداً ان الصمود أمام هجمة شديدة لايمكن دون العقائد الدينية . ففجئة شن قانوناً جديداً لحرية المبادي والافكار الدينية والنشاطات الدينية .
اما السياسيون الذين كانوا ينكرون وجود الله ويخربون المساجد سمحوا لبناء المساجد والمدارس الدينية وصاروا دعاة إلی الدين .
اما عفيّفن الموظفون من انفسهم من المستشرقين إلی السلطات العليا مثلاً رئيس الإدارة العلياء كان موظفاً للاستخبارات وهو عبدالرحمن رسولأف وغير ذلك من جواسيس الحكومة صاروا معممين وصاحب الجبة الطويلة حتی يكونوا مسئولين في الإدارة الدينية الجديدة . القضاة والمفتون أفتوا الناس في الدفاع عن الوطن .
لما انتصر الاتحاد السوفیيتي علی « ألمانيا » إنبعث المسلمون من المخططة الدنيئة مرة ثانياً وتغلغل الاستعمار المقنع في الشعوب الاسلامية مرة ثانياً . دبروا خطة جديدة لازالة احكام الدين وللقضاء علی الروح الاسلامية في المسلمين . وقدموا ثقافات جديدة بديلة عن الثقافة الاسلامية لكي يضمنو السيطرة الكاملة . رفعوا معنويات المسلمين بالصبر والحلم فقط وتتحاشوهم من الفكرة الثورية واجتهدوا ان يسود المسلمين الجهل في امور الدين والدنيا فغيروا رسم الخط ( ثلاث مرات ) اول من العربية إلی اللاتينية سنة 1930 ثم من اللاتينية إلی الروسية .
بذلك السبب قد اصاب السواد الاعظم بالشلل الفكري و الجمود . فتخلف المسلمون عن الدين والمعنويات .
توسعت النشاطات الاعلامية والنشرات لمذهب المادي ولحب الوطن او لبذل النفس دونه من أواخر السبعينات وفي اوائل الثمانينات أزال الإستعمار القناع عن وجهه .
اشتدت الحملات التضليلية ضد الدين علانية لان الدولة بلغت أشدها وبلغت إلی قمم التطور. مكر المستعمرون بان يبيدوا الاسلام إبادة تامة إلی سنة 2000 م ومدوا ستاراً حديدياً لقطع العلاقات من الخارج واستخدموا من جميع الوسائل المباشرة وغير المباشرة للقضاء علی الشريعة الاسلامية .
هذه الجهود المتواصلة أثرت علی عامة الناس أثراً بالغاً و عرّف الاسلام علی أنه هو السبب للتخلف والتاخر وأنه ليس دينهم الاصلي وماكان دين آبائهم . وفيه عدم المراعات لحقوق النساء ويدعو الناس إلی الفتك الدامي .
أثارت هذه الحملات الشبهات والتشكيكات في اصول الدين ولم يقتصرعلی تشويه الاسلام اذا وجدوت حلية .
خدعوا بدعايتهم الجوفاء كثيراً من عامة المسلمين لاسيما المثقفين والشباب وزرعوا في أدمغة الجيل الجديد المذهب المادي والمباديء الهدامة وأخذوا منهم ايمانهم وعقولهم وحريتهم ومعنوياتهم وصلابتهم وجلادتهم ورجوليتهم علی غفلة فبذلك السبب المسلمون كانوا لايميزون حقيقة الاسلام من البدعات والاباطيل .
كان الشباب مشغولون باللعب واللهو وكانوا يرون الصلوة والصوم فقط في الشيوخ ولايفرقون الدين من الاسطورة والسحر .
الشيوخ قانطون والرجال لايرجحون أحكام الدين علی امور الدنيا ويظنون أن الإسلام كاديان أخری ولايؤثرون المعنويات علی المادية ويزعمون أن الإسلام في أركان خمسة فقط ولايميزون بين الصادق والعدو.
والنساء لايميزن العقائد السليمة عن الباطلة والحجاب كان في ظنهن رذالة وسفالة لهن وماكانت لهن  معلومات عن حقيقية الدين . كن يقلن ان الدنيا قصيرة وهي دارالعيش في الرغد فان لم نستفد فانها تمضي  وأنهن ما خلقن ان يجلسن داخل البيت طول اليوم واذا اجتنبن المعاصي في قلوبهن يكفيهن ولاباس ان يكن عرات الرأس ولاذنب بالجوارح لان التقوی في القلب فقط .
جماهير الشعب قبلوا تقدم الروس ورضوا به في حياتهم ، والنظام الشيوعي عرض لهم مثالاً أعلی وأنه لايبوء بالفشل قط حتی ما أعربوا عن استيائهم وما اظهروا إنزعاجهم لما هاجم الروس أفغانستان وهي البلدة الشقيقة الدينية وما وقع المسلمون سدّا دون الروس بل استقبلوها بالحفاوة والترحاب .
( إلی هنا أشرت إلی أحوال السواد الأعظم وجماهير الشعوب ) اما طائفة أخری وهم الذين تفانوا في سبيل الدين كانوا بين المسلمين إلی انهيار الاتحاد السوفييتي .
ذكرت أن في أواخر السبعينات توسعت الحملة الاعلامية ضد الاسلام ويرجع السبب في هذا الامر إلی أن الشعور الديني قد توسع بين المسلمين بتقدير الله وعونه في هذه السنوات.  رخص غورباتشوف إلی النهضة الاسلامية ايضاً كسائر النهضات رغم ضغوط المخالفين .

كتبه:عبدالولي الطاجيكي الطالب بالجامعة